حدث في (12) رمضان / وفاة ابن الجوزي

1 يناير 1970 10:09 م
توفي الإمام عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي في الثاني عشر من رمضان عام 597هـ، وينتهي نسب ابن الجوزي إلى الخليفة الراشد أبي بكر الصديق، وقد برز في علوم كثيرة وصنف حوالي ثلاثمئة مصنف في شتى فروع العلوم. ولد ابن الجوزي سنة 510هـ، ومات أبوه وعمره ثلاث سنين، فكفله أعمامه وكانوا تجارا في النحاس؛ لذلك عُرف في شبابه بعبد الرحمن الصفار أي النحّاس. فلما ترعرع جاءت به عمته إلى مسجد محمد بن ناصر الواعظ الحافظ، فلزمه ابن الجوزي وقرأ عليه وسمع منه، ثم جلس لابن الزغواني إمام الحنابلة في وقته، وتفقه على يديه، ودرس الفقه على يد أبي منصور الجواليقي.
أحب ابن الجوزي الوعظ وحفظ منه أجزاءً كثيرة، وترقى فيه منذ أن كان في العشرين من عمره حتى صار علما على هذا الفن، وأستاذه الأول بلا منازع، فلم يسبقه أحد، ولم يلحق شأوه فيه وتفرده في طريقته وشكله وفصاحته وبلاغته، مع عذوبة صوته وحلاوة صياغته وغوصه في المعاني البديعة، وتقريبه الأشياء الغريبة بما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك، وقد سأله يوما رجل بغيض يكرهه أمام جمع من الناس في بغداد فيهم شيعة وسنة، فقال له: أيهما أفضل أبو بكر أم علي؟ فقال على الفور: «من كانت بنته تحته فهو أفضل» فظن الشيعة أنه عليٌّ، وظن السنة أنه أبو بكر.   كانت وفاة ابن الجوزي ليلة الجمعة بين العشاءين 12 من رمضان سنة 597هـ، وله من العمر سبع وثمانون سنة، وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيرا جدا. ودفن بباب حرب عند أبيه بالقرب من مقبرة الإمام أحمد، وكان يوما مشهودا، حتى قيل إنه أفطر جماعة من الناس من شدة الزحام وشدة الحر، وقد أوصى أن يكتب على قبره هذا الأبيات:
 يا كثير العفـو يا من ... كثرت ذنبـي لديـه
جاءك المذنب يرجو ... الصفح عن جرم يديـه
أنا ضيـف وجزاء ... الضيـف إحسان إليـه