ممدوح إسماعيل / «الإخوان» ... وسباق التغيير

1 يناير 1970 06:28 ص
تشهد مصر حالة من الجدل والضوضاء السياسية تحت شعار التغيير، وقد زاد من ارتفاع صوت تلك الضوضاء دخول الدكتور البرادعي للحلبة السياسية المصرية بشعار التغيير، خصوصاً تغيير مواد الدستور 76 و77. وقد أحدث دخوله حالة من تركيز الأضواء العالمية على الحلبة السياسية المصرية خصوصاً مع تدافع غيره من النشطاء السياسيين المصريين، المعروفين مسبقاً، إلى زيادة نشاطهم للحفاظ على ما حققوه من شهرة إعلامية خافوا أن يخطفها البرادعي.

اللافت أن «جماعة الإخوان المسلمين» بثقلها ووزنها السياسي ظلت تراقب تلك الضوضاء السياسية والمصارعة الخفية على خطف الأضواء بترقب كعادتها، وبدأت تدخل الحلبة بخطوات بطيئة متوجسة استهلتها بلقاء لرئيس الكتلة البرلمانية لـ«الإخوان» بالبرادعي، ثم تصريح من الدكتور عصام العريان فقط بتأييد البرادعي، وكان من أهم أسباب بطء خطواتها هو حالة الرفض التي قوبل بها البرادعي من طائفة من الإسلاميين بسبب أفكاره العلمانية الفجة.

و«الإخوان» عادة ما يتوقفون أمام شعار التغيير خشية اتهام الحكومة لهم بالراديكالية والسعي للانقلاب على الحكم، لذلك غالباً ما تكون شعاراتهم تحت الإصلاح أولاً ثم يتبعونها بلفظ التغيير. ولكن مع تسارع السباق في حلبة السياسة المصرية وارتفاع الأصوات بشعار التغيير وجد «الإخوان» أنفسهم في حالة ضرورة بين الخوف على ضياع مكانتهم ووجودهم السياسي بعد ما استولت على الحلبة أصوات وضوضاء عالية غير إسلامية استطاعت أن تجذب قطاعاً كبيراً من الشباب، وبين التأخر من الإسراع للتواجد في الحلبة السياسية وما يترتب عليه من انفصالهم عن الحياة السياسية، وضياع أوراق مهمة من أوراق اللعب السياسي بخلاف أن قطاعاً من شباب «الإخوان» تأثر بدعوة التغيير للبرادعي فوجب عليهم الإسراع، خصوصاً أنهم تلقوا درساً قوياً عندما تأخروا عن التفاعل مع حركة «إضراب 6أبريل» العام 2008 نتيجة انتظارهم حكم المحكمة في قضية خيرت الشاطر فكانت النتيجة أن نجحت «حركة 6 أبريل» ونال الشاطر وإخوانه أحكاماً قاسية ومعه تلقى «الإخوان» درساً مؤلماً في عدم التأخر السياسي. ويزيد من حتمية تفاعل «الإخوان» مع الأحداث أنهم الحركة الإسلامية الوحيدة التي تلعب في الملعب السياسي بعدما آثر غيرها من الإسلاميين الانسحاب بحجج مختلفة، أو ترك الملعب السياسي بالقهر.

الشاهد أن الجماعة دخلت بخطوات متسارعة كي تلحق الحدث، فاجتمع المرشد مع عدد كبير من السياسيين وأعلنت الجماعة تأييدها لمطالب الإصلاح التي أعلنتها «الجمعية الوطنية للتغيير» التي يرأسها البرادعي، ودشنت موقعاً للتوقيع على المطالب الإصلاحية تحت شعار معا سنغير... جاء فيه: ندعوكم إلى التوقيع على بيان المطالب السبعة التي توَافَق عليها «الإخوان المسلمون» مع «الجمعية الوطنية للتغيير»، وبقية القوى الوطنية، والدكتور محمد البرادعي. وهذه المطالب تتلخص في:

إنهاء حالة الطوارئ. تمكين القضاء المصري من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمتها. الرقابة على الانتخابات من قِبل منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي. توفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين، وخصوصاً في الانتخابات الرئاسية. تمكين المصريين في الخارج من ممارسة حقهم في التصويت بالسفارات والقنصليات المصرية. كفالة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية؛ اتساقاً مع التزامات مصر طبقاً للاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين. الانتخابات عن طريق الرقم القومي، ويستلزم تحقيق بعض تلك الإجراءات والضمانات تعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور في أقرب وقت ممكن.

ومن الواضح أنها مطالب لا يختلف عليها أحد في مصر وتحصر الطريق في التغيير عبر الطريق الديموقراطي وعبر صندوق الانتخاب فقط ما يقطع أي طريق على اتهام الإسلاميين بالرغبة في الانقلاب والعنف وغيرها من الفزاعات، وإن كان غاب عنها الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية كمطلب للإسلاميين، ولكن الرد على ذلك أن تلك المطالب هي فن الممكن، وهي خطوة أولى إن تحققت فبعدها يحقق الشعب بنفسه وبصوته ما يريد من نظام الحكم... علمانياً أم إسلامياً أم أميركيّاً أم وطنياً مصرياً.

وأخيراً... الواقع يقول ان «الإخوان» نجحوا في الجري بكل سرعة في وقت محدد ليلحقوا بالسباق وليكونوا في الحلبة السياسية. ولكن السؤال: هل يمكنهم النجاح في تحقيق مطالبهم وحقهم، أم ينجح الآخرون في استغلالهم والقفز عليهم والفوز بالنتائج باتفاقيات خلف الأبواب بينما يتم القبض على «الإخوان» وإيداعهم وراء الشمس كما حدث منذ 58 عاما في 23 يوليو 1952؟





ممدوح إسماعيل

محامٍ وكاتب

[email protected]