د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / إلى هواة تنقيح الدستور

1 يناير 1970 05:00 م
عاد بعضهم يعزف سيمفونية تعديل وتنقيح الدستور من جديد، وكأن الدستور أصبح الهم الثقيل الذي تنوء بحمله الجبال، وما علموا أن تعديل الدستور حسب نصوص الدستور نفسه تدعو إلى المزيد من الحريات، أي مزيد من مساحات التعبير على الرأي.

أستغرب من نائب مجلس أمة أقسم على الحفاظ على الدستور دعوته إلى تقليص مدى الحرية، كما أستغرب من كل كاتب صحافي يؤازر تلك الدعوات التي تريد تكميم الأفواه، والتضييق على البشر، مهما كانت المبررات، فالحرية هي الهواء الذي يتنفسه الإنسان، ومن دونه يصبح آلة صماء جوفاء، لا نفس فيها ولا روح.

الدستور ليس قرآناً منزلاً، وليس منزهاً عن النقص، بل أقر واضعوه حسب نص المواد (174، 175، 176) بجواز التنقيح بعد مرور خمسة أعوام من تطبيقه، نعم هو يحتاج إلى تعديل وتنقيح، فالنباتات تنمو، والصغير يكبر، والأفكار تتغير، والدنيا تتحول، والأنظمة تتبدل، والبشرية في تطور مستمر، فمن ناحية المبدأ نقر بأهمية إعادة النظر في مواد الدستور.

لو قرأنا نص المادة (175) من الدستور لوجدناها تنص على أن (الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصاً بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة). فالنص واضح بدعوته إلى مزيد من الحريات، ونبذ التفرقة والعنصرية والفئوية أياً كان شكلها.

كما نصت المادتان (65، 66) المستثناتان من أي تعديل على المساحة الكبيرة من الحرية والتعبير عن الرأي، التي تعطي الحق لأعضاء مجلس الأمة رد المراسيم الأميرية، وهذا وأيم الله قمة الحكم الصالح، الذي يأخذ برأي الأغلبية، ولذا جعلهما المشرع قبل خمسين عاماً بعيدتين عن أيدي هواة تنقيح الدستور، وكأنه توقع ظهورهم يوماً من الأيام.

إننا إذ نطالب بأهمية تعديل وتنقيح الدستور حالياً وفي كل وقت، لنؤكد على أهمية زيادة مساحات التعبير عن الرأي، والحفاظ على مزيد من ضمانات الحرية، كما نطالب بالتركيز على المساواة في شتى صورها، بعيداً عن نظام المحاصصة الفئوية والمذهبية والقبلية، كما نهيب بأعضاء مجلس الأمة أن يضيفوا نصوصاً في الدستور تجرم الطرح الفئوي والعنصري والمذهبي في أي وسيلة كانت، حفاظاً على تماسك المجتمع من التفتت والتشرذم.





د. عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

[email protected]