تركي العازمي / الخصخصة... وضياع هيكلة الاقتصاد!

1 يناير 1970 04:52 ص
مر قانون الخصخصة بمعارضة 28، وخروج تصريح النائب المخضرم أحمد السعدون: «من دون هذا القانون سيستمر الفساد»... الله أكبر عليك يا أبا عبد العزيز.

لو كان في الكويت قطاع خاص ناضج لطالبنا بالخصخصة، ولو أن هناك إدارة وقيادة فاعلة في القطاع الخاص، ولو أن هناك حوكمة Corporate Governance غير تلك النظرية لكان لنا حديث آخر... إنني وبقراءة بسيطة لقانون الخصخصة، ووضع الكويت حسب ما يراها قادة التقيت بهم وكانت الحوارات في غاية الشفافية، أود أن أبين الآتي حسب ما ذكره قياديو القطاع الخاص من المتميزين لي كباحث يتطلع للأفضل من خلال دراسة أكاديمية تعتمد على الحيادية والسرية من جانب المصادر التي فتحت قلوبها لنا:

أولاً: القطاع الخاص الحالي تهيمن عليه الحكومة، فمعظم الشركات المدرجة تمتلك الحكومة نسبة مؤثرة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر: فأين القطاع الخاص الناضج، ولماذا لم يتم وقف تنفيذ القانون حتى أن تنتهي الدولة من إعادة هيكلة الاقتصاد، وإعادة هيكلة القوانين والمرافق بشكل جذري، وسن القوانين الخاصة بمرحلة التخصيص، ثم ماذا تبقى لدينا بعد استثناء القطاعات التي تحمل فرصا حقيقية، وكيف لنا تحقيق مفهوم الخصخصة والحكومة تهيمن على ما يقارب 90 في المئة من الإدارة الاقتصادية!

ثانياً: معظم القيادات التي تأتي إلى المناصب القيادية التنفيذية إما أنها قادمة من قطاعات عائلية، أو من باب اجتماعي «هذا راضين عليه»، أو سياسي... وهذا ما يحتاج لتوضيح أكثر: طالع الأسماء وتعرف، وإذا أدركنا الحقيقة في أن مخرجات القيادة في الكويت ليست نتيجة القطاع الخاص بل نتيجة عوامل عائلية، أو اجتماعية، أو سياسية، فأين القيادة التي ستحمل الرؤى في الخصخصة، أضف إلى أن القيادة في القطاع العام الذي يفترض أن يأخذ صفة المراقب فاشلة منهارة إلا في حالات فردية ساعدتها الظروف وميل أصحاب القرار لها وهم قلة جداً جداً!

ثالثاً: ماذا ستعمل الجهات الرقابية بعد إقرار قانون الخصخصة بالنسبة للتكويت وهي تعلم بحقيقة الفساد وهذه النقطة نوجهها إلى النائب أحمد السعدون: «هناك شركات تتحايل على قانون التكويت من خلال فرز موظفيها غير الكويتيين في شركة تملكها 100 في المئة، وتقوم بالتعاقد معها على أنها تقدم لها عقد استشارات وهم في الواقع الموظفون أنفسهم وفي المكاتب نفسها، فقط تغيرت اقاماتهم بشكل صوري على شركات ورقية... وبالتالي تجد تلك الشركات تتشدق بنسبة الكويتيين العالية في مؤسستها»!

رابعاً: هل يعلم القطاع الخاص إلى أين هو ذاهب والقرارات الحكومية في تغير مستمر!

خامساً: الواسطة موجودة، والرشاوى تدفع، والهدايا تقدم فبأي عقلية سندير عجلة الخصخصة في هذا المناخ الفاسد!

هذا ليس بقولي هذا نتاج بحث علمي محايد، والدليل على التخبط هو أن الحكومة تأتيك مدافعة عن الخصخصة وتناقض نفسها بإقرار 124 كادرا في جلسة واحدة وهي التي كانت ترفض زيادة الـ 50 دينارا... وهل يقبل الكويتي الذهاب إلى القطاع الخاص بعد هذا الكرم الحاتمي في الكوادر رغم من أنه خالف مبادئ دستورية!

إن الأمر في حاجة إلى النظر في الوضع الحالي، وأن تعيد الحكومة أولاً هيكلة الاقتصاد الوطني، وتصحح القوانين المعمول بها ومن ثم ترفع الحكومة يدها عن القطاعات التي تمتلك فيها الأغلبية بشركات القطاع الخاص، وأن يكون اختيار القياديين من خلال استراتيجية واضحة تنصب الكفاءات بشكل عادل و«تشوف خمالها في التكويت والكوادر»!

لقد اجتهدنا في عرض نقاط بسيطة لكل من يبحث عن حقيقة الواقع المر المحيط بنا... والله المستعان!







تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]