الكاتب والمفكر البريطاني درس الكهنوت في روما... وأسلم وغادر الكنيسة «دون مشاكل»
إدريس توفيق: الإسلام هو الدين الطبيعي... وأهله ليسوا متعصبين
1 يناير 1970
11:49 ص
إعداد: عبدالله متولي
القاهرة - من حنان عبدالهادي
أصبح مثار العديد من الحكايات في وطننا العربي، وأيضا خارجه، فالكل يريد أن يعرف الرجل البريطاني الذي تحول من كاهن كاثوليكي درس الكهنوت في روما ـ الفاتيكان - إلى مسلم ورع، إنه إدريس توفيق الذي تثير قصته استغراب الملايين.
وإدريس رجل متواضع يزيد عمره على الأربعين عاما، وهو يعتبر مسألة إسلامه أمرا منطقيا حيث قال: «أرى حياتي تسير في خط مستقيم، ما يؤدي شيئا فشيئا إلى حيث أنا اليوم»، بالرغم من دراسته للكهنوت في روما لكن شكوكه حول مهنته أدت به في نهاية المطاف إلى مغادرة الكهنوت، ما أدى لفترة من عدم اليقين في الاتجاه الذي سيأخذه في حياته.
ويسرد إدريس لـ «الراي» - الذي التقته في القاهرة ـ قصته للتحول للإسلام قائلا: قررت أن أحصل على استراحة لبعض الوقت، وحجزت رحلة إلى مدينة الغردقة المصرية المطلة على ساحل البحر الأحمر، وعندما شعرت بالملل من الشاطئ اتجهت إلى القاهرة وتعرضت لصدمة ثقافية مختلفة تماما عما كنت أتوقع، وللمرة الأولى في حياتي أجتمع وأتحدث إلى المسلمين، وأراقب عن كثب الطقوس، وأستمع إلى الدعوة للصلاة، والناس تتوقف عن العمل للصلاة نحو مكة، ما ترك انطباعا عميقا لديَّ، وحرك قلبي تجاه الإسلام.
إدريس قال: إن أسبوع الأجازة أثر فىّ أكثر من أي شيء آخر وبدأ يزرع بذور الإسلام في قلبي، وكانت المرة الأولى التي تحدثت فيها مع المسلمين، ورأيت أنهم ليسوا متعصبين.
وهذا نص ما دار معه من حوار:
• كيف تحولت من المسيحية إلى الإسلام؟
- عندما التقيت إسلام يوسف قلت له: ماذا تفعل لتصبح مسلما؟ فأجاب: إنه ينبغي للمسلم أن يعتقد في إله واحد ويصلي 5 مرات في اليوم ويصوم شهر رمضان، فقلت له: كنت أؤمن فعلا بهذا وصمت مع طلابي المسلمين خلال شهر رمضان.
فسألني إسلام: ماذا تنتظر فقلت له لم أكن أنوي التحول.. وفي تلك اللحظة أذّن المؤذن للصلاة وكان الجميع على استعداد لها ووقفت خلف خطوط الصلاة فجلست أبكي وقلت لنفسي... من تحاول أن تخدع؟!
• هل كانت هناك مشكلة مع الكنيسة بعودتك للإسلام؟
- الناس والأحداث دفعتني إلى الإسلام، ما جعلني أغادر الكنيسة ولم تكن هناك أي مشكلة معها، لكن في الكنيسة نقدس الماضي، وقد استمتعت بما فعلت، وأنا أحب جميع أولئك الذين تعاونت معهم، أنا فقط لم أكن سعيدا من داخلي، والإسلام يجعل الله محور كل شيء، ويشمل الإسلام كل جانب من جوانب الحياة، إنها ليست الذهاب للكنيسة يوم الأحد، والإسلام يخبرك كيف تحيِّي الناس، وكيف تأكل الطعام الخاص بل وكيف أدخل للغرفة، كيف تفعل كل شيء في الحياة، بينما المسلمون ليسوا قديسين، والإسلام يشجع المسلمين على التفكير في الله في كل وقت وفي جوهره ينسب كل شيء إلى الله.
• هل هناك بيانات عن المتحولين من الغرب إلى الإسلام؟
- هناك القليل من البيانات المتاحة عن عدد المتحولين إلى الإسلام، ففي الولايات المتحدة هناك 100 ألف يتحولون كل عام، وقد وجد مقابل كل رجل يتحول إلى الإسلام أربع نساء يحذون حذوه، وأكدت دراسة صدرت حديثا عن يحيى ـ الذي كان سابقا جوناثان... وهو المدير العام السابق لهيئة الإذاعة البريطانية ـ أن هناك الآن 14200 من المتحولين البيض في بريطانيا، وأن الذين يعتنقون الإسلام يتسمون بهدوء وبساطة... إنه ليس دينا جامدا لكنه مولد للطاقة.
