المتحدثون في ندوة «مقصرون بحقوق المواطنة» دعوا إلى «حملة اجتماعية لحماية الوحدة الوطنية»
الغانم: «حكومات اللعب على المتناقضات» تهدم الأوطان
1 يناير 1970
07:05 ص
| كتب باسم عبدالرحمن |
شدد النائب مرزوق الغانم على اهمية التفريق بين مفهوم المواطنة والوطنية، مؤكدا ان المواطنة تعني تكريس روح الديموقراطية التي ترتكز على العدالة في دولة القانون من خلال وجود حقوق وواجبات.
وأوضح الغانم خلال كلمته في ندوة «مقصرون بحقوق المواطنة ... رسالة الى مؤسسات المجتمع المدني» التي اقامتها رابطة الاجتماعيين بالتعاون مع مكتب الانماء الاجتماعي مساء الاول من امس ان الرسالة يجب ان تتجاوز مؤسسات المجتمع المدني لتصل الى كل مواطن ومواطنة، مشيراً الى ان هناك خطين متوازيين للمواطنة الاول سلبي ويسمى بالهرمي او العمودي بمعنى انه كلما ارتفع الشخص زاد نفوذه وقربه من اصحاب القرار والسلطة ما يزيد من حقوقه وواجباته وكلما ابتعد عن هذا الهرم ساد الخط الثاني الافقي الايجابي بزيادة الواجبات على الحقوق الخاصة بتطبيق القانون وسيادته على الجميع لكفالة الحقوق والواجبات للجميع بغض النظر عن نفوذهم او الاقتراب أو البعد عن السلطة.
وقال الغانم: ان شريعتنا الاسلامية تعزز قيم المواطنة الايجابية التي تسود الآن في الولايات المتحدة الاميركية من دون الحاجة الى واسطة عضو في الكونغرس، في اشارة منه الى ان الولايات المتحدة ينطبق عليها مقولة جمال الدين الافغاني «رأيت فيها اسلاما بلا مسلمين».
ولفت الى انه من خلال تجربته في مجلس الامة ان نظام قيم المواطنة تُضرب على يد من يفترض فيهم رعاية هذا النظام، اذ ان الحكومة ضربت قيم المواطنة باتباعها سياسة فرق تسد واللعب على المتناقضات بدلا من ان تقضي عليها لتمرير استجواب ما او تحقق السيطرة التي تريدها.
وذكر ان المؤسسة التشريعية بكل اسف تشهد طرحاً فئوياً ومناطقياً ويتم تقييم القضايا بمن يقدمها لا بمنطق القضية نفسها، حتى اصبحت بعض مواقف بعض النواب ليست مبنية على مصلحة الوطن بقدر ما تبنى على كسب مزيد من اصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة بعد ان عمل كثير من النواب على التجهيز للانتخابات المقبلة لا الاجيال القادمة وهو ما يعد ضربا مباشرا بقيم المواطنة.
واعتبر الغانم ان الرسالة التي يجب على مؤسسات المجتمع المدني والشعب الكويتي توجيهها الى نواب مجلس الامة هي أن تكون مواقفهم غير مبنية على التكسبات الشخصية أو الفئوية أو القبلية، وهو الدور الذي على المثقفين وابناء الشعب القيام به، لافتا الى ان بعض وسائل الاعلام تقوم بدورها بضرب الوحدة الوطنية بطرح قضايا تمزق المجتمع وتفرقه، متعهدا بنقل رسالة مؤسسات المجتمع المدني الى مجلس الامة في لجنة الرد على الخطاب الاميري.
وقال: ان الجميع يحب الكويت لكن هذا لا يمنع القول انه لو كانت قيم المواطنة مغروسة داخل كل مواطن لما تفشت الواسطة والرشاوى داخل المجتمع ولم يحتاج مواطن الى مساعدة نائب لتمرير معاملته.
