تحقيق / مادة سُقفت بها أسطح مباني العاملين في «النفط» رغم تحذيرات «البيئة»

«الأسبستوس» تحاصر سكان الأحمدي... بالسرطان

1 يناير 1970 06:12 ص
|كتب حـسـن الـهـداد|

محافظة الأحمدي محاطة بالأمراض الخبيثة، وبعض من سكانها مهددون بالاصابة بسرطانات الرئة والحنجرة والمعدة والمستقيم، والسر في مادة «الاسبستوس» التي تهددهم في كل لحظة باختراق الرئة والاستقرار فيها، لتبدأ رحلة معاناة طويلة تنتهي... بالموت.

الهيئة العامة للبيئة ورغم معرفتها بخطورة مادة « الاسبستوس»، مازالت تتركها فوق أسقف بعض المباني الحكومية ومنازل العاملين في القطاع النفطي في مدينة الأحمدي، لتهدد حياة قاطنيها بالسرطان ليل نهار، وهو الامر الذي يدعو الى التساؤل عن أسباب عدم ازالتها بدلا من تركها لتهدد صحة المواطنين؟

تؤكد الدراسات العلمية ان خطر تعرض مستنشقي تلك المادة خصوصاً الاطفال للاصابة بالسرطان مرتفع جدا، وسبق لمجلس حماية البيئة الذي كان موجوداً قبل انشاء هيئة البيئة التحذير من خطورتها عند تسقيف المباني التابعة للقطاع النفطي والجهات الحكومية في مناطق مختلفة في أنحاء البلاد، ورغم خطورة الامر لم يكن التفاعل الحكومي فعالا بل اكتفى في قراره رقم (26) لسنة 1995 والصادر عن وزارة التجارة بمنع استيرادها وتصنيعها.

«الراي» سألت عددا من المختصين بالشأن البيئي حول تلك القضية، وهنا الاجابات:



في البداية، طالب مدير عام الهيئة العامة للبيئة السابق الدكتور محمد الصرعاوي بشن حملة توعوية كبيرة تشمل جميع أنحاء البلاد لازالة مادة الاسبستوس، واصفا اياها بـ «المادة الخطرة»، محذرا من تعرضها الى المياه أو الرطوبة الشديدة أو التكسير، داعيا الهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة لتبني هذه الحملة لتعريف الناس بخطورة الاسبستوس، الأمر الذي سيجعل المجتمع يتفاعل مع الحملة ويرشد الى أماكن وجودها بهدف ازالتها.

وقال الصرعاوي: «مازالت بعض أسقف البيوت والمخازن في المصانع تستخدم هذه المادة، الأمر الذي يستوجب التعامل معها من خلال ازالتها من قبل شركات متخصصة، لاسيما أن هناك شروطا وضوابط يجب الالتزام بها لازالتها من كل الاماكن المختلفة وذلك لحماية صحة الناس».

وأشار الصرعاوي الى انه «في عام 2001 صدر قرار بمنع مواد العوازل التي تحمل مادة الاسبستوس، الأمر الذي جعل هيئة البيئة تمنع شحنات كبيرة تحمل تلك المادة الخطرة ونشر آنذاك تعميم رقم 210/2001 يلزم التعامل مع الألواح الأسبستية من خلال ازالتها».

وبدوره، أكد الخبير البيئي الدكتور علي خريبط «أن مادة الاسبستوس تعتبر من المواد الخطرة وتكمن خطورتها عندما تتلف المواد المصنعة من الاسبستوس أو أثناء التصنيع وتتناثر هذه الألياف في الجو وتنتقل الى الجهاز التنفسي للانسان»، مبيناً «أن هذه الألياف لها القدرة على عمل خدوش داخل الرئة تؤدي الى التهاب وسرطانات تسمى الميسوثيليوما».

وقال خريبط: «ان هذه المادة لا تصنع عالمياً بسبب خطورتها على الصحة وتم استبدالها بمواد صديقة للبيئة والصحة»، مشيراً الى «أن عملية التخلص من ألواح الاسبستوس بحاجة الى مهارة خاصة من قبل مختصين قادرين على ازالته والتخلص منه بطرق بيئية صحية».

ولفت خريبط الى «أن التعامل مع هذه الألواح الاسبستية بحاجة الى تضافر جهود الجهات المعنية وعلى رأسها هيئة البيئة للتخلص منها بطرق صحية، بالاضافة الى ضرورة توعية المجتمع بكيفية التعامل معها والابلاغ عن وجودها لازالتها».

