عادل أدهم... برنس الفن على الشاشة / ولد في الإسكندرية العام 1928... وكان الطفل المدلل لأسرته
صاحب الألف وجه.... رحلة إلى النجومية
1 يناير 1970
06:07 م
| القاهرة - من إسلام العرابي |
عبقري في أدائه للشخصيات... مدهش في أداء أدوار الشر.. ظهوره على الشاشة يشدك، يجذبك... فتخضع لسطوته... تميز في اختياراته الفنية، وبرع في تجسيدها، حتى أنه لا أحد يقدر على أدائها غيره... إنه الفنان الراحل عادل أدهم، الذي يستحق عن جدارة جميع الألقاب التي أطلقت عليه.
فهو «البرنس»، «الفتوة»... «الشرير خفيف الظل»... «العبقري»، ونجم أدوار الأنماط البشرية و«صاحب الألف وجه».
هكذا قالوا عن النجم الأشقر - في عدة مطبوعات فنية وغير فنية مصرية وعربية.. قلبنا في أوراقها ونحن نعد هذه الحلقات - الذي رحل عن عالمنا منذ 14 عاما ولكنه ترك بصمة في السينما المصرية والعربية وبقي خالدا في أذهان جمهوره الكبير.. الذي تمتع بمشاهدة أفلامه وأعماله الفنية.
ولد أدهم في الإسكندرية العام 1928، ثم جاء إلى القاهرة، وتدريجيا استطاع أن يكون فنانا لامعا في الوسط الفني، ليدهش الجميع بأدائه وموهبته لصانعي الأعمال الفنية ويصبح شرير الشاشة والذي تفوق على نجوم السينما السابقين والمعاصرين معه في أداء أدوار الشر بسبب أدائه الصادق ووجهه الأشقر وأدواته الفنية المختلفة، التي أعجبت كل المخرجين الذين تعاملوا معه في الوسط الفني.
أجاد عادل أدهم ونجح في أعماله الفنية الأخرى وانطلق نحو العالمية، حيث عمل في أكثر من فيلم إيطالي، وتعامل مع كبار فناني أوروبا، وأصبح الفنان عادل أدهم معروفا في الخارج مثل الفنان العالمي عمر الشريف.
عندما تشاهد أعماله على الشاشة الفضية تشعر أنك ترى نجما مختلفا من نوعية يجيد كل أدوار الشر وأدوار ابن البلد، كما يتمتع بملامح تجعله يجيد مختلف الأدوار الفنية.
عبر حلقة في «الراي» نتابع مسيرة عادل أدهم «الإنسان والفنان» وبعضا من يومياته وحكاياته ومواقفه التي لا يعرفها أحد عنه، ورأيه في نفسه ورأي النقاد وزملائه فيه.. فتابعوا... وانتظرونا حلقة بعد أخرى.
رغم أن السينما عرفت الفنان المصري الراحل عادل أدهم شريرا قدم أكثر الأدوار شرا... بل قدم دور الشيطان نفسه، فإن اكتسب منذ البداية لقب «البرنس».
وقد اكتسب هذا اللقب قبل أن يكون له علاقة بالفن وتحديدا منذ طفولته، فقد كان وسيما، تتسم هيئته بالانسجام وملابسه بالذوق الراقي ما جعل أسرته تـدلله بهذا اللقب الذي استمر بعدما قدم دور البرنس يوسف كمال في مسرحية «وداد الغزية»، لكن يبقى عادل في ذهن جمهور السينما هو الشرير، الذي يضاهي الشيطان في شروره.
الطفل المدلل
ولد عادل محمد حسن أدهم - بحسب وثائق المركز الثقافي السينمائي - في حي الأنفوشي بالإسكندرية، تلك المدينة الساحلية الساحرة، التي عرفت التقاء الحضارات والثقافات من خلال تاريخها الفريد وتركيبتها السكانية التي تجمع أعدادا كبيرة من اليونانيين والإيطاليين وغيرهم مع المصريين، وكان لمولده في هذه المدينة تأثيره عليه، ففي هذا المناخ نشأ عادل أدهم ابن الأسرة المتوسطة ويعشق مدينته، ومارس رياضات عديدة، وتردد كثيرا على دور السينما وعشق الموسيقى الغربية وتمنى وقتها أن يصبح عازفا لآلة الكلارينت، ثم شغف بالرقص الغربي الحديث في مراهقته فسعى إلى تعلمه في مدرسة يونانية وفيها تعلم الرقصات «الموضة» في الأربعينات من القرن الماضي وهي التانجو والرومبا.
