د. حسن عبد الله عباس / التجنيس العشوائي ... بدون... أبناء الكويتيات

1 يناير 1970 06:21 م
قبل اسبوع واحد فقط كُنا نتحدث عن ازدواجية الجنسية، والولاء للوطن، وحب الأرض، والشهادة في سبيل الكويت، إلى غيرها من المفردات والجمل التي لو سمعتها حينئذ لقلت بأننا على وشك الدخول في حرب شاملة، لكن بمجرد أن انتهت جلستا الاستجواب وطرح الثقة انتهى كل شيء وانتهى معهما الحديث عن التجنيس ومزدوجي الجنسية!

هذه هي قيم الثقافة الكويتية التي نتحدث عنها، قيمة مع الخيل يا شقرا! وقيمة الفزعة، وقيمة «هده الحصن»، سمها ما شئت ولكنها بالمحصلة قيم فارغة لا تصنف إلا ضمن دائرة الفشل والفساد، فهي ثقافة الانطلاقة بسبب أو من دونه لكنها سرعان ما تنتهي خالية الوفاض «ويا دار ما دخلك شر»! أظن من أدعى بأن حديث مزدوجي الجنسية لغرض المساومة على موقف النواب في جلسة تصويت طرح الثقة، أظن قوله فيه شيء من الصحة.

على العموم لا علينا من هذه الثقافة الكويتية التي تنطلق بسرعة 300 كيلومتر بالساعة وتتوقف فجأة وكأن شيئاً لم يحدث، ونعيد الحديث عن الجنسية وأخواتها. فما أفهمه من الجنسية لا شكلها القانوني وإن كان مهما ويحمل معه مميزات مادية كثيرة، لكن ما أفهمه من الجنسية أنها انتماء للوطن والأرض والولاء ويُقدم لأجلها الروح والمال وبسببها نربي أجيالنا على حبها والتفاني بالذود عنها ورفع شأنها. هذا ما أفهمه من الجنسية! ولكن هل حديث يدور في هذا الإطار؟

لا أبدا وفي رأيي أول من يتحمل هذا الاستهتار بالمعنى الرفيع للمواطنة هي الحكومة التي تركت الحبل على الغارب وغرست في الناس كل معاني التجنيس باستثناء الحب والولاء وذلك لأسباب عدة. فقانون الجنسية «طبقي» يقسم أهل الكويت إلى طبقات وفئات، فمنهم الطبقة الممتازة، ومنهم الأقل، ومنهم ما دون ذلك. فكيف نريد أن نجعل ولاء الناس للكويت وعلى درجة واحدة في حين أن القانون يتعمد تقسيمهم؟ فإن كانت الجنسية بمعنى الولاء، وإن كان القانون يفرق بدرجات التجنيس، فالنتيجة الطبيعية بحسب القانون أن الولاءات ستختلف باختلاف طبقات قانون التجنيس وذلك لأن الدولة تنظر لأهلها بأن فيهم المخلص بدرجة أولى والأقل من ذلك بالدرجات التالية المتفاوتة؟

أما إن جئنا إلى الجانب التنفيذي لقانون التجنيس فحدث بالتخبط ولا حرج. فتارة القانون نُفذ وطُبق بشكل عشوائي وجُنس من جُنس مع أنه لا يستحق ذلك. فمشكلة لجنة ثامر مازالت حاضرة، والمشكلة الأكبر والأبلى التي لا أحد يريد أن يتحدث عنها هي كم الاعداد الحقيقية التي طافت على ثامر ولجنته ولم تُكتشف! وما هي اعداد مزوري الجنسية الكويتية ممن حصلوا عليها قبل أعوام طويلة؟ ومن هم المرتزقة الذين سهلوا تجنيس المزورين وتسلموا رشى وباعوا الكويت بحفنة دنانير؟ ولم لا نسمع بخبر القبض عليهم وإحالتهم على النيابة؟

هذا من جانب المزورين واخلال الحكومة بواجبها تجاههم، ومن جانب آخر الحكومة مقصرة في تجنيس المستحقين. فالمستحقون كُثر وهم كويتيون مع وقف التنفيذ. فما ذنب الكويتي الذي تتلكأ الحكومة بتجنيسه وتسليمه كامل حقوقه سواء من البدون أو أبناء الكويتيات؟

الخلاصة أننا حينما نتحدث عن المزدوجين علينا أن نتذكر الاطراف المشاركة والمساعدة والدافعة لهذه الازدواجية، وإلا فالحديث ناقص ولغو!



د. حسن عبدالله عباس

كاتب كويتي

[email protected]