وتابع الغانم: «نعم نحن مقصرون سواء كنواب او مواطنين او مؤسسات مجتمع مدني»، مشيرا الى ان هناك نماذج طيبة تتحقق فيها قيم المواطنة مستشهدا بتجربته لرئاسة نادي الكويت الذي اعتبره ممثلا للكويت حيث لا يوجد فرق بين سني وشيعي، غني وفقير ما يدل على ان هناك انصهاراً داخل اعضاء النادي الذين لم يتلوثوا بما يحدث على ساحة المواطنة في الوقت الراهن.
واشار الى ان تجربة الغزو الغاشم أثبتت اختفاء الفوارق بين ابناء وفئات المجتمع الكويتي غير الموجودة بالاصل كون الدستور عزز قيم المواطنة، مشددا على ان هناك حاجة ماسة لحملة حقيقية لأن المواطنة تحتاج لرجال ونساء يبادرون لتحقيقها ونشر ثقافتها، مطالبا ابناء الشعب الكويتي بمطالبة نوابهم بالتركيز على تحقيق المواطنة.
واكد ان مواقفنا من القضايا يجب ان تكون مرتكزة على مبدأ القضية لا وفق اعتبارات شخصية، وان تكون اولوياتنا واضحة، منبهاً الى ان الحكومة للاسف الشديد زادت من المأساة المتعلقة بالوحدة الوطنية بسبب ترددها في اتخاذ قرارها مثل ما حدث في زيادة الـ120 ديناراً للمواطنين.
واستغرب الغانم من اثارة موضوع الكوادر مطالباً بأن يأتي وفق رؤية شاملة وبتواريخ محددة بعد امهال الحكومة وقتا كافيا لبحث هذه الكوادر مستنكرا قيام مجلس الوزراء باقراره كادراً لجهة معينة دون غيرها، متسائلا هل هذا منطق؟ وهل هذه حكومة يمكن ان يعول عليها؟
ودعا الغانم الشعب الكويتي الى ضرورة تحمل القدر وتعزيز قيم المواطنة، كما طالب مؤسسات المجتمع المدني ان ترصد تصريحات وافعال جميع المسؤولين من نواب وغيرهم معولا على الكتاب والصحافيين الوطنيين لتحقيق المواطنة الحقيقية لحفظ اجيالنا القادمة.
من جهته، اعترف النائب السابق احمد المليفي بأن هناك تقصيراً في مفهوم المواطنة عند الجميع كدولة وأفراد ومؤسسات مجتمع مدني حتى أضحت المواطنة بمفهوم الكلمة الواحدة تتلخص في الحديث عن حقوق دون واجبات.
واستشهد بانشغال الجميع بالحديث عن اقرار الكوادر التي اعتبرها بطالة مترفة دون ان يتم التطرق الى الحديث عن تطوير العمل وخلق موظف منتج في المجتمع، مؤكدا ان المزايا يجب منحها لمن يستحقها بسبب عمله لا لطبيعة عمله وذلك لعدم خلق مواطن يريد ان يأخذ لا ان يعطي لبلده.
وقال ان الدولة ضيعت على نفسها وعلى شعبها فرصا كثيرة في تعزيز مفهوم المواطنة بالعمل لا حديث النخبة في المناسبات، معتبرا فترة الغزو كانت فرصة لبناء مواطنة حقيقية تشارك في بناء الوطن.
وأكد المليفي: ان شعب الكويت قادر على العطاء لكنه يحتاج الى فرصة حقيقية ثبتت بالتجربة حينما تحول الشباب المهتم بالسيارات والموضة ابان الغزو الى مدافع عن وطنه يحمل السلاح للزود عن تراب بلده.
