المتطرفون يحولون مراسم وفاة الخميني إلى ساحة لتصفية الحساب مع المعارضة ويمنعون حفيده من إتمام كلمته
خامنئي ينتقد «المتطرفين» ويقبّل جبين حسن الخميني
1 يناير 1970
02:27 م
|طهران- من أحمد أمين|
عملت مجموعات دينية متطرفة على تحويل مراسم احياء الذكرى السنوية 21 لوفاة مؤسس جمهورية ايران الاسلامية الامام الخميني التي اقيمت إلى جوار قبره في مقبرة «جنة الزهراء»، إلى ساحة لتصفية حساباتها مع المعارضة، اذ بادرت هذه المجموعات من خلال شعارات مؤيدة للقائد الاعلى آية الله علي خامنئي ومناهضة للمعارضة «الموت لموسوي» و«الموت للمنافق» و«الموت لاعداء ولاية الفقيه»، إلى الحؤول دون اتمام حسن الخميني حفيد الامام الخميني، لكلمته التي أعقبت كلمة رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد.
واضطر حسن الخميني إلى التوقف عن الحديث اكثر من مرة، ناصحا تلك المجموعات بالكف عن ترديد الشعارت واحترام حرمة المناسبة والمكان، كما اكد «ان الغالبية العظمى من الحاضرين يشعرون بالاشمئزاز من هذه التصرفات التي تبادر اليها مجموعة صغيرة»، وبانت ملامح الاستياء واضحة على وجوه معظم المسؤولين السياسيين والدينيين والعسكريين، بسبب رفض المتطرفين التزام الصمت لاجل ان ينهي حسن الخميني كلمته لمناسبة ذكرى وفاة جده.
وفي رد ينطوي على رسالة ذات مغزى واضح للقوى المتطرفة، قال حفيد الخميني «ان من يرددون هذه الشعارات هم فئة قليلة، وان هذه التصرفات كانت في السابق ومازالت»، اي ان اعداء الخميني في الداخل بالامس هم انفسهم اليوم، ثم خاطب اولئك قائلا: «لم تمض 20 سنة على رحيل الامام الخميني».
وتتهم المعارضة هذه المجموعات التي تزعم وفاءها للخميني وولاءها التام لخامنئي، بتمرير هذه المزاعم لتحقيق مصالح فئوية ولتوجيه ضربة لانصار الخميني والقيادات التي كانت قريبة منه واعلنت تأييدها للمحتجين على نتائج انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 يونيو2009، ورفضها لسياسات القمع التي تعاملت بها السلطات مع حركة الاحتجاج.
ويأتي موقف التيار الديني المتطرف من حسن الخميني في اعقاب مناشدات وتصريحات لعدد من كبار القادة العسكريين والمسؤولين السياسيين والبرلمانيين، بضرورة احترام عائلة الامام الخميني وحفظ شأنها ومكانتها، لاسيما حفيده حسن الخميني.
وفي مقابل استمرار المجموعات المتطرفة بترديد الشعارات، اضطر حفيد الخميني إلى قطع كلمته فاسحا المجال للقائد الاعلى سيد علي خامنئي الذي أمّ المصلين للنطق بخطبة صلاة الجمعة، وفي خطوة تنم عن تأييده لحسن الخميني، قام خامنئي بمصافحته حين كان يهم بمغادرة المنصة، ومن ثم طبع قبلة على جبينه، كما استهل القائد خطبة الصلاة بانتقاد الجهات التي تعمل على الاساءة للأفراد من دون ان يكون لهؤلاء الافراد أي ذنب، في اشارة إلى الموقف الذي حصل مع حسن الخميني.
وانتقد أيضا محاولات الاطراف التي تخفي في شكل متعمد بعضا من مواقف الامام الخميني «بهدف زيادة اعداد المؤيدين للخميني»، وهي التهمة التي طالما وجهتها المعارضة إلى اجهزة الاعلام الحكومية في التعاطي بانتقائية مع خطب وتوصيات مؤسس جمهورية ايران الاسلامية «وذلك لاجل تحقيق اهداف فئوية». وقال خامنئي: «لاينبغي رفض واخفاء بعض المواقف الحقيقية للإمام ارضاء للبعض، لان من الخطأ ان يعتقد البعض ان اخفاء مواقف الامام الصريحة سيزيد من اتباعه ومحبيه».
