الجينات الوراثية «DNA»... سر الحياة وعظمة الخالق

1 يناير 1970 05:59 ص
إعداد د. أحمد سامح

اعضاء جسم الإنسان وانسجته تتكون من خلايا وبداخلها النواة التي تحوي 46 كروموسوما التي تحمل الجينات الوراثية ويتم تشفير المعلومات المهمة للوظائف العضوية الحيوية بداخلها وهي تحدد الفوارق بين الافراد في صفات الجنس الواحد.

وتنتقل المادة الوراثية من جيل لأخر خلال عملية التكاثر بحيث يكتسب كل فرد جديد نصف مورثاته من احد والديه والنصف الآخر من الوالد الآخر.


حمض «DNA»

تنتقل الصفات الوراثية من جيل إلى آخر ومن خلية إلى اخرى بواسطة الحمض النووي  «DNA» الموجود في نواة الخلية على الكروموسومات ويتكون من خيطين رفيعين يلتفان حول بعضهما على شكل حلزوني.

ويتألف جزيء «DNA» كما ذكرنا من خيطين او شريطين يلتفان حول بعضهما على هيئة سلم مزدوج اي انه سلم حلزوني يتكون «الدرابزين» فيه من متتابعات الفوسفات «P» والسكر «S» وتتكون درجات السكر من ارتباط قاعدتين نيتروجيتين.

والتتابع المحدد للقواعد النيتروجينية على شريط الـ «DNA» هو سبب اختلاف كل جين عن الآخر ويطلق على هذا التتابع «الشفرة الوراثية».

وعدد هذه القواعد اربع في حمض «DNA» وهي ادنيت «A» وجوانين «G» وثيامين «T» وستيوزين «C» وهذه القواعد الأربع «AGTC» تعتبر الحروف الهجائية لأي لغة كتابية وكل ثلاث قواعد من هذه القواعد الأربع تشير إلى حمض أميني معين الذي يكون جزءاً من بروتين الخلية وبعملية حسابية بسيطة نجد ان هذه القواعد الأربع يمكن ان تكون 64 ثلاثية كل منها تختلف عن الآخرى حسب القواعد اي انه بالحروف الهجائية الوراثية الأربعة يمكن تكوين 64 كلمة كل منها مكونة من ثلاثة حروف وتختلف عن الاخرى في تركيب القواعد.


الجينات الوراثية

وكل ثلاثية من هذه القواعد «كلمة» تشير إلى حمض أميني معين وحسب ترتيب هذه الثلاثيات بجوار بعضها يتحدد الجين الذي يتحكم في الصفة الوراثية بتكوين البروتين الخاص بهذا الجين.

وعند انقسام الخلية فإن حمض «DNA» ينقسم إلى نصفين بانفصال الخيطين او الشريطين الرفيعين المكونين له ويذهب كل نصف او خيط إلى الخلية الجديدة لينقل اليها الجينات الوراثية التي يحملها.


حمض «RNA»

وبما ان حمض «DNA» موجود في نواة الخلية فقط في حين ان تكوين البروتين من الأحماض الأمينية يكون في سيتوبلازم الخلية فإنه يجب وجود من يحمل رسالة الجينات من الخلية إلى السيتوبلازم لتكوين البروتين.

وحمض «RNA» هو الذي يقوم بهذه المهمة فيطبع حمض «DNA» ترتيب القواعد التي عليه على حمض «RNA» ليكون الأخير قواعد مطابقة ومكملة لها ويحملها إلى السيتوبلازم حاملاً رسالة الجينات التي في النواة لتكوين البروتين في حمض «DNA» على حمض «RNA» ثم ترجمتها إلى البروتين الخاص بالخلية.

وتتم هذه الطريقة المحكمة بدقة بالغة عند انقسام الخلية إلى خليتين ثم اربع ثم ثماني هكذا.

فنجد انه عند تجديد الانسجة فإن خلية الجلد تنتج خلايا جلدية وخلية الكبد تنتج خلية كبدية وهكذا ودون اي اخطاء.

