سلطان حمود المتروك / حروف باسمة / في ذمة الله الكريم وحفظه ... أبولؤي

الحياة سفر كبير تسجل فيه احوال الناس، وتاريخهم ومواهبهم، وغاياتهم، وعاداتهم، وخبراتهم وهم يعيشون في انحاء هذه المعمورة حتى اذا ما أفلت بعض النجوم فإن الناس يقتبسون مما انجزوا وخلفوا في مجالات الخير والعطاء لكي يحذوا حذو تلك الانجازات، ويقتبسوا من تلك الخبرات كي يضيفوا إلى حصيلتهم فيجدون الخطى من اجل الوصول إلى بغيتهم، وهكذا الدنيا نجوم تسطع واخرى تأفل.

وكما قال الاديب:

ارى العمر في صرف الزمان يبيد

ويذهب لكن ما نراه يعود

فمن النجوم التي افلت عن سماء هذه الديرة الحبيبة في الاسبوع الماضي هو المرحوم باذن الله تعالى عبدالله علي جمال، اتذكر أبا لؤي منذ عقد الستينات من القرن الماضي وهو يجد الخطى والتفاؤل هو رائده في مسيرته والعطاء الابوي الزاخر بالحنو المتدفق هو ديدنه.

عمل رحمه الله في وزارة المالية عام 1958 وبعد ذلك بعامين انخرط بمنظومة الطيران المدني حيث ارسل في عام 1961 إلى جمهورية مصر العربية للتخصص في مجال التردد العالي اي الاتصال في المطارات والطائرات بالمجال البعيد لاعطاء واخذ المعلومات وتمريرها لبرج المراقبة والرادار.

عمل أبولؤي يرحمه الله في هذا المجال باخلاص واصرار حتى انشئ قسم مركز المعلومات حيث انخرط أبو لؤي للعمل فيه، وهذا القسم يحتوي على سجلات تتضمن معلومات عن المطارات من حيث المدرجات، والممرات، والاجهزة الملاحية، والتضاريس، والقوانين للبلد المتجه اليه.

عمل المرحوم باذن الله تعالى عبدالله علي جمال رئيسا لهذا القسم حتى 31/12/1983، حيث تقاعد عن عمله بعد ان ترك سجلا حافلا بالخبرة العملية والتجربة الرصينة التي تعلمها كثير من الموظفين الذين تدربوا على مضامين خبرته يرحمه الله.

اتذكر مشهدا مؤثرا عندما شيع إلى مثواه الاخير اتذكر وجوه ابنائه وكأنها تحكي قول الاديب:

ابي ارى الايام تبسم لي

بقربك حين تبتسم

وتذهب عني البلوي

ويحلو المر والسقم

يهون الخطب والاملاق

في رؤياك والعدم

وتسطع بالرؤى دنياي

ضاحكة وتنتظم

وكيف اخاف جائحة

وانت الحصن والحرم

ولكن مشيئة الله لابد وان تُقَضى ولا راد لقضائه.

اللهم بارك لابي لؤي في حلول دار الآخرة وطول المقامة بين اطباق الثرى، واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل له، وارحمه رحمة واسعة، واجعل لاهله من لدنك صبرا وسلوانا وإنا لله وإنا إليه راجعون.



سلطان حمود المتروك

كاتب كويتي