استطلاع / أكبر مشروع طبي خيري في العالم بدأ بـ «جنيه» ... و«قاطرة المحسنين» تواصل السير به إلى... ما لا نهاية

57357 حلم عربي تحقق على أرض مصرية

1 يناير 1970 10:37 ص
|القاهرة - من ناصر الفرحان|

من فكرة بسيطة أصبح صرحاً عظيماً ومن ثمانية أسرة في معهد الأورام السرطانية الى 180 سريراً في مستشفى يعد الآن أكبر صرح طبي خيري لعلاج أمراض سرطان الاطفال في العالم، ومن بداية تبرع جنيه مصري واحد، واصل «قطار المحسنين» السير الى ما لا نهاية، عبر تبرعات بمئات الملايين الى مستشفى يضم الآن قرابة ربع مليون طفل عربي مصابين بالداء اللعين، فيما تماثل أكثر من 56 ألفاً آخرين للشفاء منذ افتتاح هذا الصرح رسمياً في شهر يوليو من العام 2007.

نعم «57357»... مستشفى بمثابة حلم عربي تحقق على أرض مصرية، بفضل أياد بيضاء أغدقت عليه الكثير ولاتزال من خلال حساب يحمل رقم اسمه في أكثر من 21 مصرفاً وبنكاً في مصر والعالم العربي وأوروبا وأميركا حتى وصل قيمة ما يصرف عليه سنوياً نحو 150 مليون جنيه.

«الراي» زارت هذا الصرح الطبي الكبير والتقت بطاقمه الطبي والاداري وكذلك بمجموعة من الاطفال المصابين بالسرطان وذويهم للوقوف على نوعية الخدمات والرعاية التي تقدم في هذا المستشفى الذي ذاع صيته عربياً وعالمياً كونه يعالج نزلاءه مجاناً.

وهنا حصيلة اللقاءات:



البداية كانت مع نائب المدير العام للتشغيل والجودة في مستشفى سرطان الاطفال (57357) الدكتور خالد النوري الذي ذكر ان المستشفى تم افتتاحه في 7/7/2007 وذلك بفضل مجموعة من رجال الأعمال وسيدات المجتمع وتبرع الخيرين من المواطنين المصريين والزوار، لا سيما التبرع السخي من رئيس مجلس الشعب المصري الدكتور فتحي سرور بأرض خاصة لبناء المستشفى بمساحة 10 آلاف متر مربع وذلك للحاجة الماسة لوجود هذا المستشفى المتخصص الذي يعالج سرطان الاطفال بأحدث النظم العلاجية التي تطبق في المستشفيات العالمية وبطاقة استيعابية تقدر بـ 180 سريراً مخصصة جميعها للحالات الحرجة ذات المناعة الضعيفة وللنقاهة من العمليات الجراحية، حيث يستقبل قسم العلاج اليومي قرابة 400 حالة لطفل مصاب بالسرطان ويختص بالعلاج الكيميائي والمحاليل للمرضى الذين تسمح حالتهم بالعودة الى منازلهم، وفي آخر احصائية عام 2009 بلغ عدد من تم علاجهم من الاطفال قرابة 56 ألف طفل مريض بالسرطان بمختلف أنواعه، فضلاً عن قسم العيادات الخارجية والعيادات المتخصصة في جميع أنواع سرطان الاطفال والتي تستقبل من 300 الى 500 حالة يومياً للتشخيص والعلاج والمتابعة.

وأوضح الدكتور النوري ان المستشفى يستخدم أحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في العالم وفق مفهوم الخدمة المتكاملة، حيث يقدم خدمات تشمل الجراحة الميكروسكوبية وجراحة الأعصاب والعناية المركزة وزراعة النخاع والعلاج الطبيعي ومعامل مزودة بأحدث تكنولوجيا الكشف عن السرطان مثل جهاز (PET-CT) مع تصميم الوحدات الداخلية للمستشفى بحيث تضمن أعلى مستوى لمكافحة العدوى واتباع أحدث أساليب الجودة.