• ما دورك ككاتب ومفكر بريطاني في تعريف الغرب بالإسلام؟
- ككاتب ومفكر بريطاني اخترت أن ألعب دوري في الحرب التي تشنها وسائل الإعلام الغربية على الإسلام والمسلمين، إننا لسنا في احتياج لأخذ البركة من الغرب ولسنا في حاجة إلى إرضائهم بالتنازل عن عقيدتنا وقيمنا الإسلامية لكننا في حاجة ماسة إلى أن نعلمهم ما هو الإسلام الصحيح وما هي شخصية وسلوك المسلم الحقيقي.
• لقد كتبت 8 كتب عن الإسلام... فكيف عرّفت الإسلام؟
- أتيت من المملكة المتحدة، وتحدثت إلى كل الناس في العالم، كما قمت بالتحاور والتحدث إلى 8 جامعات، وذلك بمثابة التحدث إلى الناس، وتحدثت تقريبا لجميع الطلبة المسلمين، وكنت أقول لكل من يستمع إليّ وكل طلبتي إنكم تعرفون عن الإسلام أكثر مما أعرف وأنا فقط حديث عهد بالإسلام.
فقد أسلمت منذ نحو 10 سنوات، وأقول لهم إنكم مسلمون طوال عمركم، وأنتم تعرفون أكثر مني ولكن ما أقوله عن الإسلام لم تسمعوه من قبل، فأنا أتحدث عنه بكلمات بسيطة وجديدة وأيضا سعيد به، ولذلك فإن معلوماتي عن الإسلام جاءت من خلال كوني مسلما جيدا، وكتاباتي خلال «إسلام أون لاين» حيث تسأل الناس أسئلة عن الإسلام وكان يجب عليّ أن أتعلم... كيف أجيب عن الأسئلة، وتمت دعوتي لتدريس الماجستير في الدراسات الإسلامية في دمشق، وكانت دعوتي عن طريق مفتي دمشق لأنه رأى ما أفعله وقال إننا نحتاج ذلك التقريب.
• وماذا عن الصورة غير الحقيقية عن الإسلام التي يراها الغرب؟
- المسلمون في الدول العربية وفي البلاد الإسلامية بشكل عام مهتمون جدا بما يقوله الناس في الغرب عنهم، وهم يقولون: لماذا يقول الناس في الغرب هذا عن الإسلام، وقبل أن نسأل هذا السؤال يجب أن نسأل أنفسنا سؤالا: لماذا لا نكون مسلمين جيدين؟ وهذا سؤال مهم وعندما نستطيع أن نسأل أنفسنا هذا السؤال يمكننا أن نسأل بعد ذلك: لماذا يقولون كذا أو كذا عنا؟
فالمشكلة هنا لدينا نقول عن أنفسنا مسلمين ولا نستيقظ في الصباح لنصلي، ونتحدث عن الغرب الذي يقول أشياء مغلوطة عن الإسلام وعلينا أولا أن نفكر بحرص في تصرفاتنا، لكن من الصحيح أن هناك فهما خاطئا عن الإسلام، وعلى سبيل المثال كنت في أميركا ليس من فترة طويلة واكتشفت أن الأميركيين هم أناس جيدون ولطيفون، فهم يؤمنون بالرب ويذهبون للكنيسة لكن لديهم هذه الفكرة الغريبة عن الإسلام.
• مصطلح «إسلاموفوبيا» - الذي ظهر في الغرب - كيف يمكننا أن نعدل هذه الفكرة؟
- في الغرب دائما ما يكون هناك شيء ليلقي الناس عليه اللوم، فلسنوات عدة كان اليهود يلقون باللوم على العالم، وفي انكلترا الأيرلنديون يلقون باللوم على انكلترا .
وفي كل دولة هناك من يلقي باللوم، ونورمان ألقى باللوم على الإسلام ومن المؤكد أن وسائل الإعلام تأخذ ذلك ذريعة، كما أن هناك بعض الناس الذين لديهم أجندة مختلفة ضد الإسلام، ودعونا نؤكد على ذلك، كما أن أوروبا لها مشكلة هجرة فهناك مسلمون في أوروبا لكن هناك مسلمين يأتون من الخارج ليحصلوا على عمل وليس لديهم أوراق صحيحة والمشكلة أنهم قاموا بالربط بين مشكلة الهجرة والإسلام، الإسلام ليس هو المشكلة.
وعلى سبيل المثال إذا أخذنا المشكلة في سويسرا والتصويت الذي حدث ضد الإسلام، وأنا جلست مع أناس سويسريين وقلت لهم: إذا كانت لديكم مشكلة الهجرة في بلدكم فأخرجوها، وهؤلاء الناس لديهم مشكلة مع المسلمين الذين يأتون من الخارج، لكن الإسلام ليس هو المشكلة .
• لكن هناك من يقول إن الصراع والمواجهة المقبلة ستكون مع الإسلام والغرب... فماذا تقول له؟
- ليس هناك صراع... الإسلام ممتاز وهو موجود طوال الوقت، وهو الدين الطبيعي وليس هناك في الإسلام ما نخجل منه، لكن المشكلة في المسلمين وهناك الكثير من الأشياء التي تحدث ونخجل منها، لأننا لا نعيش الإسلام كما ينبغي لكننا نعيش بمعتقدات مختلفة، فالإسلام ليس هو المشكلة.< p>