عند تلقي خبر خروج أخينا الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم تذكرت أموراً كثيرة جداً وأجملها: من صبر... نال!
لقد صبرنا على تغير الحال من سيئ إلى أسوأ في كل شيء، لم نعد كما كنا وكأن مسحاً لذاكرتنا وقيمنا وعاداتنا وأخلاقنا وأدبنا في الحوار قد حصل حتى في أدب الخصومة!
لم نعد نتذكر ماذا تعني مفاهيم الحرية التي جيل عليها أهل الكويت، لم نعد نتذكر كيف كان الخلاف يتم احتواؤه من قبل العقلاء، لم نعد نتذكر هيبة المعلم ورجل الأمن، لم نعد نتذكر هيبة القانون حسب ما يظهر لنا من تجاوزات!
قم بزيارة لمدرسة أي مدرسة، قم بزيارة لمخفر... أي مخفر، قم بزيارة لأي مستوصف أو مستشفى، قم بزيارة لأي مؤسسة خدماتية، زر ما شئت فستجد العجب العجاب!
ما أن يخون فرد معين التعبيرعن رأيه، إلا وأنت تجد ردة الفعل غريبة مضافة إليها البهارات التي تزيد من سخونة الحدث... لم نعد نتمتع بالصبر واحتساب الأجر من موجد الخلق! لقد انسلخنا من كل ما ورثناه من الأجيال السابقة، شعب رسم لنا صوراً جميلة في كل أمور الحياة، صوراً في غاية الروعة، ودخل بيننا فئة صغيرة العدد كبيرة الأثر ووقفوا أمام تلك اللوحات الخالدة و«شخبطوا» عليها وصار العقل بعيداً عن السلوك اللفظي والفعلي للبعض، ولم يعد للصبر مكان في ظل تجاوزات على القانون لا حصر لها!
في ذكرى خروج الجاسم إلى هذا الخليط المشوه نسيجه، لا نملك سوى توجيه الدعاء للمولى عز شأنه أن يعيد لنا ما سلب منا فالمسألة لم تعد فقط متصلة بالحريات المسؤولة، إنها الثقافة التي دخلت و«شخبطت» على كل ما هو جميل كنا نتغنى فيه قبل ثلاثة عقود من عهدنا الحالي!
ادعوا معنا لعل الأمور تتحسن، أكثروا من الدعاء في رمضان المقبل وتذكروا الموت... ووجه الأسئلة التالية: كيف تقابل خالقك وملفك ملوث بتجاوزات لفظية وفعلية، كيف تقابل ربك وأنت تكتم أنفاس بريئة بنفوذك وجبروتك، كيف تخشى البعض ولا تخاف من مولاك خالقك، كيف تقبل بفلس حرام، كيف تقبل في تجاوز على القانون يشبع نزوات نفسك، كيف تقبل...؟ قل لي بربك: هل تضمن بقاءك على قيد الحياة إلى الغد أو حتى بعد ثانية واحدة!
وكما ذكرت في بداية المقال، لقد تذكرت أموراً كثيرة ولكنني تركت العبارات تتساقط على الورقة بكامل حريتها فهي كل ما أملك في هذا الزمن الذي أسقط كثيراً من الأقنعة وصارت «الشخبطة» هي السائدة!
محمد عبدالقادر الجاسم... مبروك. والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]