د. وائل الحساوي / نسمات / ما الذي تغير في أميركا؟!

1 يناير 1970 05:11 ص
لاحظت الفرق الكبير في المعاملة في مطار نيويورك بين سفرتي الاخيرة قبل ايام وبين سفرتي قبل عام ونصف العام، فقد تقلصت اجراءات التفتيش بدرجة كبيرة حيث كانوا يكتبون على تذكرة سفري الداخلية «ssss» التي لا اعلم معناها ولكنها تعني التفتيش الدقيق بإدخالي في جهاز سكانر دوار امام الناس ثم اخذ عينات من على كل مكان في حقيبة اليد وتدقيقها بجهاز خاص، وقد كنت اكثر اعضاء الوفد حظا اذ لم يتم التحقيق حول سبب الزيارة، بينما استغرق زملاء لي ساعات عدة في السؤال والجواب حين وصلوا المطار وقبل السفر.

لقد اكتشفت الادارة الاميركية بعد مضي ثماني سنوات هي فترة حكم الرئيس بوش حجم الخطأ الكبير الذي ارتكبته سابقا عندما اعلنت الحرب على الارهاب دون ان تحدد ذلك الارهاب، بل تخبطت الادارة يمينا وشمالا في البطش بكل ما يقع تحت ايديها في سبيل التخلص من الارهابيين واشتغل «المحافظون الجدد» الذين هم نسخة مكررة من محاكم التفتيش الاسبانية في تلك الظروف لمحاربة الاسلام تحت ستار الارهاب، الى ان اعلن باراك اوباما استراتيجيته الجديدة للأمن القومي وهي اعتبار تنظيم القاعدة هو العدو الرئيسي، وان استخدام القوة وحده لا يكفي.

لقد شعرنا حين زرنا بعض الجامعات العريقة في اميركا مدى ترحيبهم بتوثيق العلاقات مع بلداننا وفتح المجال لاستقطاب الطلبة بعدما ادت سياسات حكومتهم الى عزلة كبيرة بينهم وبين جميع بلدان العالم الإسلامي، بل وحتى دول أخرى، ولا شك اننا بحاجة ماسة الى الاستفادة من التقدم التكنولوجي الهائل لدى هذا البلد، فهي مصالح مشتركة تتطلب كسر الحواجز السياسية التي سببت النفور بين الطرفين، كما ان الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة قد ارعبها الانعزال عن امتدادها الاسلامي ورحبت بعودة الاتصال وتدفق المساعدات لها والدعم المعنوي.

ان هامش الحرية للجاليات المسلمة في الولايات المتحدة كبير جدا ولا يمكن مقارنته بأوروبا التي بدأت بالتضييق على المسلمين، كما ان المسلمين قادرون على كسر احتكار الصهاينة للقرار السياسي الأميركي ودعم قضايا بلدانهم الاسلامية اذا ما حصلوا على الدعم الكافي والتشجيع المستمر من الخارج.

في زيارة لنا للمعرض الحربي في مدينة دايتون شاهدنا صورة حية للقوة والتطور الذي حققته الولايات المتحدة في الآلة العسكرية الحربية خلال اكثر من قرن من الزمان بدءا بما حققه «الاخوان رايت» من تجارب بدائية لصنع الطائرة الخشبية، ثم تطوير سلاح الطيران خلال الحرب العالمية الاولى ثم الثانية الى ان وصلوا الى عصر الصواريخ والمكوك الفضائي وطائرات الشبح والـ (B52) ثم طائرات (F2) الرهيبة ومرورا بتفجير القنبلة النووية والدمار الهائل الذي لحق بالكون من جرائها.

لقد اعتقد الاميركان بأنهم قد سيطروا على الكون بفعل ذلك التقدم وانهم ملكوا اسباب الهيمنة على العالم، لكن الضربات التي جاءتهم واهمها انفضاض الناس عنهم وعزلتهم علمتهم درسا مهما وهو ان حسن التدبير والتوازن والعلاقة الطيبة بالشعوب والعدل والمساواة هي مفاتيح القوة الحقيقية.





د. وائل الحساوي

[email protected]