وتابع المليفي: «للاسف عندما أتت الادارة الكويتية لم تستثمر هذا الحدث لخلق تحد اخر بتحقيق التنمية سواء كان ذلك عن عمد او سوء تدبير فأعطت المواطنين الذين ارادوا المشاركة في اعمار البلد بالمجان اموالاً لقاء خدماتهم تجاه وطنهم ما كرس مفهوم البطالة المقنعة، حتى اصبحت الدولة خائفة من وضع قانون صارم لتحديد الواجبات».
ولم يحمل المليفي مسؤولية قصور المواطنة على المواطن وحدة بل حملها لكافة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدني، لانها «لم تترك مساحة للمواطن لتقديم ابداعاته التي يعزز بها مفهوم المواطنة»، مؤكدا اننا بحاجة الى قدوة في شتى المناحي والمجالات ليكون المواطن شريكا في بناء وطنه.
واعتبر: اننا امام مشكلة حقيقية في تحقيق المواطنة الكويتية الفاعلة يحتاج حلها سلك طريقين الاول سريع بسيادة القانون وتطبيقه على الجميع بكل حزم دون استثناءات، اما الطريق الثاني فيمكن تحقيقه من خلال بناء الانسان بالثقافة والتربية ومناهج التعليم والاعلام وكل ما له شأن خلق مواطن يعي واجباته تجاه وطنه قبل البحث عن الحقوق مع الاخذ في الاعتبار اهمية البحث عن الذات.
واشار الى ان الاهداف الشخصية لابد ان تقترن بهدف عام اكبر لبناء الوطن وتحقيق المواطنة الحقيقية التي تدفع للعمل بكل اخلاص وتفان دون ان تكون هناك حاجة لأن نضع شرطيا خلف كل مواطن بل لوضع ضمير داخله يدفعه للعمل.
واكد ان علاج أزمة المواطنة لابد ان يكون عبر خطة كاملة واضحة المعالم لا عمل ارتجالي موزع بين اماكن مختلفة وحديث للنخبة بل عمل حقيقي يبدأ من مناهج التعليم وسيادة القانون.
بدورها، أعربت المحامية كوثر الجوعان عن عميق حزنها حيال الحديث عن المساومة على المواطنة في القرن الـ21، حيث كثرت اللقاءات والندوات لبحث هذا الأمر، قائلة «كأننا نشك في ولائنا وبوجودنا على هذه الارض».
واستغربت الجوعان من دخول مفردات غريبة على المجتمع لاسيما عقب تحرير الكويت وان كنا نحاول ان ننسى هذه المفردات إلا ان هناك مفردات اخرى بدأت تدخل علينا مثل مفهوم الطبقة الوسطى، متسائلة من أين أتت هذه الطبقة الوسطى رغم ان القرآن الكريم يؤكد ان هناك درجات في الرزق لا في العدالة؟
وقالت «نحن متساوون ان كانت لدينا ثقة بالنفس والديموقراطية والعمل بالدستور وقيم اهل الكويت فلا داعي لطرح مثل هذه الامور وكأننا نحاول ان نخفي اشياء اخرى وراءها لأنه لا يوجد في الكويت طبقة فقيرة حتى تكون هناك طبقة وسطى»، وتساءلت ان كان القادة يتبنون مثل هذه المصطلحات فما بالنا بالافراد؟
واشارت الجوعان الى ان الاعلام يلعب دورا اساسيا في تحقيق المواطنة التي كنا نفتخر بها والتي بدأت تختفي في الوقت الحالي بعد ظهور افراد يمثلون شرائح، مؤكدة ان المواطنة ليست شعارا او منتدى انما سلوك وممارسة وتطبيق للقانون من قبل الكبير على الصغير.
ولامت المجتمع المدني الذي اعتبرته افرازا لما يحدث على الساحة السياسية بعد ان تراجعت كثير من القيم التي شهدت انحرافا في جميع الاساليب سواء السياسية او الاجتماعية بعد ان كانت المعارضة في السابق على الفكر بين المثقفين لتغليب مصلحة الوطن العامة على المصلحة الخاصة، فتحولت المعارضة لأجل مصالح شخصية وفئوية.
