نجمات... غرقن في بحار الزواج / زيجات مستقرة... وتكريم غير مسبوق (2 من 2) / (20)

ليلى فوزي... أحلام تتحقق

1 يناير 1970 05:06 م
|القاهرة من داليا جمال طاهر|

«زواج على ورق طلاق»... هذه هي حال الزيجات الفنية، أو التي يكون أحد طرفيها فنانا أو فنانة، اذ أثبتت التجارب عبر عقود متتابعة، ان الزواج الفني محكوم عليه بالفشل... ولو بعد حين، الا نادرا.**

ويبدو من خلال مطالعة تجارب وحالات متنوعة ومتعددة، ان الثراء والشهرة، لا يصنعان - غالبا - زواجا متوجا بالنجاح والاستقرار، بل ان الواقع يؤكد ان العكس هو الصحيح، اذ ان الزيجات الفنية، على الرغم مما يتوافر لها من أسباب، تبدو نظريا كفيلة بخلق حياة أسرية هادئة، تعانق الفشل، وتبدو في نهاية الأمر كانها «نزوات عابرة... ولكنها شرعية».

في هذه السلسلة، لن نغوص كثيرا في أسباب فشل زيجات الفنانات - تحديدا - لتنوعها وتعددها وتشابكها واختلاف الروايات في شأنها، ولكن نعرض جانبا من أشهر زيجات الفنانات، التي لاتزال تحتفظ بالرقم القياسي فيه الراقصة المصرية الراحلة تحية كاريوكا، وبفارق محدود، تليها نجوى فؤاد وسهير رمزي، وربما كانت الأرقام المعلنة والمعروفة اعلاميا، أقل بكثير من الأرقام الواقعية والحقيقية أو حتى غيرها، فيما أكثر ما يتردد عن زيجات سرية لفنانات من ساسة ورجال أعمال، ولكن لا أحد يلتزم بصحتها من عدمه... والحكاية طويلة.

بطلات تلك الحلقات، ناجحات ومحظوظات ومتألقات ومتوهجات فنيا، ومحلقات بقوة في سماوات الشهرة والنجومية، ولكنهن فشلن، أو كُتب عليهن الفشل أسريا، ففي الوقت الذي كانت الفنانة تصنع فيه نجاحا، كانت تحصل على لقب مطلقة، وتخسر بيتها، لتبحث عن تجربة أخرى فاشلة.



... وللفنانة الكبيرة تجربة واحدة مع السينما العالمية هي فيلم «ابن كليوباترا» الذي شاهدها مخرجه وأعجب بها وبجمالها ورشحها لبطولته



جوائز وتكريم

حصلت ليلى فوزي على جائزة عن دورها المميز في فيلم «ضربة شمس» من قبل جمعية كتاب ونقاد السينما، كما كرمها مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في دورته الـ19 في 2003.

نالت تكريما من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ28، العام «2004»، وأعربت حينها عن سعادتها بالتكريم، معتبرة التكريم وساما على صدرها، خاصة أنه من بلدها مصر.

كانت بداية حلم السينما عند ليلى فوزي نبوءة من جدتها بأنها ستصبح نجمة ساطعة.

وظل الحلم يراود ليلى حتى سن الرابعة عشرة حينما وقفت للمرة الأولى أمام الكاميرات في فيلم «مصنع الزوجات» 1941، من إخراج نيازي مصطفى، كانت البداية صعبة بسبب رفض الأب، التاجر التركي الذي كان الإفلاس قد بدأ يضغط عليه، ولكن الطريق انفتح أمام الجميلة الصغيرة عندما رآها المخرج الكبير محمد كريم تلعب دور التلميذة في «مصنع الزوجات» فرشحها على الفور لدور زوجة في الثلاثين أمام محمد عبدالوهاب في فيلم «ممنوع الحب» في العام 1942.

كان نجاح ليلى في أداء الدور بقامتها الفارعة وأنوثتها المتفجرة هو الذي أعطاها الفرصة بعد ذلك لتقف إلى جوار عبدالوهاب في فيلمين آخرين هما «رصاصة في القلب»، و«لست ملاكا»، ومع ذلك فلقد ظلت ليلى فوزي- رغم تعدد أدوارها في الأربعينيات محصورة في أدوار البنت الرقيقة طيبة القلب التي تلعب الأدوار الثانوية من دون أن تتجاوز ذلك للعب أدوار البطولة بسبب ملامحها غير الشائعة وعينيها الزرقاوتين، ولكنها على الجانب الآخر نجحت في إثبات قدرتها كممثلة موهوبة، خصوصا عندما وقفت أمام فريد الأطرش في فيلمي «من أجل حبي» مع ماجدة و«حكاية العمر كله» مع فاتن حمامة.



نقلة نوعية

أهم أدوارها على الإطلاق فهو دور «فيرجينيا» جميلة الجميلات في فيلم «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين 1963، وهو الدور الذي شكل نقلة نوعية في مسيرتها نحو أدوار الشر التي تتطلب مهارات تمثيلية أكبر لأنها تكون عادة مركبة وليست بسيطة كأدوار الفتاة الطيبة المغلوب على أمرها، وحيث لا يعتمد الأمر على الجمال بقدر ما يعتمد على الموهبة، وكانت ذروة هذه الأدوار في فيلم «ضربة شمس» للمخرج محمد خان 1980، عندما لعبت ليلى دور زعيمة العصابة من دون أن تنطق طوال الفيلم كلمة واحدة مكتفية بالتعبير بملامح وجهها وعينيها.

