شادية ... معشوقة الجماهير 12 / همسات ترددت بقوة في الوسط الفني حول علاقة «حبها» أحالت حياتها الى جحيم لا يطاق
الفتاة العذبة النحيلة في مواجهة الطوفان
1 يناير 1970
03:23 م
|القاهرة - من أحمد نصير|
«الدلوعة»... «معبودة الجماهير»... «بنت مصر»..«قيثارة مصر»... «عروس السينما العربية»... «ربيع الغناء والفن العربي»... و«معشوقة الجماهير»... هكذا لقبت الفنانة المصرية المعتزلة شادية، هذه النجمة الاستثنائية في عالم الفن العربي. عنها قالت سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم «ان شادية صاحبة صوت جميل، سليم، متسق النسب والأبعاد، مشرق، لطيف الأداء يتميز بشحنة عالية من الأحاسيس، وبصوتها فيض سخي من الحنان، وشادية واحدة من أحب الأصوات الى نفسي».
أما العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ فقال: «ان شادية هي المفضلة لديّ غناءً وتمثيلا من بين كل الفنانات».
هذا عن شادية المطربة، أما شادية الممثلة فقال عنها أديب مصر العالمي الراحل نجيب محفوظ «ان شادية ممثلة عالية القدرة وقد استطاعت ان تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي الى الشكل السينمائي، وكانت «حميدة» في «زقاق المدق» صورة لتلك القدرة الفائقة التي لا أتصور غيرها قادرا على الاتيان بها، وهي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم «المرأة المجهولة» وتصورت ان بمقدورها ان تحصل على جائزة «الأوسكار» العالمية في التمثيل لو تقدمت اليها».
انها شادية التي استطاعت عبر مئات الأغاني و116 فيلما سينمائيا ان تقول للجميع انهم أمام حالة فنية غير مسبوقة.. انها الفنانة التي فرضت نفسها وسط عمالقة الغناء واجتذبت قاعدة كبيرة من الشباب... وبقدر ما كانت بسيطة، كانت عميقة، بقدر ما راهنت على الفن.. راهنت على الجمهور، ونجح رهانها في المرتين. والدليل انها بقيت نجمة الشباك الأولى في السينما العربية لأكثر من ربع قرن. أسرار ومواقف وحكايات مثيرة كثيرة في حياة معشوقة الجماهير... سنتعرف عليها في 15 حلقة، عبر «الراي»... نقترب من تفاصيل حياة هذه النجمة سواء في الفن أو بعد اعتزالها وارتدائها الحجاب ومواصلة مشوار عمرها في رحاب الله، ورفضها التام العودة للغناء أو حتى الظهور على الفضائيات مقابل ملايين الدولارات حتى ان البعض شبهها بـ «رابعة العدوية»... فابقوا معنا... حلقة بعد أخرى مع شادية.
لقد تمكن الحب من قلب كل منهما-شادية وعماد- وحدث في ذلك الوقت أن سافر عماد حمدي الى الاسكندرية لتصوير بعض المشاهد الخارجية لفيلمه «آثار على الرمال»، وأمضى هناك 23 يوما، مرت عليه طويلة ثقيلة، فكان يكتب لها رسالة غرامية ملتهبة كل يوم تحمل أحر عبارات الحب وكلمات العشق، وتكتوي بنار الفراق.
وللمرة الأولى في حياتها كتبت شادية رسالتين احتوتا كل ما يضمه قلبها الصغير من مشاعر حب فياضة نحو عماد حمدي الذي انتظر رسائلها بلهفة المشتاق، وأخفى هاتين الرسالتين، اللتين عطرتهما شادية بعطرها الخاص، الى جانب ما حملتاه من عبارات تسجل مشاعرها الملتهبة - في مكان أمين بعيدا عن نظر زوجته فتحية شريف، التي كانت بدأت تترامى الى سمعها قصة زوجها مع حبيبته شادية، لكنها كانت في حيرة ما بين الرفض والتصديق، خاصة بعدما نشرت احدى المجلات في ذلك الوقت - اسمها «الفن» - خبرا تكهنت فيه بقرب زواج شادية من عماد حمدي الذي أسرع الى تكذيب الخبر، بل رصد مبلغ ألف جنيه، بكل قيمة هذا المبلغ في ذلك الوقت - سيدفعه للمجلة اذا تحقق ذلك الخبر، وذلك في محاولة منه لصرف نظر زوجته وعقلها عن التفكير في الأمر.
لكن الهمسات التي كانت تتردد بقوة في الوسط الفني حول علاقة الحب بين شادية وعماد حمدي، وتترامى الى منزل فتحية شريف، أحالت حياتها مع عماد حمدي الى جحيم لا يطاق، ولم يجد أمامه الا أن يهجر البيت ليقيم في شقة بمفرده.
