الأطباء والصيادلة والفنيون مطالبون بإرشاد الصائمين وحل مشكلاتهم مع العلاج أثناء الصوم

المريض والتعامل مع الدواء في رمضان

1 يناير 1970 06:02 ص
| اعداد د. أحمد سامح |

الهيئة الطبية من اطباء وصيادلة وفنيين وتمريض يجدون انفسهم مطالبين خلال شهر رمضان المبارك بإرشاد فريق من المكلفين حول اتخاذ اي قرار نهائي بشأن تناول الدواء في شهر رمضان.

لأن اختلاف جرعة الدواء ومواعيد تناوله قد تكون سببا في انتكاسة المريض وتأخر شفائه وتعرضه لأزمات صحية طارئة.

والطبيب والصيدلي والممرض والفني تطرح عليه هذه الاسئلة وتلك التساؤلات وهذا امر طبيعي ومنطقي فهم الجهة المختصة والاكثر جدارة من غيرهم في مجالات تقييم المرض وتحديد جرعة الدواء ومواعيد تناوله خصوصا الاطباء المخولين بتغيير مواعيد تناول الدواء وتحديد مقدار جرعتها.

كذلك يتساءل الصائمون عن الادوية التي تفطر في رمضان والادوية التي يجوز استخدامها في نهار رمضان مثل الحقن والمسكنات ومضادات الألم وحقن المغص وحقن الربو والحساسية والقطرات وبخاخات الربو والقطرات في العين وبخاخات ونقط الانف والحقن الشرجية.

ولأن قطاعا كبيرا من الصائمين يعانون من مرض السكري ويعالجون بحقن الانسولين فماذا عند استخدام الانسولين ومواعيد تعاطيه والمحاذير في العلاج بالانسولين لمرضى السكري في رمضان، كل هذا سنجيب عنه بالتفصيل في هذه الدراسة.

عزيزي القارئ لقد جاء الطب الحديث ليحل مشكلة متعلقة بكيفية التطبيق العملي لأداء فريضة الصيام لاسيما ذلك الالتباس الذهني الذي يكابده على صعيد الصيام.



الطب الحديث وعلم الادوية يحل مشكلة الصائمين اثناء تناول العلاج.

فقد كانت مشكلة تناول الدواء في رمضان تسبب حيرة وقلقا للهيئة الطبية من اطباء وصيادلة وفنيين وتمريض خوفا من تأخر الشفاء او حدوث مضاعفات عند عدم تناول الادوية في مواعيدها المحددة.

وأدوية كثيرة حديثة تعطى مرة واحدة في اليوم او مرتين لعلاج كثير من الامراض كأنها اخترعت خصيصا لعلاج المرضى الصائمين.



أدوية الذبحة الصدرية

تنجم الذبحة الصدرية عن ضيق في شرايين القلب التاجية فإذا كانت اعراض الذبحة الصدرية مستقرة بتناول العلاج ولا يشكو المريض من اي ألم بالصدر فيمكنه صوم رمضان بعد مراجعة الطبيب للتأكد من امكانية تغيير مواعيد تعاطي الدواء.

ومن اشهر ادوية الذبحة مركبات النيترات مثل الايزورديل وغيره.

ويوصي الاطباء حاليا بالحفاظ على فترة تبلغ 12 - 14 ساعة ما بين الجرعتين وكأنها جعلت خصيصا للصائمين.

فقد وجد الباحثون ان اعطاء هذه الادوية كل 6 ساعات يؤدي الى فقدان مفعولها فيمكن للصائم تناولها عند الافطار والسحور.

ولا ينصح بالصيام للمرضى الذين يشكون من الذبحة الصدرية غير المستقرة او الذين يحتاجون لتناول حبوب النيتروجلسرين تمت.



أدوية ارتفاع الضغط

ارتفاع ضغط الدم يصيب 10 - 20 في المئة من الناس في العالم.

ومن ادوية ارتفاع ضغط الدم «التنورمين» ويعطى عادة مرة واحدة او مرتين في اليوم.

وتستعمل مثبطات «ايس» «ACE Inhibitors» وهي كثيرة مرة واحدة او مرتين في اليوم ويمكن اعطاؤها عند السحور وعند الافطار.

وتوجد مجموعة من الأدوية الجديدة تعطى مرة واحدة يومياً مثل الكوفرسيل والزستريل والزيستوريتك والكوزار والهزار والانهيباس والنورفسك وغيرها وتنصح بأن تعطى عند السحور بانتظام.

ويجب على المصاب بارتفاع ضغط الدم الشرياني بتقليل تناول المخللات والحوادق وخفض نسبة الملح في الطعام بقدر الامكان.

