نجوم في البال
الفريدو دي ستيفانو «كأس العالم لم تحظ بشرف مشاركته فيها»
1 يناير 1970
05:08 ص
لم يتمكن لاعب كرة القدم الفريدو دي ستيفانو من الثبات في الدفاع عن الوان دولة واحدة بعد ان لعب للارجنتين واسبانيا على الصعيد الدولي، لكنه كان شديد الوفاء لناد واحد هو ريال مدريد الاسباني.
دي ستيفانو المولود في الارجنتين لعب لوطنه الأم سبع مباريات دولية قبل ان ينتقل الى كولومبيا ومنها الى اسبانيا ليسطر مع ريال مدريد انجازات تاريخية خصوصا في كأس ابطال الاندية الاوروبية حيث قاده الى الفوز باللقب في السنوات الخمس الاولى.
ويوصف دي ستيفانو باللعب الكامل ولو قدر له المشاركة في احدى كؤوس العالم لنافس اسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه على لقب افضل لاعب في التاريخ من دون شك.
وقد رفضت الارجنتين المشاركة في كأس العالم 1950 و1954 ولم تتأهل اسبانيا الى مونديال 1958 ولما نجحت في ذلك في كأس العالم التالية في تشيلي 1962، اصيب دي ستيفانو قبل انطلاق المسابقة بقليل ولم يخض بالتالي اي مباراة.
ولد دي ستيفانو في 4 يوليو 1926 في بوينس ايرس ملتقى المهاجرين من القارة الاوروبية وقد حط والد دي ستيفانو الايطالي الاصل والمولود في كابري ويدعى مثله الفريدو الرحال في مرفأ بوينس ايرس عندما كان يافعا حيث تعرف على فتاة ايطالية ايضا تزوجها العام 1920.
ومارس الفريدو الوالد كرة القدم ايضا ولعب في صفوف ريفر بلايت احد اكبر اربعة اندية في الارجنتين لكن زوجته لم تكن متحمسة ابدا لهذه اللعبة لذا حرمت ابنها من ممارسة هوايته كباقي اترابه وطلبت من الزوج ان يحثه على العمل في احدى المزارع التي يملكونها عندما بلغ السادسة عشرة. لكن الفريدو الصغير كان يمارس كرة القدم بالخفاء، ونجح في دخول احد المعسكرات التدريبية في نادي ريفر بلايت بالذات في مارس 1944 فنجح في حجز مكان له في الفريق الرابع للنادي.
ولفت دي ستيفانو الانظار بسرعة وبعد ستة اشهر خاض اول مباراة له مع الفريق الاول في الثامنة عشرة من عمره ضد سان لورنزو.
ولم تسر الامور كما يشتهي فأعيد الى الفريق الرابع لكنه اعرب مرارا وتكرارا عن انزعاجه من عدم منحه الفرصة الكاملة لإثبات جدارته، وزاد الطين بلة معرفته بأن اللاعبين الآخرين في الفريق يتقاضون اجرا شهريا في حين لم ينل هو اي فلس لأن والده كان ميسورا.
ازاء هذا الوضع، اتصل دي ستيفان بنادي هاريكان فلم يتردد مسؤولو النادي بضمه حيث خاض موسما كاملا خاض فيه 25 مباراة وسجل 14 هدفا العام 1946.
وايقن مسؤولو ريفر بلايت خطأهم بالتخلي عنه واعادوه الى صفوف الفريق وبات اساسيا في خط الهجوم وفي اول موسم معه قاده الى احراز بطولة الارجنتين وتوج هدافا للدوري قبل ان يتوج بطلا لكأس الامم الاميركية الجنوبية مع منتخب بلاده.
وتوقف بزوغ نجم دي ستيفانو بسبب اضراب اللاعبين الارجنتينيين الذي استمر اشهرا من صيف 1948 الى ابريل 1949 وكان اللاعبون يطالبون بقانون يحدد واجباتهم وحقوقهم.