ومن جانبه، رأى رئيس جماعة الخط الأخضر البيئية خالد الهاجري «أن وجود مادة الاسبستوس كأسقف لعدد كبير من المنازل في منطقة الأحمدي وغيرها يضع أصحاب تلك المنازل في دائرة الخطر، خصوصا أن خطورة تلك المادة تكمن في قدمها وتكسيرها، وبالتالي ستنطلق منها ألياف وغبار تتعلق بالهواء ويصبح من السهل وصول هذا الغبار الى الجهاز التنفسي من خلال الاستنشاق، وهذا يحدث مشاكل صحية خطيرة».

وقال الهاجري: «ان الحكومة لم تفعل قرارها الذي صدر عام 1995 عن وزارة التجارة الذي منع استيراد وتصنيع مادة الاسبستوس»، موضحا «ان ازالة تلك المادة المسرطنة تحتاج الى مختصين لتفادي خطر غبار هذه المادة التي تتسبب بأورام الرئة»، متسائلاً: «الى متى سيبقى التقاعس الحكومي تجاه تلك القضية التي تعتبر من أهم القضايا البيئية والتي تكمن في حماية صحة الناس خصوصا قاطني تلك المباني».

وأشار الهاجري الى «أن التحرك الحكومي بات ضرورياً لحماية أرواح الناس من تلك المادة الخطرة»، مؤكداً «أن عدم التحرك الحكومي ازاء حل تلك القضية يعني أن تكلفة ازالة تلك المادة من المباني والمنازل أغلى من حياة الناس».

ومن جانبه، أكد رئيس مكتب خدمة المواطن في الهيئة العامة للبيئة ناصر النقي «أن هيئة البيئة تلقت العديد من الشكاوى بهذا الخصوص من قبل سكان المناطق القديمة التي مضى على بنائها أكثر من 30 عاماً»، موضحا ان مادة (الاسبستوس) من المواد الخطرة التي تؤدي الى أورام سرطانية في الرئة وخطورتها تكمن أثناء كسرها واستنشاق غبارها.

وأوضح النقي «ان هذه المادة كانت تستخدم في بناء مظلات حماية السيارات وبناء الغرف على سطوح المنازل وبقاؤها مازال يهدد السكان، لاسيما أنه لا يمكن ازالتها من قبل المقاولين كونها تحتاج الى متخصصين لديهم القدرة على التعامل معها وردمها في أماكن مخصصة لها».

وأشار النقي الى «أن اللجنة الثلاثية المكونة من مجلس الوزراء على استعداد لازالة (الاسبستوس) من كافة المنازل التي تحتويها للتخلص من مخاطرها في مرادم مخصصة لها»، مؤكداً «أن الشكاوى التي تلقاها مكتب خدمة المواطن في هيئة البيئة كانت من مناطق مختلفة منها صباح السالم والرقة والصباحية والأحمدي».





أين يوجد الاسبستوس؟



• العوازل: مثل الأنابيب المعزولة والطوب العازل وأسمنت الأسبستوس.

• بناء السفن.

• وحدات الطاقة ومعامل التكرير.

• صناعات النسيج

• صناعة القفازات والبطاطين.

• فرامل وتروس السيارات.

• الأسلاك الكهربائية.

• مجففات الشعر وأفران الخبز المنزلية.





كيف يسبب الأمراض؟



اذا تم استنشاق أو ابتلاع فتات وألياف مادة الاسبستوس قد يؤدي الى أورام خبيثة في الرئة، والدراسات أثبتت أن الأكثر عرضة للخطر هم الأطفال كونهم لا يدركون خطورته ولا يحتاطون منه.





الأمراض التي يُسببها



• سرطان الرئة الخبيثة

• سرطانات خارج الرئة مثل أورام الحنجرة والمعدة والمستقيم

• تليف الرئة الذي يقلل جهد القلب





الأعراض المرضية



ظهور الأعراض المرضية قد تظهر بعد 10 سنوات من التعرض له ويمكن ان تطول الى 40 عاماً، لأن الألياف الضارة الناتجة عن مادة الاسبستوس تظل موجودة في الرئة مدى الحياة، وأعراضه تشمل التالي:

• ضيق في التنفس

• سعال مع بصاق

• فقر الدم واجهاد مزمن

• فشل في الجزء الأيمن من عضلة القلب





دراسات وتحذيرات دولية



أجرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان العديد من الدراسات والبحوث العلمية على مادة الاسبستوس، وأثبتت بأنها مادة مسببة للأمراض السرطانية، وأوصت بضرورة حظر استخدامها والتعامل بحذر معها خصوصا أثناء ازالتها، الأمر الذي جعل الدول الأوروبية تحرم تصنيعه أو استيراده.