والحذر من تناول العرقسوس لأنه يحتوي على نسبة عالية من أملاح الصوديوم وطليعة مكونات هرمونات الكورنيكوستيرويد التي ينتج عن استمرار تناولها ارتفاع ضغط الدم.



أدوية قرحة المعدة

كثيراً ما يستطيع المصابون بقرحة المعدة المزمنة الصيام شريطة تناول الأدوية المثبطة لافراز الحامض المعدل مثل الرندتين «الزنتاك» وغيره.

وحديثاً ادوية كثيرة لعلاج القرحة الهضمية مثل «الأومييرزول» اللوسك والجزيك والريسك والتكابرون والنكسيم والبتازول تعطى مرة واحدة يومياً وتعطى عند السحور.



مسيلات الدم في رمضان

يستعمل الكثير من مرضى القلب والشرايين وأصحاب الصمامات الاصطناعية ودعامات القلب وبعض مرضى جلطات الشرايين التاجية وغيرهم ادوية تزيد من سيولة الدم.

ومن هذه الادوية «وارقرين» ودواء «بلاميكس» الحديث ويحتاج استعمال «رافرين» مراقبة مستوى سيولة الدم ويراجع هؤلاء المرضى طبيبهم بصفة مستمرة لمراقبة جرعة الدواء المناسب.

وفي رمضان يمنع الصائم عن الطعام والشراب ما قد يثير التساؤلات فيما اذا كان الصيام يزيد من لزوجة الدم وتجلطه.

وهنا لابد من استشارة الطبيب المعالج ومتابعة الحالة ومراقبة سيولة الدم مراقبة دقيقة قبل اتخاذ قرار الصيام.



أدوية الصداع «الشقيقة»

يحتاج المصابون بصداع الشقيقة عادة إلى تناول الحبوب المسكنة والمخففة وأدوية علاج الشقيقة مثل الباراستيمول والبونسنتات والكفرجون والبروزاك وغيرها عند حدوث نوبة الصداع.

هؤلاء المرضى يجوز لهم الإفطار وقد تستجيب حالتهم وتتحسن عند استعمال أنواع من التحاميل «لبوسات» مثل تحاميل الكفرجون والبونستان والنوفالجين والأولفن وغيرها.

وقد أفتى بعض العلماء كابن تيمية وابن حزم والقرضاوي بأن التحاميل الشرجية لا تفطر.



استخدام المضادات الحيوية

كثير ما يسمح الطبيب للمريض الذي يتناول المضادات الحيوية بالصيام فكثير من المضادات الحيوية ذات مفعول طويل على مختلف أنواعها وتعطى مرة واحدة يومياً أو كل 12 ساعة.



أدوية الروماتيزم أثناء الصوم

غالبية الأدوية المستعملة في علاج أمراض الروماتيزم نوعان:

> النوع الأول: ويسمى مضادات الالتهابات غير الكورتيزونية مثل الاسبرين والبروفين والاندوسيد والفولتارين وأمثالها.

وتختلف هذه الأدوية من حيث قوتها ومدة مفعولها في جسم الإنسان ويوجد من كل هذه الأنواع ما يعطى مرة واحدة في اليوم أو مرتين «طويل المفعول».

> النوع الثاني: هي الأدوية المضادة للالتهابات الكورتيزونية ويستخدم في الكثير من الأمراض ولا يجوز استعماله دون استشارة الطبيب ويمكن تناول اقراص الكورتيزون بعد السحور والافطار.

وينبغي عدم تناول ادوية الروماتيزم والادوية المسكنة للألم بنوعيها الأول والثاني الا بأمر الطبيب واتخاذ القرار الطبي في كل حالة على حدة.



أدوية الصرع

حينما يسمح الطبيب لمريض الصرع صاحب الحالة المستقرة بالصوم لفترة طويلة ولا تهاجمه نوبات الصرع والذي يساعد الصيام على تحسن حالته النفسية فيمكن تناول دواء الصرع عند الافطار وذلك تحت اشراف ومتابعة طبيبه المعالج.



أدوية الربو والصوم

قد تكون نوبات الربو خفيفة لا تحتاج الى تناول أدوية عن طريق الفم كما يمكن اعطاء المريض اقراص الأمينوفلين طويلة المدى عند الافطار والسحور وذلك تحت اشراف الطبيب المعالج.

وكثير من مرضى الربو يحتاجون لتناول «بخاخ الربو» وهناك من العلماء من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر ويمكن تناولها اثناء النهار.

كذلك توجد تحاميل لعلاج الأزمات الربوية والتي أفتى بعض العلماء بأنها لا تفطر.





