|لطيفة جاسم التمار* |
تزامن اهتمام العرب بأنسابهم بغية المفاخرة به، فتوسعت القبائل واتخذت لها مكانة مميزة بين القبائل الأخرى، ومن هنا أخذ علم النسب اهتماما وعناية من علماء الأنساب والباحثين للتعرف على أبنية المجتمع العربي وخصائص تكوينه. وهناك أسباب عدة لاهتمام العرب بمعرفة علم الأنساب من أهمها، أن التعرف على النسب يزيد الألفة والتناصر بين العشيرة أو القبيلة، كما أنه عامل من عوامل الاتحاد التي تؤدي الى صفات كثيرة اشتهر بها العرب مثل الشجاعة، والكرم، والوفاء، واغاثة الملهوف، والحرص على أواصر القربى والنسب وتعزيزها للحفاظ على القبيلة موحدة حتى تستطيع الحفاظ على مكانتها من الانقسام والتفرق والضياع، لذلك أصبح الاهتمام منصبا على المحافظة على الأنساب والقبائل وما تمخض عنهم من فخوذ وعشائر، وعندما جاء الاسلام حث العرب المسلمون على تدعيم النسب من أجل صلة الأرحام والمودة. وجاء قول الله تعالى في سورة الرعد آية 21 «والذين يصلون ما أمر به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب».
وعن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فان صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجر، مرضاة للرب». «مسند الامام أحمد».
ومن أشهر مؤرخي علم الأنساب الذين اعتمد عليهم العرب، كعب الحميري، ووهب بن منية «ذكر قصص الأنبياء، وأخبار الملوك»، ومحمد بن اسحق ويعتبر من أقدم مؤرخي العرب. واجتمعت الآراء على عدم تأكيد علم الأنساب؛ فلا نعرف هل العرب نقلوا أنسابهم من الاسرائيليات؟ يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «كذبوا النسابون وأن يقولون كثيرا» أي أن علم الأنساب غير مؤكد فقد تناقل عبر العصور والأجيال، وشابه كثير من الكذب والتحريف.
وقد تميزت محاضرة الدكتور ابراهيم الشريفي التي ألقاها في أمسية الأربعاء في رابطة الأدباء، والتي عنونت بـ «تاريخ الأنساب العربية، كتابات توارثية ومغالطات جوهرية»، تحدث فيها عن خصوصية هذا العلم عند العرب. وهل فعلا العرب قد نقلوا أنسابهم من الاسرائيليات أم أنهم اهتموا بهذا العلم أكثر بعد الرسالة المحمدية؟ وبدأوا يفصلون في هذا العلم ويتخذونه أساسا لمعرفة أصولهم، فعرض الباحث تفصيلاً وتأريخاً لعلم الأنساب من سيدنا آدم الى سيدنا نوح وابراهيم الخليل وحتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ يفند كثيراً من المغلوطات التي كتبها اليهود في الاسرائيليات.
المحاضرة كانت شيقة، ألقت الضوء على الأصول منذ بدأ الخليقة وحتى أصولنا العربية الاسلامية، فجزيل الشكر والامتنان للدكتور الفاضل، عالم النسب والمهتم بالأصول العربية من خلال دراسات عدة أصدرها في مجموعة من المراجع، فكان كتابه الأول بعنوان «التحفة الذهبية في أنساب القبائل العربية» عام 1995, ثم ألحقه بـ «التحفة الذهبية في أنساب شبه الجزيرة العربية» عام 1996، ثم «الموسوعة الذهبية في أنساب قبائل وأسر شبه الجزيرة العربية عام 1998 من تسعة أجزاء. ثم كتاب المعاضيد وقطر: تاريخ ونسب وحضارة 2000م، وصدر له أخيرا كتاب «الخلق وأخبار العهد القديم، والخبر في آل الخليل ابراهيم, عليه السلام»، من ثلاثة أجزاء. فالكويت تفخر بأبنائها، ممن يقدسون العلم والمعرفة، ويرتقون بأنفسهم حتى يبنون وطنهم ويرفعون من شأنه، وينشرون ما توصلوا به من علم ومعرفة.
* ماجستير أدب عربي
[email protected]