كان عادل أدهم آخر العنقود والطفل المدلل للأسرة التي أنجبت «3» أولاد ذكورا.
أصبح الأكبر منهم ضابطا بحريا وعمل الثاني محاسبا ثم هاجر... ولم يكن عادل أدهم يتذكر الكثير عن والده... إلا أنه كان رجلا طيبا، كما يذكر خوفه الشديد منه لدرجة أن أصبحت عنده عقدة طاردته وجعلته يخاف من جميع الرجال، وفيما بعد ترك منزل الأسرة بعد خلاف مع والده... أما والدته فقد كانت حبه الكبير والسند الأول له رغم اختلافها معه في مواقف مهمة من حياته، منها - على سبيل المثال - رفضها لأول عرض سينمائي تلقاه وهو لايزال طالبا بالمرحلة الثانوية... فقد خافت الأم أن يضيع مستقبله العلمي لكنه التف حول رفضها وأقنعها بالسماح له بالسفر لإجراء الاختبار السينمائي الأول.
أولى صدمة
كانت أولى صدمات العمر الكبيرة- بحسب ما ورد في أعداد قديمة من مجلة النجوم - بالنسبة لعادل أدهم عندما توفي المخرج المصري عبدالفتاح حسن وتوقف مشروعه الفني كله لأنه كان المنتج أيضا... ولم يجد يومها منتجا آخر يغامر بأمواله ليقدمه بطلا وهو شاب مجهول... وكان من الصعب عليه أن يصدق أن حلم السينما الكبير تبدد وانتهى قبل أن يبدأ، وفي هذا الوقت تعرف عادل بالمخرج السينمائي الراحل علي رضا وبعائلته وعميدها الدكتور حسن فهمي الأستاذ بكلية الهندسة وقتها ووالد الفنانة فريدة فهمي، وتعرف أيضا بكاتب السيناريو محمد عثمان، واستطاع الاثنان أن يجدا له فرصة صغيرة في السينما بشكل خاطف كراقص في مشهد من فيلم «ليلى بنت الفقراء» الذي أخرجه أنور وجدي وكتب له الحوار بديع خيري، وكان المشهد عبارة عن رقصة يشارك فيها بطلة الفيلم ليلى مراد.
قضى عادل أدهم بعد ذلك 5 سنوات يتسكع قبل أن يجد مشهدا ثانيا في فيلم «البيت الكبير» وكان مشهدا تمثيليا هذه المرة، لكن مشهده الثالث كان يرقص فقط أمام راقية إبراهيم في فيلم «ماكنش على البال» الذي أخرجه حسن رمزي العام 1950 وكانت رقصة عصرية ولابد أن ملامح وجهه وقتها رغم سنه الصغيرة كانت أكبر من عمره حتى يبرر وقوفه أمام راقية إبراهيم وليلى مراد كثنائي راقص منسجم.
ظل عادل أدهم في القاهرة يبحث عن فرصة حقيقية لعالم السينما، وفي لحظة قرر أن يبحث بنفسه عن مكتشف جديد واختار نجمه المفضل أنور وجدي الذي كان يحفظ قصة كفاحه في الفن منذ بدأ من القاع وحتى وصل إلى القمة، لكن وجدي نظر إلى ملامحه الشاب الوسيم وشعره الناعم وقال له بسخرية: «تفتكر كل ولد حليوة شعره مسبسب ينفع ممثل، ممكن تنفع تمثل قدام المرايا لكن ماتنفعش تمثل على الشاشة».
بعد خروجه من عزلته وقع في يده كتاب بداية حياة المؤلف الأميركي ديل كارنيجي، وقد أزال هذا الكتاب ما كان على عينيه من غشاوة وبدأ يفكر في تغيير حياته تماما فقبل فكرة العمل في بورصة القطن وأقبل على العمل بحماس واجتهاد حقيقي ولمدة 9 سنوات كاملة من العام 1952 حتى 1961... وكان قد حقق كثيرا جدا في هذه المهنة انتقل فيها من أسفل السلم «الأفندية» إلى طبقة «البهوات» وأصبح واحدا من 11 خبيرا في مصر في فرز القطن وعرف وقتها معنى الرفاهية من ناتج العمل، حيث وصل راتبه إلى 130 جنيها ولكنه ربح شيئا أكثر من خبرة فرز القطن وهو خبرة فرز البشر.