الصوم وقطرة العين



قطرة العين عليها خلاف فمن العلماء من افتى انها تفطر لأنها تصل الى جوف الانسان نظرا لاتصال التجويف الانفي بالبلعوم.

ويفتي فريق آخر من العلماء بأن القطرة لا تفطر وقالوا من قطر في عينيه او اذنيه للتداوي لا يفسد صومه بذلك وهو صحيح.

لأن ذلك لا يسمى أكلا ولا شرابا لا في العرف العام ولا في لسان الشرع ولأنه لا يدخل من مدخل غير المعتاد للطعام والشراب.

ولو أخر المريض التقطير في عينيه او أذنيه الى المساء والليل ما بعد الافطار ان لم يكن في هذا التأخير ضرر على صحته وبعد استشارة طبيبه المعالج كان أحوط للخروج من الخلاف.





العلاج بالحقن أثناء الصوم



كثير من الامراض تحتاج الى العلاج بالحقن مثل الالتهابات الميكروبية التي تصيب كافة اجهزة الجسم الحلق والبلعوم والجهاز التنفسي والجهاز البولي والجلد وغيرها من الامراض التي تسببها الميكروبات والفطريات.

وأمراض اخرى عديدة تحتاج للعلاج بالحقن المسكنة للألم وارتفاع الحرارة والروماتيزم.

وحالات المغص تحتاج للعلاج بالحقن المضادة لتشجنات الامعاء وألم الكلى والصداع. كذلك بعض امراض الحساسية تحتاج العلاج بحقن الكورتيزون وقد افتى علماء المسلمين على ان هذا لا يفطر لأنها ليست مواد غذائية او فيتنامينات والتي تؤخذ بهدف التقوية والمساعدة على الصيام.





العلاج بالأنسولين والصيام



أما بالنسبة للمريض الذي يتعاطى الانسولين طويل المفعول الذي يمكن الاعتماد عليه كعلاج للصائم في رمضان لأنه عند تغير موعد اعطاء هذه الحقنة فإن ذلك يوفر للمريض اقل المستويات من سكر الدم في مراحل الصيام وبالتالي فإنه لا يدخل في غيبوبة السكر.

وأما المريض الذي يتناول الانسولين قصير المدى فقط فلا مجال له للصيام حيث انه يحتاج الى تناول ثلاث جرعات يومية.

ويجب على مريض السكر ان يعرف علامات نوبات ارتفاع السكر ونوبات انخفاض السكر والاهتمام بمراجعة الطبيب فور احساسه بأي مشكلة صحية.





الشيخوخة في إطارها العام حالة صحية تستدعي الاهتمام والرعاية



المسنون ... وقدرتهم على تحمل الصيام



المفهوم الشامل للمرض الذي يعنيه الأطباء في وقتنا الحاضر ويسيرون على مبادئه يطول ضمن إطاره العام مرحلة الشيخوخة من العمر التي قد يصل كل مكلف بأداء فريضة الصيام في مشارفها أو يخوض في أعماقها.

وفي عصرنا الحديث أصبح المسنون يشكلون شريحة واسعة في معظم المجتمعات البشرية وفي بلادنا الاسلامية فإن معدلات متوسط العمر قد طرأ عليها تقدم ملحوظ في السنوات الأخيرة الأمر الذي يجعلنا نشاهد في كثير من الأقطار الإسلامية مجموعة كثيرة من المسنين الذين لا يزالون على قيد الحياة.

كما أن عدداً كبيراً لايزال يحتفظ بقدرات عالية من الوعي الذهني لا تسقط عنهم التكليف بأداء فريضة الصيام.



الشيخوخة في إطارها العام حالة صحية تستدعي الاهتمام والرعاية لذلك كان من المهم مناقشة قدرتهم على صيام شهر رمضان وبحث التغيرات الفسيولوجية للصوم على أجسامهم وصحتهم.

علاقة الصيام بالشيخوخة

ونحن نبحث عن علاقة الصيام بالشيخوخة فإننا نركز على ما تتميز به الشيخوخة من الوجهة التكوينية والفسيولوجية من نقص مستمر من القوى العضوية بصورة عامة ومن فقدان متواصل لإمكاناتها الوظيفية على مستوى الأجهزة الجسمانية كافة.

وتنجم عنه بالتالي درجة عالية من الوهن العضوي والشامل الذي يؤدي كما هو طبيعي الى عدم تمكين هذه الاجهزة من اداء وظائفها بالكفاءة المطلوبة وبالسرعة الكافية كما هي الحال عادة في سنوات الشباب.

ولذلك كانت علاقة الشيخوخة بالصيام مجال بحث واهتمام من الأطباء في كل أنحاء العالم.

