ممدوح إسماعيل / مجاعة النيجر ... ولله يا محسنين

1 يناير 1970 06:49 ص
النيجر بلد مسلم... أكثر من 95 في المئة من سكانه من المسلمين، ويقع في غرب أفريقيا، عدد سكانه 15 مليون نسمة، ومساحته مليونا و27 ألف كيلو متر مربع، 8 في المئة من مساحته صحارى، وهو دولة حبيسة لا تطل على أي بحر، وهو من أفقر دول العالم، وفيه أعلى نسبة وفيات أطفال في العالم بسبب الفقر وسوء التغذية، وقد تعرض لمجاعة شديدة العام 2005، وفي 28 أبريل الماضي حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جون هولمز من أن أزمة الغذاء التي تواجهها النيجر قد تتعمق ليصبح الوضع كارثياً، ووصف الحالة بأنها أسوأ من آخر حالة للطوارئ أعلنت العام 2005.

ويهدد الجوع هذا العام 7.8 مليون شخص في النيجر... يشكلون نحو 60 في المئة من السكان، بعد انهيار الإنتاج الزراعي والحيواني عقب شح الأمطار العام الماضي. وتتوقع الأمم المتحدة أن يزيد الرقم ليواجه نحو عشرة ملايين شخص نقصاً شديداً في الغذاء في منطقة جنوب الصحراء.

والنيجر... كانت مستعمرة فرنسية، ولا تزال فرنسا رغم الاستقلال تتحكم في كثير من ملفات النيجر وأشهرها اليورانيوم المنتشر في النيجر ولكن عائده لا يظهر على الشعب الفقير، الذي بلغ فيه الفقر مبلغاً جعل النساء تتبع أسراب النمل الأبيض كي يعرفن أين يخبئ الحبوب... ويموت الناس جوعاً في النيجر المسلمة المحاطة بسبع دول معظمها مسلمون.

ولعل القارئ يتعجب من أن يموت الإنسان من الجوع في زمن يتحير الكثيرون في اختيار أصناف الطعام لغدائه وعشائه.

والإنسان والحيوان في النيجر يموتون جوعاً بسبب الفقر، وقلة الغذاء، والتصحر الذي سبب جفافاً شديداً في دولة تعتمد الزراعة فيها على الأمطار.

ومن المحزن أن يحدث ذلك وديننا الإسلامي هو دين الرحمة، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الرحمة، يقول الحق «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»... والرسول هو القائل «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله» وأي خذلان للمسلم في النيجر عندما يموت من الجوع وهو يرى أطناناً من الطعام في بلاد إسلامية تلقى في الزبالة بعد حفلات واحتفالات باذخة.

من قمة الرحمة الإنسانية في ديننا العظيم قول الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: «في كل كبد رطبة أجر»، والكبد المتعطشة لجريان الدم فيها كبد 10 ملايين مسلم لا يريدون سيارات، وجوالات، أو أي من السلع الترفيهية، يريدون أي نوع من الطعام: خبز، أرز، قمح، يسدون به جوعهم.

من المحزن أن تعلن الأمم المتحدة أنها تحاول جمع 190 مليون دولار، إلا أنها لم تتمكن إلا من جمع 57 مليونا، والـ190 مليون دولار مبلغ يتم انفاقه ببساطة لإقامة فندق للرفاهية في دولة إسلامية. ومن المؤسف والمخجل أن الأمم المتحدة تعلن أنها لم تستطع إلا جمع 57 مليونا... يا الله... أين المسلمون، أين مليارديرات المسلمين الذين تتزين بهم مجلات رجال الأعمال، ويتصدرون قائمة أغنى مئة رجل في العالم، بل أين تعاطف وتراحم مليار وأربعمئة مليون مسلم في العالم؟

أعتقد أن مأساة شعب النيجر جديرة بالاهتمام من كل مسلم على قدر استطاعته، فهم شعب مسلم محافظ على دينه رغم حملات التنصير التي لا تتوقف لتغريب هويته ونزعها من الإسلام، بل تنتشر في أرجاء النيجر كتاتيب تحفيظ القرآن، وحفظة القرآن في النيجر كثر.

من المخجل أن تنتشر في بلادنا العربية والإسلامية أدوية ونوادي التخسيس في الوقت الذي نرى فيه شعب النيجر المسلم جلداً على عظم، بل يموتون بسبب الجفاف والفقر وقلة الغذاء في النيجر.

شخصياً في حياتي لم أقابل أي مسلم من النيجر ولكني قابلتهم بقلبي ومشاعري كمسلم، تلك المشاعر التي تفرض عليَّ مشاركتهم أحزانهم وآلامهم، فالنبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هو القائل للمسلمين «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

وأخيراً... يقيناً أن 140 مليون دولار ليست مبلغاً كبيراً على المحسنين في بلاد المسلمين، وبالطبع ليست مبلغاً كبيراً على بعض الدول العربية والإسلامية التي عرف عن حكامها المسارعة للتبرع للأعمال الإنسانية. فلله يا محسنين أسرعوا وسارعوا إلى إغاثة شعب مسلم لا يريد غير الغذاء والطعام والأجر والمثوبة عند الله. وكما يقال صدقة قليلة تمنع بلاوي كتيرة.



ممدوح إسماعيل

محام وكاتب

[email protected]