واكدت الجوعان ان هناك شوكة في خاصرة الوطن والمواطنين منها مظاهر التفرقة التي يعيشها المجتمع وتغلغلت في جميع مؤسسات الدولة وكذلك على المستوى الشعبي حتى اصبح انتماء الفرد الى فئة ما هو المعيار الذي على اساسه يتم تقييمه وتعيينه بغض النظر عن كفاءته وخبراته ما خلق فئات مهمشة لا تشعر بحقوق المواطنة التي كفلها الدستور.
ولفتت الى ان ازدواجية الجنسية وغياب تطبيق القانون على البعض ومنهم اعضاء مجلس الامة الذين يمثلون الشعب من الاسباب التي اثارت مفهوم المواطنة، مؤكدة انه ان كانت الحكومة اخطأت فيجب على مجلس الامة ألا يقع في نفس هذه الاخطاء بل يجب تعديل الانحراف الحكومي.
واكدت على كلام النائب السابق احمد المليفي بأن البلد بحاجة الى رمز وطني، متسائلة «الى هذه الدرجة يخلو البلد من وجود قدوة على كافة الاصعدة خصوصاً السياسية والثقافية والفكرية التي من شأنها تصحيح مفهوم المواطنة؟
وطالبت الجوعان الحكومة بعدة اجراءات منها تطبيق القانون على الجميع دون تمييز والقضاء على مبدأ المحاصصة الذي تنتهجه منذ عدة سنوات ومعالجة العوامل التي من شأنها التمييز بين المواطنين وتحقيق الشفافية في كافة المعاملات والمشاريع التنموية واتاحة الفرصة للجميع للمساهمة في تنمية المجتمع ومعالجة مسألة ازدواجية الجنسية واوضاع غير محددي الجنسية بما يتوافق مع مصلحة حقوق الانسان ومصلحة الدولة.
من جهته، اشار عريف الندوة عبدالله غلوم الصالح الى ان الندوة تعبر عن الشراكة بين المؤسسات الاهلية والقطاع الحكومي التي تقودها رابطة الاجتماعيين منذ سنوات وتبلورت في اللقاءات التنسيقية بين مؤسسات المجتمع المدني والتي قطعت شوطا كبيرا بقيادة رئيس مجلس ادارة الرابطة عبدالرحمن التوحيد.
واعتبر الصالح ان هناك تقصيراً من قبل مؤسسات المجتمع المدني في مسألة التوعية والتثقيف بحقوق المواطنة، والذي على اساسه تم تنظيم ندوة «مقصرون بحقوق المواطنة ... رسالة الى مؤسسات المجتمع المدني» للسعي الى تنمية وبث روح المواطنة في المجتمع الكويتي لتحقيق التكاتف والتعاون كما في سابق العهد.
مرزوق الغانم: تصرّف حكومي غير حكيم
ترحيل مصريين مناصرين للبرادعي
في معرض تعليقه خلال الندوة على ما قامت به الحكومة حيال ترحيلها 17 مصريا من المناصرين لترشيح رئيس وكالة الطاقة الذرية السابق محمد البرادعي للرئاسة المصرية أبدى النائب مرزوق الغانم اعتراضه على هذا الاجراء، قائلاً: «ان حق التعبير والمعارضة موجود في العديد من الدول»، معتبرا ان الأمر لم يعالج بحكمة وكان من الممكن معالجته بسهولة حتى ان سفارتنا في القاهرة تتعرض للنقد والمتاعب بسبب تصرف لم يكن حكيما وان كنت ضد القيام بالتظاهر من دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المسؤولة.
وأضاف الغانم: «لم أستغرب من تصرف الحكومة كون اجراؤها كان عبارة عن ردة فعل تماماً كما عودتنا في تطبيق القوانين كردة فعل بكل أسف».