وأشار الى ان ادارة المستشفى رعت الجوانب النفسية للمرضى وذويهم وقامت بإنشاء أول قسم متخصص لتقديم الرعاية النفسية والخدمات الاجتماعية للاطفال المرضى وذويهم مع انشاء مؤسسة تعليمية خاصة بالمستشفى تتبع احدث أساليب البحث والتطوير وتبادل الخبرات العالمية وتوفير قيادات ادارية واعية تطبق معايير الجودة وتستند الى احدث تكنولوجيا نظم المعلومات.

وأكد النوري ان سرطان الدم هو اكثر الامراض السرطانية شيوعا بين الاطفال ويستغرق علاجه من سنة الى 3 سنوات وبتكلفة تتراوح ما بين 100 الى 300 ألف جنيه، علما بأن من أهم شروط دخول المستشفى ان تكون الحالات التي تم تشخيصها او التي يشتبه ان تكون حالات سرطانية والتي لم تتلق علاجا للسرطان من قبل وسن القبول من يوم الى 18 سنة، لافتا الى ان المستشفى استقبل مصابا عمره 3 أسابيع وهو أصغر مريض خضع للعلاج في المستشفى حتى الآن.

وأضاف النوري ان الوقف الخيري هو ما يتم وقفه من الاموال الخاصة ليكون ريعها لصالح عمل خيري حيث يعمل المستشفى على استخدام اموال الوقف الخيري والتبرعات المالية لتنميتها واستثمارها على أسس اقتصادية للصرف على علاج المترددين عليه من الاطفال على المدى الطويل، كما يتم تخصيص الصدقة الجارية أيا كانت قيمتها للانفاق على اقسام المستشفى المختلفة والاجهزة الطبية كما ان للمتبرع الحق في اختيار قيمة التبرع ويمكن اختيار القسم او الحجرة او الجهاز او السرير الذي سيتبرع بقيمته، وكنوع من الشكر والعرفان لمساهمة المتبرع في هذا المشروع يتم اطلاق اسمه او اسم من يريد من اقاربه الاحياء منهم او الاموات على الجناح او الجزء او الجهاز الذي تم التبرع بقيمته لتظل دوما دليلا على كرم وعطاء المتبرعين.

وقال ان مشروع التبرع بالجنيه هو احد طرق تنمية موارد المؤسسة لصالح دعم مستشفى أورام الاطفال بصفة مستمرة واختيارية ويشارك في هذا المشروع الموظف المتعاطف مع اطفالنا المرضى بالسرطان والانسان البسيط وحتى الاطفال والشباب من مصاريفهم سواء بصفة مستمرة عن طريق ملء استمارة او عن طريق التبرع في الحساب مباشرة المعتمد لدى اكثر من 21 بنكا ومصرفا على مستوى مصر والوطن العربي وأوروبا وأميركا وبرقم حساب واحد هو 57357، وهو الرقم الذي يحمل اسم المستشفى ليكون في ذاكرة كل محب للخير وتسهيلا على المتبرعين، كما يمكن التبرع عن طريق مقر المستشفى في 1 شارع 6 - السيدة زينب - القاهرة او من خلال بطاقة الائتمان او عبر الموقع الالكتروني (www.57357.com)، مشيرا الى ان اقل تبرع كان جنيها مصريا واحدا وأعلى تبرع فردي من شخصية عربية «فاعل خير» تبرع بخمسة ملايين دولار وأعلى تبرع جماعي كان من طلبة جامعات مصر في حفل خيري وصل فيه قيمة التبرع الى 22 مليون جنيه مصري.

وأكد النوري ان المستشفى ينشد العدالة والمساواة في تقديم الجودة الطبية وتقديم العلاج المتميز مجانا لجميع الاطفال المرضى بالسرطان، بصرف النظر عن المستوى المادي او الجنسية او الديانة سواء من داخل مصر او خارجها، وكذلك تقديم كافة الخدمات للمريض وولي أمره المرافق من ادوية ومأكل وملبس في كافتيريا مجانية تقدم كل الوجبات وما يحتاجه النزلاء من مشروبات، بالاضافة الى البدء في انشاء ثلاثة أدوار ضيافة للمرافقين من أولياء أمور المرضى الذين يسكنون خارج القاهرة ولا يستطيعون الذهاب والاياب في نفس اليوم وبصفة مجانية.