كذلك عند تخصيب البويضة فالجنين الناتج يحتوي على الجينات (عدد من ثلاثيات القواعد) التي في خلية الأب والنصف الآخر من الأم.


الجينات وتكوين أعضاء الجسم

وقد نتساءل إذا كانت الخلية الأولى للجنين تحتوي عن الصفات الوراثية من الأم ومن الأب ثم انقسمت عدة مرات لتكوين الجنين فلماذا نجد ان الخلايا الناتجة من هذا الانقسام تختلف عن بعضها البعض اذ انها تكون اعضاء الجسم المختلفة وتختلف في تكوينها؟

واجابت دراكرام عبدالسلام استاذ علم الوراثة عن هذا السؤال: «انه بعد انقسام الخلية الأولى للجنين «البويضة المخصبة» تحدث عدة عمليات متتالية  معقدة ولكن محكمة تؤدي إلى هذا الاختلاف.

فالجينات الموجودة على الكروموسوم (والتي تتكون من ثلاثيات من قواعد حمض «DNA») ترتب نفسها في مجموعات «Structural genes» كل مجموعة يقودها جين عامل «Operaror» ويتحكم في هذه المجموعات الجين المنظم «Regulator» ويوجد في كل خلية عامل مثبط يؤدي إلى ايقاف عمل الجين العامل وعامل منشط يؤدي إلى نشاط الجين العامل. وطبقاً لتعليمات الجين المنظم فإن العوامل المثبطة او المنشطة تتحكم في هذه المجموعات فنجدها تعمل في بعض الخلايا ولا تعمل في خلايا اخرى وبالتالي فإن الجينات النشطة في بعض الخلايا تختلف حسب نوع العضو الذي به هذه الخلايا ويمكن تشبيه ذلك بجين منظم «جينات» مكون من عدة فرق متشابهة ولكن تعمل في تخصصات مختلفة يقود كل منها قائد ينظم عملها وبالتالي تختلف وظيفة الخلية من عضو لآخر.


الطفرة

جدير بالذكر ان نظام ترتيب الجينات ومكوناتها (وتتكون من عدة ثلاثيات من القواعد) تتم بطريقة محكمة ودقيقة للغاية لإنتاج البروتين الطبيعي الذي يتحكم فيه هذا الجين (سواء كان انزيماً او هرموناً او اي مكون نسيجي آخر).

ولكن قد يحدث احياناً ان تستبدل احدى هذه القواعد او احدى الثلاثيات مما يؤدي إلى اختلال في تكوين الجين وبالتالي تكوين بروتين غير طبيعي مثلما يحدث في الانيميا الوراثية المتجلية حيث تستبدل القاعدة «ادنين A» بالقاعدة «الثيامين T» في جلوبين الدم فتصبح الثلاثية GTG بدلاً من GAG وينتج الحمض الأمين فالين بدلاً من الحمض الأميني جلوتاميك ويؤدي ذلك تكوين هيموجلوبين يتحول إلى الشكلي المنجلى اذا تعرض لنقص الأوكسجين ويؤدي إلى الانيميا الشديدة. وبالمثل فإن اي تغير في ترتيب القواعد او في القاعدة نفسها في الجينات يؤدي إلى ترجمة خاطئة فيما تتحكم فيه هذه الجينات.

وبالرغم من ان الطفرات تؤدي إلى امراض وراثية الا ان وجودها مهم في الطبيعة اذ انها تؤدي إلى حدوث التطور الطبيعي للكائنات الحية.

فالطفرات الطبيعية هي المسؤولة عن تطور الحيوانات والنباتات في الأجيال المتعاقبة وكذلك تطور الإنسان واختلاف الاجناس البشرية في الشكل ومقاييس الجسم ولون الجلد ولون الشعر فكل جنس بشري له مواصفاته التي تميزه عن الشعوب الاخرى وتجعله أكثر ملائمة للجو والبيئة الخاصة به بالرغم من وحدة مصدر الإنسان من آدم عليه السلام.