أما شادية فقد سافرت الى الاسكندرية للاستجمام بعد أن انتهت من تصوير فيلم «أقوى من الحب» الذي قاما معا ببطولته، وكان الهدف الحقيقي للسفر الابتعاد عن الشائعات، لكن عماد حمدي لحق بها، وكان يحوم بسيارته أسفل نافذة غرفتها في فندق «السيرو» ويتسلل ليراها على شاطئ «جليم»، الذي شهد أروع وأكثر فصول قصة الحب دفئا، بينه وبين شادية.
زواج تحت التهديد
وقصة زواج شادية وعماد حمدي لا تخلو من الغرابة والاختلاف وكأن هذا الاختلاف كان سمة قدرية من سمات الفتاة العذبة النحيلة الجميلة شادية.
فربما كانت قصة الحب بين شادية وعماد حمدي طالت أكثر قبل أن تكلل بالزواج، وربما كانت انتهت مثلما انتهى فيلمهما «أقوى من الحب» بعودة الحبيب الى بيته وأسرته، لأنهما أقوى من الحب، كما حدث في الفيلم.
كان يمكن أن يحدث هذا لولا أن رسالتي شادية المعطرتين وقعتا في يد فتحية شريف زوجه عماد حمدي - بالصدفة البحتة، ذلك أن الخادم الذي كان يعمل في بيت الزوجية، كان يذهب بين الحين والآخر الى الشقة التي كان يقيم فيها عماد حمدي بمفرده ليتولى تدبير شؤون البيت، وذات يوم طلبت «فتحية» حقيبة للسفر من شقة عماد، حيث كان يحتفظ بحقيبتين، أخفى في احداهما رسالتي شادية الغراميتين، وعندما طلبت الحقيبة، قال للخادم احمل احدى الحقيبتين اليها، ونسي موضوع الرسالتين.
وتصادف أن أخذ الخادم الحقيبة التي بها الخطابان، ليقعا، في يد زوجته، ليتحول شكها في وجود علاقة بين زوجها وشادية الى يقين وجنون!
حملت فتحية شريف الرسالتين كالمجنونة الى صديق زوجها مدير استوديو مصر في ذلك الوقت محمد رجائي، وهددت باثارة فضيحة كبرى للفنانة الصغيرة، وطلبت منه أن يبلغ ذلك لصديقه عماد حمدي، فأسرع اليه وأبلغه بأن زوجته عازمة على الانتقام، وأنها ستفضح شادية بالرسالتين وستنشرهما في الصحف، وستشوه وجه شادية بماء النار.
وقع عماد حمدي في حيرة من امره، بين أن يضحي ببيته، أو أن يضحي بحبيبته، لكن الموقف حسم بعد أن تصرفت زوجته على هذا النحو الطائش، فقد قرر أن يطلقها ويتزوج شادية ويقطع عليها طريق الاساءة لسمعتها وتدميرها، فأسرع الى اخبار شادية بالأمر وأبلغها ضرورة أن يتصرفا بسرعة.
كان زوج «سعاد شاكر» شقيقة شادية، من أشد المعجبين بفن عماد حمدي وبشخصه أيضا، وكان يقيم وزوجته في «جليم» بالاسكندرية لتمضية الصيف ولما علم بالأمر استدعى شادية وعماد حمدي، وأحضر المأذون وأتم زواجهما، وفي الوقت ذاته طلق عماد حمدي زوجته فتحية شريف، وفاجأها بارسال وثيقة الطلاق بسرعة، وبذلك أصبح تهديدها بنشر رسالتي شادية الغراميتين لا أهمية له بعد أن أصبحت شادية زوجته.
طلاق مفاجئ
عاشت شادية وعماد حمدي أسعد أيام حياتهما، ومضت بهما الشهور والسنون على أجنحة السعادة والحب، ثلاث سنوات رفرف فيها الهناء والرخاء على حياة الزوجين الحبيبين الى أن بدأت رياح الغيرة تعصف بكيانها بسبب فارق السن الكبير بينهما.
وكانت تتمنى الانجاب من أول أزواجها عماد حمدي، كان كيانها مفعما بحلم الأمومة، الذي لم يتحقق لها طيلة حياتها رغم حبها الشديد للأطفال، وحاولت الانجاب فعلا رغم نصائح الأطباء لها بخطورة الحمل على صحتها، وحملت لكن الله لم يحقق لها رغبتها.
وكما تم زواج شادية وعماد حمدي في شكل سريع ومفاجئ للجميع، تم أيضا طلاقهما بشكل مفاجئ العام 1956، بعد أن كانت الغيرة على شادية من جانب عماد حمدي بسبب فارق السن بدأت تأكل حبه وقلبه، وتتحول الى قضبان تخنق شادية وحبها له.
وانتهت أجمل قصة حب عرفها الوسط الفني في الخمسينات بالطلاق، وكان على شادية بعد ذلك أن تواجه سيلا من الشائعات حاصرها، وربط بينها، وكثيرين من نجوم الوسط السينمائي والغنائي والصحافي أيضا، الى أن تخلصت من هذه الشائعات بزواج جديد!