ولكن مع تفاقم أزمة السينما في مصر توقفت ليلى فوزي كما هو الحال مع معظم جيلها عن العمل في السينما واتجهت نحو الدراما التلفزيونية التي أثبتت فيها نجاحا كبيرا، حيث شاركت في بطولة عشرات المسلسلات الناجحة للغاية ونقلت تألقها إلى التلفزيون الذي برزت في الكثير من أعماله التي انحازت إلى كلاسيكيات العمل التلفزيوني في مصر والعالم العربي مثل «النساء يعترفن سرا» و«الحرملك» و«بوابة الحلواني» و«هوانم جاردن سيتي» وغيرها عشرات الأعمال، وكانت ليلى دائما ما تردد أنها أحبت العمل بالتلفزيون لأنه أفرد لها مساحة أكبر للتعبير عن نفسها، حيث الأدوار ترسم لها خصيصا، وحيث يتم تكريمها بوضع اسمها بصورة لائقة.



كلمات ذات مغزى

من حين لآخر كانت تدون ليلى فوزي كلماتها، كلمات تحسها، وهذا بعض ما كتبته عن نفسها:

زيجاب مستقرة... وتكريم غير مسبوق

ليلى فوزي... «أنا ليلى أحب الحق، وأومن بالتوازن بين العقل والقلب، وأغضب عندما يضيع الحب، أكره المنافقين، وأحب صلاح الدين، الانفعال هو عيبي الأخطر، وأحب الألوان لعيني الأصفر، أجمل الرجال في نظري المثقف الثائر، وأحب الشهور لقلبي يناير، وأروع الأسماء عندي ليلى.

وفي موضع آخر: «ليلى، هي أنا، بكل ما غرسته الحياة في حدائق وجداني، ليلى فوزي التي هي أنا في معظم الأحيان عبارة عن نسيج وجداني من خبرة السنين، من قراءاتي، وعلاقاتي، وصدماتي، وأحزاني، من فشلي ونجاحي، لذلك لم أسع يوما منذ طفولتي لإحراج أحد، حافظت على الجميع لكي أحافظ على نفسي، احترمت الجميع لأظل محترمة دائما، وأكسب احترام الآخرين، دمعتي قريبة مثل كل دمعة بريئة ونقية تسقط من عين أبية في لحظة ضعف أو ألم، أما ضحكتي فلم تعد تنطلق من قلبي كما كانت في الأيام الخوالي، فلم يعد هناك «بال رايق»، ولم يعد هناك ما يدعو الضحكة لأن ترن و«تجلجل»، نحن في زمن تكفيه الابتسامة على الأكثر، لكن هذا لا يعني أنني متساهلة مع الفواجع والأحزان، فأنا لا أمنح طيور الحزن السوداء تصاريح بالإقامة الطويلة بين أغصاني، وعندما تهاجمني رياح الخماسين المتربة أغسل نفسي بأمطار الدموع أو رعود الرياضة، أو برق الذكريات».



ألقاب عدة

وخلال مشوارها مع السينما أطلق النقاد على ليلى فوزي العديد من الألقاب أبرزها جميلة الجميلات وفاتنة السينما وصاحبة أجمل وجه، فينوس السينما وست الحسن والجمال وهانم السينما المصرية... وظلت الفنانة الكبيرة حتى آخر أيام حياتها ترفض كتابة مذكراتها وبيعها للقنوات الفضائية مقابل إغراءات مادية كبيرة عرضت عليها، وكانت ترى دائما أن حياتها الفنية والشخصية مثل الكتاب المفتوح.

ليلى وجلال معوض والنكسة

حينما سئلت ليلى فوزي عن حالة زوجها الإذاعي جلال معوض أيام هزيمة 5 يونيو، تذكرت بمرارة وقالت: عندما وقعت النكسة كان إحساسي أن بلدي انهزم، وكنت متضايقة جدا ومكتئبة ككل المصريين، وكنت أشعر بما أصاب زوجي جلال معوض من حزن شديد، وأصابته حالة من الذهول والصمت التام، فلم يتكلم معي عن شيء، وفقد شهية الحياة، وكان نادرا ما يضحك، فقد كان قريبا جدا من الثورة ويعرف أدق التفاصيل، وعندما بدأت الحرب كان يتلقى بيانات ليذيعها لكنه اكتشف بعدها أنها ليست مضبوطة، وعلى الرغم من ذلك لم يتغير موقفه من جمال عبدالناصر، فقد كان متأكدا أن جمال عبدالناصر خُدع مثله في هذه الحرب، ولذلك كان يعتقد أن كل شيء سوف يعاد إصلاحه، وبالتدريج بدأ يعاود نشاطه المعتاد لكن مع مسحة حزن في كلامه وتصرفاته، وعندما تُوفي عبدالناصر تأثرت لأنني كنت أحبه كثيرا.



رحيل

توفيت ليلى فوزي إثر صراع مع المرض في يوم الأربعاء 12 يناير 2005 بمستشفى «دار الفؤاد» بالقاهرة، وشيعت جنازتها في حضور شعبي وفني كبير من مسجد مصطفى محمود بضاحية المهندسين بالجيزة، ليسدل الستار على حياة فنية هائلة وجديرة بالاحترام.