وبعد التوصل الى اتفاق، قام ريفر بلايت بجولة اوروبية ولدى العودة الى الارجنتين عاد الخلاف بين اللاعبين من جهة ومسؤولي الاتحاد الارجنتيني واصحاب الاندية من جهة اخرى الذين رفضوا احترام القانون الجديد. وعندما تقدم دي ستيفانو من رئيس النادي ليبرتي ليحصل على حقوقه رد عليه الاخير: «اذا لا يعجبك الامر في ريفر بلايت استطيع ان ابيعك الى تورينو» الايطالي.
ولان دي ستيفانو يتمتع بكبرياء عال ولا يتحمل الملاحظات، فانه لم يتردد في ترك الارجنتين وتوجه إلى كولومبيا في 9 اغسطس 1949 برفقة زميله الدائم نستور روسي وانضما إلى نادي ميلوناريوس.
وبعد ان رفع الحظر عن الاندية الكولومبية العام 1951 توجه ميلوناريوس إلى اسبانيا ليخوض دورة دولية ينظمها ريال مدريد. وقدم دي ستيفانو عروضا رائعة في الدورة ولفت انظار رئيس «الملكي» سانتياغو برنابيو (يحمل ملعب ريال مدريد اسمه) فبدأ الاخير محاولات لضمه نجحت بعد حوالي سنة تماما لكن بعد صعوبة بالغة.
دي ستيفانو كان لا يزال قانونيا ملكا لريفر بلايت، لكنه فعليا يلعب في صفو ميلوناريوس، وما زاد من صعوبة المهمة ان برشلونة منافس ريال مدريد اللدود كان يملك الافضلية لدى الناديين في حال اراد الاستغناء عن احد اللاعبين. ودخل الناديان الاسبانيان في حرب ضروس لضم اللاعب ووصل الامر إلى الاتحاد الاسباني للعبة الذي بت بالامر بحيث يلعب دي ستيفانو موسما مع ريال مدريد واخر مع برشلونة. لكن برنابيو نجح في اقناع رئيس برشلونة مارتي بالتخلي نهائيا عن اللاعب عندما ارسل بعض جواسيسه الذين اقنعوا الاخير بان دي ستيفانو لن يتفاهم بسهولة مع نجم برشلونة المجري لاديسلاو كوبالا.
وهكذا كان فقد انضم دي ستيفانو رسميا إلى ريال مدريد صيف 1953 وخاض اول مباراة رسمية له ضد نانسي الفرنسي في 3 سبتمبر. وفي الاول من نوفمبر من العام ذاته، ضرب دي ستيفانو اول ضربة عندما قاد ريال مدريد إلى فوز ساحق على برشلونة 5 - صفر وسجل هدفين ومرر ثلاث كرات جاءت منها الاهداف الثلاثة الاخرى. وفي الموسم ذاته احرز ريال مدريد بطولة اسبانيا للمرة الاولى منذ 1933.
وبدأت علاقة دي ستيفانو بريال التي استمرت 11 عاما وشهدت سيطرة مطلقة للنادي الاسباني العريق محليا واوروبيا. ولعب دي ستيفانو 541 مباراة في صفوف ريال مدريد وسجل 441 هدفا واحرزه معه بطولة اسبانيا 8 مرات وبطولة اوروبا خمس مرات متتالية خاض فيها الفريق 37 مباراة فاز في 27 منها وتعادل في اربع وخسر ستا وسجل 112 هدفا ودخل مرماه 44. كما اختير افضل لاعب في الدوري خمس مرات.
ولم يكن دي ستيفانو يتمتع بفنيات عالية بل بلياقة بدنية عالية مكنته من ان يكون شعلة نشاط في الملعب، وقد نال الكرة الذهبية لافضل لاعب في اوروبا بحسب مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية المتخصصة في كرة القدم في 1957 و1959، كما نال الكرة الذهبية السوبر في الاستفتاء التي اجرته المجلة ذاتها بين جميع حاملي هذه الجائزة وبينهم الالماني فرانتس بكنباور والهولندي يوهان كرويف والانكليزي بوبي تشارلتون وغيرهم.
وقد اعتزل دي ستيفانو في 8 يونيو 1967 في مباراة ضد سلتيك الاسكتلندي حيث خرج بعد ربع ساعة من بداية المباراة ولوح له 130 الف متفرج بمناديلهم البيضاء وذرف الملايين الكثير من الدموع. وهو يشغل حاليا منصب الرئيس الفخري لنادي ريال مدريد.