الاطباء يمنعون المسنين من القيام بأي جهد مهني أو فكري يفوق طاقاتهم العضوية نظراً لكونها اصبحت تعاني من تدن متزايد في مستوياتها العادية.

ويطلب الاطباء من المسنين التقيد بنظام معيشي وغذائي خاص يتماشى الى حد كبير مع قدراتهم الوظيفية المحدودة في هذه الفترة المتقدمة من العمر.

الصوم والتقيد بنظام خاص

يفرض الصيام على المسنين مواعيد محددة للافطار والسحور وهذا التقيد بمواعيد محددة للافطار والسحور في رمضان قد يتناقض مع ما يوصى به الاطباء المسنين في طريقة معيشتهم وطريقة الاطعام.

وقد يقبل معظم المسنين على الافطار بعد انتهاء الصيام بكثير من النهم والشراهة لتناول أكبر كمية ممكنة من الطعام والشراب خلال فترة قصيرة من الوقت وذلك تحت ضغط مشاعر الحرمان والجوع والعطش وهذا لا يتناسب مع الكمية المفاجئة الكبيرة من الطعام والشراب.

الشيخوخة والجهاز الهضمي

على صعيد الجهاز الهضمي بصورة خاصة فإن أولئك الأشخاص الذين يتسنى لهم الوصول الى مراحل متقدمة من العمر نجد ان أكثرهم يصابون بتلف واسع في الخلايا الغدية «Glands» لأعضاء الجهاز الهضمي وهي التي تعمل من خلال تكوينها وطبيعتها الفسيولوجية على افراز مستمر لمجموعة من الخمائر «انزيمات - Emzymes» الهضمية.

وهذه الخمائر كما هو معروف عنها هي المسؤولة عن تحويل كل انواع الاطعمة المتناولة في الوجبات اليومية كما ان هذا التلف يؤدي حسب ما قررته الابحاث العلمية والدراسات الطبية الى نقص واضح في قدرة المسنين على اتمام عملية هضم كافية لعدد من المواد الغذائية وبكمية وافرة من الاطعمة نتيجة لنقص هذه الخمائر الهضمية.

وفي الوقت نفسه، نجدهم مصابين بضعف عام في التشنج العضلي لمعظم اعضاء الجهاز الهضمي وهذا التشنج العضلي هو المسؤول عن عجن الاطعمة في داخل اجزاء الجهاز الهضمي ثم القيام بدفعها تدريجياً لاستغلالها بصورة نهائية ثم امتصاص موادها الغذائية وطرح ما تبقى منها الى الخارج كفضلات يومية.

لذلك ينتج عن هذا كله لدى هؤلاء المسنين اضطرابات هضمية متعددة قد تسبب عند البعض تبدلات وظيفية على درجة عالية من الحدة وبأعراض سوء التغذية في كل أعضاء الأجهزة البنيوية.

استشارة الأطباء قبل الصوم

على الطبيب أولاً واجب تقييم امكانات المسنين الصحية وتحديد قدراتهم العضوية الوظيفية لأداء هذه الفريضة الكريمة طوال شهر رمضان.

كما ان عليه الأخذ بعين الاعتبار الاحتمالات الصحية كافة التي يمكن ان تنشأ عند هؤلاء المسنين خلال ادائهم فريضة الصيام وكذلك الاشتراكات السيئة والخطيرة التي قد تحدث نتيجة التغير الحاصل في توقيت الوجبات وفي مقاديرها في معظم الموائد الرمضانية.

ومن جهة أخرى، على الطبيب ألا يهمل امكان حدوث التنشف النسيجي الذي قد يصاب به فريق من المسنين طوال ساعات الصيام وعلى الأخص اثناء الايام الحارة وما قد ينشأ من اشتراكات سيئة على معظم البنية الجسمانية وبشكل مباشر الجهاز الدوري والجهاز البولي.

ويجب أن يضع الطبيب نصب عينيه النقص الطبيعي الحاصل بصورة مستمرة للخمائر «الأنزيمات» الهضمية على اختلاف أنواعها ومصادرها.

وكذلك القدرة على افرازها عند المسنين من قبل الخلايا الغدية المختصة وانعكاسات هذا النقص المتزايد على صعيد عملية الهضم برمتها.

وقد أظهرت الابحاث الكثيرة في هذا المجال ان هؤلاء المسنين لا يستطيعون اتمام عملية الهضم برمتها بصورة كافية وعلى الأخص عند تناول كمية وافرة من الأطعمة دفعة واحدة كما يحدث الأمر عند الافطار عند كثير من الصائمين.