وافاد بأن المستشفى يعالج حاليا قرابة 40 في المئة من المرضى الاطفال المصابين بالسرطان والمقدر عددهم بقرابة ربع مليون مصاب، ولكي نستطيع ان نعالج البقية فقد وقعنا على مشروع انشاء فرع جديد للمستشفى في طنطا وسيفتح بإذن الله في 7/7/2012 حسب الموعد المحدد بالعقد، وبحسب المواصفات والخدمات المقدمة في المشروع الحالي وذلك لاستقبال اكبر قدر ممكن من الاطفال المصابين بالسرطان وعلاجهم، متمنيا ان يستمر هذا الانجاز والتطور خصوصا بعد ان كرمت منظمة الصحة العالمية مستشفى 57357 لعلاج امراض سرطان الاطفال كأفضل مشروع طبي خيري على مستوى العالم عام 2008.

واختتم الدكتور خالد النوري حديثه بتقديم الشكر لجريدة «الراي» على تواجدها واهتمامها بتسليط الضوء على هذا المشروع الخيري.

من جانبه، قال مدير العلاقات العامة احمد عبدالمنعم ان الاعلام الكويتي له الفضل الكبير في نشر اعمال وانجازات مستشفى سرطان الاطفال بالاضافة الى الاعلاميين الكويتيين الذين يزورون المرضى في المستشفى مثل الفنان داود حسين والفنانة منى شداد والشيخ خالد المذكور والشيخ ناظم المسباح، بالاضافة الى سفير دولة الكويت في مصر الدكتور رشيد الحمد الذي يزور المستشفى بصفة دورية وهو انسان رائع جدا في متابعته للاطفال المرضى، بالاضافة الى المحسنين الكويتيين ولعل اكثرهم تواجدا وزيارة لنا السيدة خولة مبارك الحساوي التي تبرعت بتأهيل جناح خاص باسمها للمرضى وهي تزورهم سنويا مرة او مرتين وتأتي لهم بالهدايا واللعب وتجلس معهم يوما كاملا، وندعو الله تعالى ان يجعل اعمالها الخيرية هذه في ميزان حسناتها.

واوضح عبدالمنعم ان معدل الصرف السنوي في المستشفى وصل الى 150 مليون جنيه مصري، لايتحمل منه المريض شيئا بل نقدم له كل الخدمات والادوية مجانا.

تجولت «الراي» في اروقة مستشفى 57357 ودخلنا إلى اجنحة الأطفال والعناية المركزة وصالة الانتظار وغرفة التسلية الخاصة بالمرضى الاطفال والتقينا ببعض المرضى الاطفال ومنهم المريضة «روان» وعمرها سنتان ونصف السنة حيث ذكرت والدتها بأنها مصابة بسرطان الكلى وتعالج في هذا المستشفى منذ شهرين وبصفة مجانية وتقدم لهم كافة الخدمات الصحية، شاكرة للخيرين هذا العمل الكبير.

اما المريضة «نجيبة» وعمرها 13 سنة وهي مصابة بسرطان الدم وورم في النخاع فشكرت الله سبحانه وتعالى ان وفر لها العلاج في هذا المستشفى، متمنية على اهل الخير والمال ان يساهموا في استمرار هذا المستشفى في عمله لمساعدة الفقراء من المرض قائلة: «لولا هذا المستشفى لكنت طريحة الفراش وربما ميتة من زمان».

المريضة هدير وعمرها تسع سنوات مصابة بسرطان في الرجل وتراجع المستشفى منذ ثلاثة اشهر، اعربت عن سعادتها بما تحصل عليه من خدمة طبية بقدر آلامها ومعاناتها من هذا المرض اللعين، داعية الله ان يمن عليها بالشفاء، كما شكرت كل من يتبرع لهذا المستشفى لانقاذ اطفال لا يملكون قيمة العلاج الذي يكلف الالاف نظرا لطول فترة العلاج.

اخيرا دعت والدة المريض مروان (4 سنوات) ومصاب بسرطان في المعدة والكلى اهل الخير ان يتبرعوا للمستشفى لانه انقذ حياة ابنها وساعد الاف الاطفال المرضى خصوصا المعوزين منهم، قائلة: ليجعل المولى عز وجل دعواتنا ليل نهار من نصيب خيرين تبرعوا بالكثير من المال من اجل انقاذ حياة ابنائنا.