ومع ذلك، فان خامنئي حمل على زعماء المعارضة الذين يعتبرون انفسهم انهم كانوا من القريبين للخميني، موضحا «ليس في وسع البعض ان يعتبر نفسه سائرا على خطى الامام الخميني، في حين انه تحول إلى محور اهتمام اميركا وبريطانيا والمنافقين (تنظيم مجاهدين خلق) والملكيين». واضاف: «ليس في وسع من اصطف إلى جانب الذين كانوا وراء احداث يوم القدس وعاشوراء (احتجاجات نظمتها المعارضة)، والتزم الصمت حيال ماحصل في تلك الاحداث، ان يدعي انه من أنصار الإمام ومن الماضين على نهجه»، وقال «ان ما يحظى بالاهمية هو واقع الافراد حاليا وليس ما كانوا عليه بالامس».
ونفى ان يكون النظام الحاكم تعرض لاضرار جراء حوادث الاحتجاج على الانتخابات، قائلا: «ما حصل من احداث لم يزلزل اركان النظام الاسلامي بل على العكس من ذلك، اذ ان كل ضربة وجهها العدو لايران ساهمت في تقوية وتعزيز اركان النظام». وتابع: «لقد حصلت فتنة في البلاد، وحظيت هذه الفتنة بدعم اميركا وبريطانيا والقوى الغربية الاخرى والمنافقين والملكيين، لكن ماحصل هو ان الشعب نزل بكل عظمة إلى الساحة ما اثار دهشة العالم».
واستغلت وسائل الاعلام التابعة للمحافظين والاصلاحيين، الاجواء المشحونة التي حصلت في مقبرة الامام الخميني بالصورة التي تحقق لها اهدافها، فحين سلطت الاولى الضوء على الشعارات التي رددتها المجموعات المتطرفة ضد زعماء المعارضة وانتقاد خامنئي «للفتنة» والمشاركين فيها، فان الثانية ركزت على انتقاد حسن الخميني للمتطرفين وتطييب خاطره من قبل خامنئي.
واضطر التلفزيون الحكومي اكثر من مرة اثناء نقله كلمة حفيد الخميني، إلى قطع الصوت لكيلا يسمع المشاهدون الشعارات التي كان يرددها المتطرفون في وجه حسن الخميني، فيما اعتبرت اجهزة اعلامية قريبة من الاصلاحيين، ان ما حصل مع الحفيد لم يكن حالة عفوية بل مخططا له من قبل.
وكان الرئيس محمود احمدي نجاد اول المتحدثين في هذه المراسم التي شارك فيها مئات الآلاف، وحاول في مستهلها الرد على المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي حققت له فرصة ولاية رئاسية ثانية من اربعة اعوام، إذ أكد على نزاهة الانتخابات واجرائها بشفافية.
وجاء كلامه في شأن زعماء المعارضة الذين كانوا بالأمس من القريبين للخميني، متطابقا تماما مع ما اشار اليه في ما بعد خامنئي في خطبة صلاة الجمعة، وهو «ان المهم بالنسبة للافراد هو واقعهم الحالي لا ماضيهم»، وبذلك اشارة إلى الرئيسين السابقين علي اكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، والاربعة كانوا من حواريي الخميني. وقال نجاد «ان الطرد هو مصير كل من ينحرف عن نهج الامام الخميني».
من ناحية اخرى، ندد أحمدي نجاد بالاعتداء الاسرائيلي على اسطول الحرية، قائلا «ان الكيان الصهيوني فقد صوابه، وان اعتداءه على قافلة الحرية قد أثار حركة عالمية ستتواصل حتى اجتثاث الصهيونية (...) ان آلاف السفن ستنطلق من شتى ارجاء العالم إلى غزة في اطار قوافل الحرية قريبا»، ورأى «ان تحقيق السلام والعدالة والحرية والمساواة الحقيقية في العالم يتطلب حل القضية الفلسطينية». وتوقع «أن يؤدي الدعم الذي يقدمه رئيس الادارة الأميركية الحالي (باراك أوباما) لكيان الاحتلال الصهيوني إلى نهاية حكومته».
وفي إشارة تلميحية إلى البرنامج النووي لبلاده، قال نجاد «ان الشعب الايراني لن يتراجع ولو خطوة واحدة عن تطلعاته واهدافه وحقوقه المشروعة».
الى ذلك ذكرت وكالة انباء فارس شبه الحكومية، ان الزعيم الاصلاحي مهدي كروبي اضطر إلى مغادرة مقبرة الامام الخميني مساء اول من امس، بعدما استقبله المواطنون بشعار «الموت للمنافق».< p>