قاصرات في سوق النخاسة!

1 يناير 1970 11:24 ص
| أيمن أبوالمجد بركات * |

لم يزعجني أمر ما من قبل كما أزعجني ما سمعته وما شاهدته في برنامج «واحد من الناس» على قناة دريم الفضائية قبل فترة على الرغم من اني كنت قد قررت من قبل اني لن أشاهد هذا البرنامج مرة أخرى، ولكن بعد إلحاح أحد الاصدقاء اضطررت لمشاهدته حيث كان الحديث يدور عن زواج الفتيات القاصرات في بلدنا المحروسة (مصر) في قراها ونجوعها بالأثرياء العرب، هؤلاء الاثرياء الذين ينزلون لهذه القرى التي يعاني أهلها من شتى الأزمات في كل شيء يعانون من عدم القدرة على الانفاق ويعيشون ظروفاً اجتماعية سيئة للغاية، ويأتي هؤلاء الذئاب الاثرياء ليختطفوا فرائسهم، بمعاونة سماسرة قد كرسوا جهودهم لاصطيادها لهؤلاء الذئاب عن طريق اغراء أولياء أمورهن بالمال مستغلين في ذلك حاجتهم الشديدة اليه وعن طريق عدد من المحامين الذين باعوا ضمائرهم يكتبون ورقة تسمى بعقد عرفي يكتب فيها اسم الزبون ورقم جواز سفره واسم الفتاة القاصرة ورقم بطاقتها ويوقع الاثنان وكأن هذه الورقة عقد للزواج وماذا بعدما يأخذ هؤلاء الذئاب ما اصطادونه الى احدى الشقق المعدة سلفاً في مكان ما من الأماكن الفاخرة في قلب قاهرة المعز، ويبقون معهن لفترة قد تدوم لشهر أو لشهرين او ايام وربما ساعات في بعض الاحيان، ومن ثم ينتهي هذا الزواج الكاذب الذي اشترط فيه الزوج اقصد الذئب البشري الا ينتج عنه حمل او انجاب، وهذا يوضح وبصورة جلية حقيقة هذا الزواج الباطل من وجهة نظري، حيث لا هدف حقيقياً من ورائه الا الرغبة في التسلية وقضاء وقت ممتع مع هؤلاء الفتيات القاصرات، واللاتي في معظم الاحيان لم يكن قد تجاوزن سن الرابعة عشرة، ولست أدري كيف لولي الأمر ان يفعل ذلك كيف سولت له نفسه أن يبيع ابنته لهذا الذئب مهما جني من أموال ومهما كانت المصاعب التي يعاني منها في حياته ومعيشته، ولو كان في هذه الأموال سر الحياة وبقاء النفس على قيد الحياة، ولكني أتساءل ماذا عن الاجهزة الأمنية التي تعلم حقيقة هذا الزواج الممنوع قانونياً؟ فكيف يسمح به على مرأى ومسمع الجميع جهاراً نهاراً؟ وأين هو المركز القومي لحقوق المرأة وأين مجلس حقوق الإنسان في مصر؟ وأين من يدافعون عن حقوق الاطفال والمرأة في أرجاء المحروسة؟ حتى يمنعوا هذه الجريمة الكبرى التي تحدث في حق البشرية، فهل أصبح الآدمي سلعة رخيصة الى هذه الدرجة؟ وهل أصبح كل شيء قابلاً للبيع؟ فما ذنب طفلة لا تدرك ما يجري حولها، وقد أخذها والدها قدوتها في الحياة ليبيعها في سوق النخاسة، وهي لا تملك لنفسها حولا ولا قوة، ويا ليت الثمن كان مجزيا لو حسب الأمر بمنطق الربح والخسارة، ولكن كما تقول المستضافة من قبل المذيع أ/ عمرو الليثي، قد يكون المدفوع مقابل الفتاة لا يتجاوز 500 جنيه مصري ثمناً لضياع طفلة في عمر الزهور ثمناً لتدمير حياة لم تبدأ بعد، يا للفداحة ويا لقسوة الإنسان الذي انعدم من الإنسانية، وجرى وراء غرائزه البهيمية، وياليت الرجل المشتري يستحق التضحية أيضاً، وانما هو رجل بلغ من الكبر عتياً، وقد تجاوز الستين أو السبعين من عمره، ولكنه يعيش مراهقة متأخرة، وقد منحه الله وفرة في المال، وقد زين له شيطانه ونفسه المريضة ان يستغل هذا المال في تجارة فاسدة كاسدة وهي شراء الحرائر وتحويلهن الى اماء ويعمل جاهداً على اعادة تجارة الرقيق النسائي مرة أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولكني أوجه ندائي للسيدة الفاضلة حرم السيد رئيس الجمهورية السيدة/ سوزان مبارك، والتي لها دور عظيم في حماية حقوق المرأة والطفل في مصر، وسيادتها تعتني اعتناء خاصاً بهما، فأدعوها وأطلب منها أن تحارب هذه الجريمة، والتي تنطبق عليها جميع شروط الجريمة المنظمة، والتي هي بالفعل جريمة في حق البشرية جمعاء، وفي حق الاطفال والفتيات المصريات على وجه الخصوص، حتى يأمن مجتمعنا ومصرنا من هذه الظواهر المسيئة لكل الأعراف والقوانين والأخلاقيات.





* ماجستير في الآداب