...وانتهت الأزمة التي شغلت البلد بسبب جلسة طرح الثقة بالوزيرة نورية الصبيح، بعدما جنّدت لها الحكومة العدد الكافي لتجاوز هذه المحنة، حسب ما كانت تتناقله الصحف والأحاديث من وجود صفقات مع عدد من النواب على بعض القضايا والمصالح، وهذه أمور لا يمكن إنكارها اليوم عندما يثبتها الغد، وإلا هل كانت الحكومة ستدخل جلسة طرح الثقة بهذه «الثقة» المتزايدة، وهي بالأمس القريب قدمت استقالتها بصورة جماعية أو بإقالة الوزراء المهددين بطرح الثقة أو تدوريهم، فقط لتجنب احتمالية سحب الثقة من أحد أفرادها؟
الآن وبعد انتهاء هذه الأجواء العاصفة، وتلألأ وجه الوزيرة وأقطاب وزارتيها ومسؤوليها لبقائها، يبدأ الرصد الآن في كيفية تعاملها مع هذا الكم من الملفات المقدمة إليها إما عبر استجواب الدكتور سعد الشريع، وإما عبر ما قدمه الدكتور حسن جوهر من ملفات تفوق ما تم طرحه بالاستجواب، وربما أهم بكثير من محاوره. فهل ستقوم الوزيرة، المجددة لها الثقة حالياً، بإحالة المتجاوزين على القوانين والمسؤولين عن كل مظاهر الفوضى والتلكع في تطبيق القوانين للجان التحقيق القانونية، أم أنها ستتفرغ حالياً لنقاهة ما بعد جلسة طرح الثقة، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة يفترض بالوزيرة أن تنفض عن كاهل الوزارتين كل ملامح التخبط والعشوائية والفساد؟
هل ستبادر الوزيرة إلى فتح الملفات المغلقة والمدفونة في الوزارتين، والتي لم تصل إليها عيون النواب بعد، ليكون لها قصب السبق في الإصلاح وتعرية الفساد وضرب رموزه؟
عندما تمكنت الوزيرة الصبيح من تجاوز محنة سحب الثقة، عليها أن تضع في اعتبارها أنه لم يكن ثمة إجماع في تجديدها، وأن الحكومة استطاعت ومن باب التضامن مع أعضائها احتواء هذه المحنة، من باب إعطاء الفرصة والمدة الكافية لتوفي الوزيرة بوعودها وتطبق على أرض الواقع سياستها «الإصلاحية»، ومن ثم يمكن الحكم على ما حدث في جلسة الثقة، هل كانت فعلاً أهلاً لها أم لا؟ إلا أنها ملزومة اليوم في أن تختبر بنفسها استحقاق وزارتيها لهذه الثقة، بأن تراجع وتعيد النظر بمستوى ومسؤولية من وقفت نيابة عنهم في المساءلة السياسية التي كان من الممكن أن تدفع ثمنها باهظاً. لهذا، فالفرصة متاحة لها الآن أكثر في اختبار ثقة من معها من قياديين، لا سيما المسؤولين عن المواقع التي شهدت التجاوزات والانتهاكات، فالفرصة يا معالي الوزيرة...لا تأتي مرتين!
أخيراً، كم كنا نتمنى أن تمنح الوزيرة السابقة معصومة المبارك مثل هذه الفرصة في وزارة الصحة، ولكن الحسبة حتماً تختلف كثيراً هنا! والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
فهد توفيق الهندال
إعلامي وكاتب كويتي
[email protected]