عباقرة تحت العشرين (8) / ابتكر أول اختراعاته قبل أن يتم عامه العشرين... واستضافته «الراي» (2 من 2) م

مهند أبودية... عبقرية مبكرة ونبوغ علمي متميّز

1 يناير 1970 02:17 م
| القاهرة - من محمد عبدالفتاح |

خص الله بعض البشر بمواهب تميزهم عن غيرهم، وخواص فريدة تؤهلهم لأن يتفوقوا وأن يبدعوا في مجال ما، وعلى مر التاريخ، بدت قدرة الله تعالى واضحة، في براعم اصطفاهم بقدرات خارقة، ومواهب متفردة، نمت وترعرت وتوهجت، عندما وجدت تربة خصبة، وأجواء ملائمة ترحب بالإبداع وتعظم من شأنه، كما أن منها من لم تمنعه متاريس الجهل والتخلف وظروف الحياة الصعبة والقاسية، من البزوغ والظهور بقوة كشمس لا يحجب أشعتها حاجب.

وعلى مدى 15 حلقة، تغوص «الراي» في بحار العباقرة الصغار، الذين نضجت عقولهم مبكرا فأبدعوا في شتى مجالات الحياة سواء الفنية أو العلمية أو العسكرية وقدموا للبشرية خدمات جليلة واختراعات مميزة وهم دون العشرين عاما، لنعلم كيف تربوا، وكيف عاشوا، وكيف بزغت مواهبهم، وكيف تحدوا الصعاب وتغلبوا عليها، وكيف وكيف... ونتعرف عن قرب على ابتكاراتهم واختراعاتهم المميزة التي أفادت ولاتزال تفيد البشرية إلى يومنا هذا منذ أن كانت مجرد فكرة في أذهانهم إلى أن خرجت إلى النور ومراحل تطورها.

وهذه الحلقات ليس الغرض منها التسلية والترفيه في نهار شهر الصيام، ولكنها دروس بليغة، نتعلم منها كيف نكتشف الموهبة ونرعاها ونقدم لها العون والاهتمام، حتى نجني من ورائها المردود الطيب، كما نقدم هذه النماذج المشرفة لأبنائنا الصغار كي يستفيدوا منها ويتخذوا من هؤلاء العباقرة قدوة لهم، ونؤكد أن العباقرة الصغار أولى بالاهتمام والرعاية من سواهم أنصاف الموهوبين الذين يستحوذون على الاهتمام الأكبر والدعم المطلق رغم إسهاماتهم الهزيلة وغير المؤثرة في حياة البشر.

إننا في مجتمعاتنا العربية، نحتاج إلى مجتمع يهتم بمواهب أبنائه الصغار، بدلا من أن يجهد نفسه في تحطيمها بقصد أو من دون قصد؛ فلا يجني إلا فشلا وتدنيا وتأخرا وترهلا على كل المستويات... نحتاج منظومة بناء متكاملة متفاهمة، تعرف هدفها وترسم طريقها جيدا، وتنقب عن المواهب، وتسقيها بماء الحب والتقدير والاحترام والرعاية؛ لتعود إلينا بالخير والنماء، فالاهتمام بموهبة واحدة يعادل الاهتمام بعشر أو عشرين بل ألف من الشخصيات العادية التقليدي



كما تمكن مهند أبودية من تصميم أقلام ذات نهايات ممغنطة تتفاعل مع ورق خاص، تمت إضافة بعض الأنسجة المعدنية إليه، ويمكن وضع هذه الأنسجة في الدفاتر العادية ما يحسن خط المستخدم لهذه التقنية بنسبة تصل إلى 60 في المئة.

وقال: «الابتكار ليس فقط خاصا بالكتابة باللغة العربية، بل لكل اللغات المكتوبة ماعدا بعض اللغات الشرق آسيوية التي تكون الكتابة فيها من الأعلى إلى الأسفل».

ووفقا لصحيفة الوطن السعودية في عدد قديم... فقد ابتكر مهند قفازا يحول لغة الإشارة إلى صوت ، وتتلخص فكرة الابتكار في ارتداء الشخص قفازين متصلين بجهاز كمبيوتر صغير يوضع في الجيب ومن ثم يضغط زر التحدث وزر اختيار اللغة وبينما هو يتحدث بلغة الإشارة تقوم المجسات الموضوعة في القفازين بالتعرف على تلك الإشارات ومن ثم ترسلها إلى الكمبيوتر الذي يحلل بدوره تلك الإشارات ويقوم بتحويلها إلى أصوات عبر مكبرات صوت صغيرة مثبتة في طرفي القفازين... ويمكن اختيار نبرة الصوت لكي تناسب الشخص إن كان طفلا أو امرأة أو رجلا.

وأشارت مواقع إلكترونية... إلى أنه اخترع حذاء جديدا للسرعة هو عبارة عن وسيلة جديدة للمواصلات الفردية تضم زوجا من الأحذية الرياضية المزودة بالعجلات، ولكن ما يميز هذه الأحذية الرياضية المزودة بالعجلات، أنها تعمل بالكهرباء فكل حذاء منهما موصل بمحرك كهربائي «في قاعدة العجلة» يمكن أن يتم التحكم به عن طريق ساعة اليد ويمكن التحكم بالاتجاهات عن طريق ميلان جسم المستخدم إلى الجهة التي يريد الذهاب إليها. وابتكر سماعة أذن تنبه من يضعها ما إذا كانت وضعية جلوسه خاطئة أم لا.

ويعتبر مهند أبودية من أنشط المخترعين الذين تركوا ومازالوا بصمات مؤثرة على الصعيدين العلمي والاجتماعي في مجال الاختراع رغم صغر سنه، حيث شارك في أول فريق علمي سعودي لصناعة المسرعات النووية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وأنشأ مركزا للإنتاج الإعلامي العلمي وشركة للإلكترونيات المتخصصة ، بالإضافة إلى أكبر شبكة مواقع على الإنترنت للعلوم الفيزيائية باللغة العربية.

كما أنشأ الفرع السعودي في الجمعية الدولية لطلاب الفيزياء، وحاصل على المركز الأول في مسابقة الفيزياء على مستوى السعودية، وحصل على المركز الثاني في مسابقة الكيمياء على مستوى المملكة.

وفي 3 من أبريل من العام 2008 تعطلت سيارة مهند أبودية على الطريق عند سفره إلى الرياض وأثناء قيامه بإصلاحها اصطدمت به وبسيارته إحدى السيارات الطائشة ما أدى إلى إصابته في الدماغ وانتهى الأمر في ما بعد بإصابته بالعمى.

كما بتر الطبيب ساقه اليمنى بالخطأ ودخل في غيبوبة لمدة 20 يوما وقتها ظن الكثيرون أن هذه هي النهاية لذلك المخترع العبقري وجزموا بأنه لن تقوم له قائمة بعد ذلك.

غير أن مهند فاجأ الجميع وخرج من محنته أشد عزما وتصميما على مواصلة طريقه وقال ـ في حوار صحافي معه : إنني لم أذرف ولا دمعة واحدة بعد استيقاظي من الغيبوبة واكتشافي ما لحق بي من إصابات، وقد صدر عنوان في إحدى الصحف عن الحادث نصه «حادث مروع يحكي نهاية المخترع السعودي مهند أبودية»... وقال مهند إن هذا العنوان كان أصعب عليه من الحادث نفسه .

وبعد الحادث تحول العبقري الشاب إلى لهيب من الحماس يكاد يلتهم ما حوله، وقد برر ذلك في أحد لقاءاته قائلا: «إن كنت أتغذي على التحديات فإن الله رزقني وجبة دسمة من التحديات». وفاجأ كل من حوله أنه بعد الحادث ألقى ما يزيد على 100 محاضرة جماهيرية، وأخذ عدة اعتمادات دولية من عدة جهات أوروبية. وأنشأ مركزا علميا اسمه المركز السعودي لثقافة الاختراع. وبلغ عدد الاختراعات المسجلة باسمه 22 اختراعا مميزا



مهند الحكيم

وبعد الحادث الذي وقع للشاب بعد فترة قصيرة من زواجه أصبح مهند أكثر حكمة وردد عبارات حكم ومواعظ ذات معانٍ رائعة، فقد قال عندما سئل عن كيفية يومياته بعد الحادث وفقد ساقه اليمنى وبصره: إن لاعبي البلايستيشن يضعون اللعبة على الوضع الصعب لكي يشعروا بالإثارة، فأنا الآن ألعب نفس حياتي السابقة ولكن على الوضع الصعب.

وعندما سئل ماذا قدم له الحادث قال : إنني مثل السهم أحتاج لقوة تشدني إلى الخلف لكي أنطلق بقوة إلى الأمام.

وقد حل ضيفا على برنامج «بيني وبينكم» في قناة «الراي» مع الشيخ محمد العوضي بعد الحادث بسنة ونصف السنة، وقد ختم الحلقة بقوله: إن كنت فقدت إحدى ساقي فأنا أقف على جبل من الطموح... ونزع نظارته السوداء وقام بتحطيمها بيده قائلا :

أن يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور... ورمي بها أرضا. في إشارة حقيقية إلى أنه لن يعيقك عائق إذا كنت تملك إرادة فولاذية.

وقال: إنني أتغذي على التحديات، فإذا قال لي أحدهم «أتحداك» فإن الإدرنالين يعمل بجسمي.

وقال إنه قد حفر على مكتبه بالفرجار مقولة: إذا سخر منك الناس فأنت في الطريق الصحيح.