«فتوى ارضاع الكبير خاصة لشخص معين ولظروف معينة»
آل الشيخ: سيتم وقف كل المفتين من خارج المؤسسة الرسمية عند حدهم
1 يناير 1970
05:57 م
| الرياض- من صبحي رخا |
تصاعدت حدة الجدل في الأوساط الدينية في السعودية خلال الأيام القليلة الماضية، على خلفية عدد من الفتاوى المثيرة للجدل، خصوصا فتاوى «إرضاع الكبير»، وإباحة الغناء، والاختلاط.
ووصل الأمر الى حد مطالبة بعض رجال الدين بالحجر على من يتصدون للفتيا من خارج مؤسسة الافتاء الرسمية في السعودية، وفق ما دعا اليه امام الحرم المكي الشيخ عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة الماضية.
ودخل المفتي العام العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، على خط المطالبة بتقنين الفتاوى وتأطيرها ضمن مؤسسة الافتاء الرسمية، مؤكدا في حديث لقناة «المجد» الفضائية بث مساء الاحد، أن هناك تنظيما جديدا للافتاء سيتم من خلاله وقف كل من هو غير مؤهل للفتوى عند حده. وقال: «إذا خرج مَن هو غير مؤهل للفتوى سنوقفه عند حده ونمنعه من التجرؤ على الله، حتى لا يحسن الظن به فيقلد في خلاف الشرع».
وأضاف معلقا على الفتاوى غير المعروفة لدى العامة من الناس التي ظهرت اخيرا كإرضاع الكبير وإباحة الاختلاط والغناء: «لا ينبغي أن نشهر مسألة مهجورة عند العلماء ونغير لواءها»، مشيرا إلى أن الأمة تشكو من التسرع بالفتوى ومِن تصدي مَن لا علم عنده ولذلك جاء في الأثر عن ابن عمر: يهدم الإسلام زلة العالم وجدال المنافق، فالعالم الذي يستفتى يتقي الله في نفسه وإذا سئل عن مسألة يعلمها يفتي بها، وإن جهل ذلك فليتق الله وليمسك عما لا يعلم».
وأشار المفتي في حديثه الذي أورد موقع المسلم، امس، أبرز نقاطه، الى أن الفتوى نفسها قد تكون سليمة لكن وقتها غيرمناسب. وقال: «لا شك أن المفتي قد لا يكون قصده سيئاً، لكن مع حسن قصده ينقصه النظر البعيد للمسائل، وهناك أمران: مآلات الأمور، وعواقبها، وهناك الفتوى ذاتها، وقد تكون الفتوى صحيحة في نفسها لكن وقتها غير مناسب وزمنها غير مناسب، أو الأشخاص الذين سألوا عنها ليس الأمر في صالحهم، فالمفتي ينظر إلى مآلات الأمور»..
وكشف عن تنظيم جديد للإفتاء مشيرا الى ان هيئة كبار العلماء عالجت القضية في جلسات عدة، بحيث يكون المفتي تحت عين وسمع الإفتاء، وألا يتقدم للفتوى إلا من هو مؤهل لها وتُعلم أهليته، وليس القصد الحجر على الناس والتحكم بهم ولا اعتقاد الكمال لجهة دون جهة، وإنما الهدف التنظيم ومنع استمرار الفتاوى غير المؤصلة».
وشدد على «أنه منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكل يفتي في المسائل الشخصية، لكن في المسائل ذات الشأن الكبير لا ينبغي تجاهل جمهور العلماء وكبارهم ونفتي في مسائل الجمهور على خلافها ونستخف باتفاقهم « .
وحول فتوى رضاع الكبير، قال: «القضية قديمة وليست اليوم، فقد سمح الرسول صلى الله عليه وسلم بإرضاع سالم مولى أبي حذيفة، وأذن بإرضاعه للحاجة الضرورية، وسالم ممن حفظ القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال فيه عمر: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لاستخلفته».
وأكد «أن هذه فتوى خاصة لشخص معين ولظروف معينة، وطالب العلم إذا بحث الموضوع لا ينبغي أن يعلن للعموم، وإنما هذه قضايا خاصة، وزوجات الرسول ما عدا عائشة، وجمهور العلماء على خلاف ذلك، وهي قضية خاصة، والأمر ليس بالسهل، ولا أقول، إن هذه الفتوى باطلة من أصلها فهي موجودة، وينبغي على طالب العلم أن يعلم أن الأمور تفسر على أمور كثيرة، وهو يريد خيراً، فقد رأينا ما حصل من رسومات كاريكاتورية وغيرها، كل هذا لأن عقول الناس لم تتحملها، فأرجو من إخواني طلاب العلم، وإن اقتنعوا بالمسألة ألا يعلنوها إعلاناً يسبب البلبلة بل يتركوها للظروف الخاصة».
ورد المفتي على قول الشيخ عادل الكلباني، إن العلماء يحبون التحريم ولديهم جرثومة التحريم، قائلاً: «كلمة خطيرة؛ لأن العلماء لا يحرّمون بأهوائهم وإنما يحرّمون بالدليل من الكتاب والسنة «.
وكان إمام وخطيب الحرم المكي الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، حذر في خطبة الجمعة، من الفتاوى الشاذة وضرب مثالا بفتاوى إباحة الغناء والاختلاط وإرضاع الكبير وحل السحر. ودعا إلى الحجر على مقتحمي مقامات الفتيا أو المتعالمين، معتبرا أن الحجر عليهم من الحزم لأن الحجر لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأبدان.