ضواحي / أحلام الصغار

1 يناير 1970 07:27 ص
|نورة سمحان|

يرفع إحدى قوائمه بحذر... ثم يرفع رأسه بكبرياء متأصل فيهتز العرف الأحمر متناغما لحركته الحذرة، يصيح صيحته الأولى فينبعث الصوت متحشرجا حادا متقطعا، يرهف السمع ينزل رجله ويتتبع اثر صيحته في أرجاء الكون الواسع، حيث الليل ساكن بهيبته الغامضة يحرك رأسه يمينا ويسارا لعل أحد الديكة يرد عليه مرحبا... تلاشى صوته ضعيفا لم يبلغ مداه أرجاء المكان.

مرة أخرى أعاد الديك الصغير المحاولة بتركيز... تصميم فجاء صياحه أفضل بالرغم من اضمحلاله في سطوة الليل انسحب من المكان راضيا عن أدائه الليلة متجها للقن، ومازال عرفه يرفرف بنشاط وفرح.

تبسم لعمق الموقف وهو يراقب الديك من نافذته المطلة على فناء البيت، لاحظ أن رجله مرفوعة تنبه انه كان يحاكي الديك في حركاته. في الصباح حمل جميع الأوراق التي تحوي انجازاته... إبداعاته من رؤى الواقع والحلم التي عايشها لسنوات يتعاهدها بوقته وجهده المتواصل، بالرغم من تصدي البعض لهذا الحلم وتهميشه، إلا انه أدرك أن قطع الطريق لا يتم دون محاولة جريئة... رفع قدم وخفض الأخرى دون كلل... ملل... إلى مكان يسمع فيه صوتا مصرا صادقا يبلغ مداه ليتوهج الحلم حقيقة.

اتجه لقن الدجاج قبل انصرافه... فوجد الديك الصغير نشيطا عيناه ترصدان الديكة الكبار، مبتعدا عنها بحذر وهي تستأثر بالحبوب بنهم شديد تصارع بعضها البعض دون راحة، ريشها يتطاير مع غبار المكان بينما هو ينقر راضيا من الحبوب المتناثرة من الصراع مدركا حاله... بينما... عيناه لا تهدئان... ترصدان حلما عظيما... وعرفه البديع أحمر يهتز بشرف متجاوبا لأحلام الصغار.