تركي العازمي / القيادة الكاريزماتية... وشبح النرجسية!

1 يناير 1970 06:31 ص
كثير من إخواننا وأخواتنا الكرام لا يميز الفرق بين الإدارة والقيادة، ويعتقدون أن كل مفوه يسحرهم بقوله هو قائد ناجح!

أولاً القيادة معنية بالرؤى المستقبلية، وتوجيه التابعين، وتحديد الأهداف المراد بلوغها، في حين أن مهمة الإدارة هي وضع الخطط اللازمة لتحقيق الأهداف التي يرسمها القائد، والثابت هنا من الباحثين أن القيادة تكمل/تحسن الإدارة، والقائد في نهاية المطاف يجب أن يتحلى بمعرفة إدارية جيدة وإلا فإن قيادته ستكون مدمرة على حد تعبير جوسلنج ومنتزبرج!

أما المفوه الساحر فهو ذلك الشخص المتصف بالقيادة الكاريزماتية التي تقول ان القائد «يمتلك سحراً شخصياً قوياً وقدرة خطابية بالغة، ومؤثر بحالة غير عادية في نفوس التابعين له، وعنده ثقة عالية بالنفس ورؤيا» حسب وصف ويبر وهاوس!

وهذه النوعية من القيادة بعد الأزمة العالمية المالية الحالية نجدها قد فشلت لأنها لم تعر أهمية للمعنويات والأخلاقيات، فحينما تزيد الثقة بالنفس في غياب حوكمة معينة ولوائح محددة تنظم العمل المؤسسي فإنها تتحول إلى النرجسية، وهي لا شك مدمرة للمنظمات وأساسها لا أخلاقي طبعاً!

والصفات الآسرة الجاذبة للآخرين اتصف بها قياديون من أمثال تشرتشل، أيزنهاور، وكنيدي، ومارتن لوثر كنج، وغاندي، وغيرهم من العصر الحديث في عالم المال والاقتصاد كريتشارد روبنسون، وديفيد والدمان، وستيف جونز، وغيرهم، من فتنوا تابعيهم، وحولوا مؤسساتهم إلى حال أفضل بكثير مما كانت عليه برؤى ثاقبة، واحترام للحوكمة التي تضبط قراراتهم!

وعلى الصعيد المحلي لو أخذنا الوضع الرياضي على سبيل المثال فإننا نجد في الرياضة قياديين مثل مرزوق الغانم من جهة، والشيخ طلال الفهد في الجانب الآخر، والسادة النواب والوزراء كذلك فبعضهم حينما يتحدث يفتنك حديثه ويؤثر فيك، ولكن من هو الميال إلى الطابع النرجسي، ومن هو الباحث عن التطور واحترام القانون!

إن المعيار الحقيقي ينبثق من أساس القانون واللوائح وأخلاقيات السلوك القيادي فإن كان ملتزماً فهو ذلك النمط المتصف بالقيادة الكاريزماتية الصالحة المحمودة عواقبها، أما من يتحرك وفق قناعاته الشخصية بحس نرجسي فهو عامل هدم للمنظومة الإدارية!

قد نختلف في وجهات نظرنا وهذا أمر طبيعي، ولكن القانون ثابت لا يختلف عليه اثنان، والنجاح الذي تبحث عنه الكويت ظل حبيس فكر لا يميز بين الإدارة والقيادة، وبين الرغبات الفردية النابعة من قناعات شخصية وبين القانون الذي بلغت هيبته منزلة متدنية!

على أي حال إن كل فرد تحركه معتقداته وقيمه وهي أمور متأصلة بالفرد لتشكل الحالة المعنوية الخاصة به والتي من خلالها يحكم على الأمور ويصنف جيدها من سيئها، وبالتالي يتخذ قراره فإما خطأ أو صواب، والسؤال الذي ينبغي علينا توجيهه هو: هل توجد لنا أولويات محددة وحوكمة نعود لها قبل اتخاذ القرار، وهي بطبيعة الحال تأخذ قوة القانون الذي يتحرك من خلاله الفرد سواء كان إدارياً، قيادياً، أو قياديا سياسيا، وحتى على مستوى الفرد البسيط.

باختصار إننا نفتقد للقانون الذي يضبط سلوكنا، نفتقر للعقلاء ممن لديهم سقف عال في الأخلاقيات السلوكية كي يصبحوا مرجعاً لمن يتجاوز حدوده، نفتقر للكاريزما القيادية الصالحة، وهذا النقص أثر سلباً على مجريات الأمور مما تولد على أثره شعور بخيبة الأمل في بلوغ غايات التطور الطموحة... والله المستعان!



تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]