مبارك الهزاع / محقان / هؤلاء هم الأمل

1 يناير 1970 06:32 ص
مراكز التأثير والقوى لم تعد بيد السلطات المخولة بل هي أقرب إلى أن تكون بيد الأبضاي والبلطجي والختيار، فالأبضاي تترجم باللهجة المحلية إلى «شقردي» أو الشهم، والختيار هو الرجل الكبير بالسن نسبياً، والبلطجي هو الولد الصايع المعدوم من الأخلاق و الأدب. بدأنا نرى الشواهد لتحولنا من دولة إلى دويلة لا قانون فيها، ولا مبادئ فيها، ولا كرامة فيها، ولا عدل فيها إلا للمقربين إلى القلب وأصحاب الحظوة ومن لديه نفوذ واسع على طائفة أو قبيلة، أو يملك من المال الكثير.

أن تكون شيخا فأنت عيشك منّعم، أن تكون ابن «دادي ومامي» فأنت أيضاً وضعك سليم، أن تعيش باحثاً وراء مخلفات الاثنين فأنت أيضاً من المحظوظين، وإذا لم تستطع فيجب عليك ان تقوم بأحد أمرين... أن تلجأ للطائفة وتضبط امورك، أو تذهب لشيخ قبيلة وتثبت ادعاء نسب وتضبطها وياه، لأن الحقيقة المرة هي أن الغالبية غير مستعدة للتضحية بالنفس والمال من أجل المصلحة العليا لأن «الختيارات» نائمة بالعسل و«متدروشة»، و«الأبضايات» أصبحوا «قطاوة» لا يهشوا ولاينشوا، والبلطجية طغوا واستشروا كالسرطان، فبعد كل هذا من يريد أن يؤمن بقانون ودولة مؤسسات إن كانت الغلبة للبلطجية؟

الله يعينك إذا كنت من الطبقة الوسطى فأنت بلا شك فصيلة ستنقرض من على هذا البلد، فلا أنت طائفي، وإذا كنت ابن قبيلة فيجب أن تسمع الكلام ولو كان خطأ لأنك بسهولة ستصبح عاقا ومنعدم الرجولة، وإذا فيك خير ادخل إلى وزارة وحاول أن تنجز معاملة ولن يطل أحد في وجهك لأنك غير محسوب على لحية، أو عمامة، أو عقال قبيلة، وتحاول حتى مع هذا أن تخدع نفسك بقدر ما تستطيع لتؤمن أنك في دولة المؤسسات لأنها الشيء الوحيد الذي يوفر لك الحماية، وتصارع النفس كي تثبت أنك غير محسوب أيضاً على التجار، وغير محسوب على «شيخ» أو «عم» وبعد كل هذا تبدأ الدائرة في الدوران مرة أخرى والصراع النفسي يشتد لأنه إذا فقدت الأغلبية الصامتة الإيمان بهذا الشيء فلا بقاء لدولة بدون هذه الطبقة... وهذا هو الواقع شئنا أم أبينا.

الأغلبية الصامتة في النهاية تريد نتائج وليس حب خشوم ومجاملات ومصالح ذاتية، وليس لها أي مصلحة من صراع الشيوخ والتجار وحاشيتهم من كتاب وموالين، وهمهم ينصب في العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة، والحلم بدولة يطبق فيها القانون على الجميع بلا محاباة. هذه الفئة في الولايات المتحدة تسمى بالـ «Swingers» وهؤلاء يشكلون 40 في المئة من عدد الناخبين وتصويتهم في الانتخابات غير متوقع وصعب رصده لأنهم يصوتون لـ «الجمهوريين» أحياناً، وأحياناً لـ «الديموقراطيين» لأن ما يستميلهم نحو قبول شخص أو رفضه هو أفعاله وليس إلى أي حزب ينتمي، وهذه الفئة أهم فئة لأنها مخيرة وغير مسيرة في قراراتها واختياراتها.

وللأسف هذه الفئة أكبر فئة مظلومة في الكويت، وأكثر فئة ازدادت فيها نسبة الهجرة والعمل بالخارج، والرغبة في الخروج كون العدالة والمنافسة الشريفة ودولة القانون اصبحت من الماضي، إلا اذا سمعت الكلام ومشيت علي ما يريده الخفافيش لتنطوي خلف طائفتك أو قبيلتك كي تتوافر لك الحماية والعدالة وحينها تسير خوش ولد فقط، أما ما عدا ذلك فأنت مؤزم، وتكره الكويت، وولاؤك ليس لأسرة الحكم، وبقي فقط أن يكفروك.

هؤلاء هم أمل الكويت في أن تعود درة الخليج، وهؤلاء من يجب الاعتماد عليهم والمحافظة عليهم وإلا فنحن نتجه إلى ما هو أسوأ بكل تأكيد.





مبارك الهزاع

كاتب كويتي

[email protected]