كثر الحديث عن مزدوجي الجنسية، وكثرت المناوشات السياسية حول هذه القضية الحساسة والخطيرة في بلد صغير لا يتحمل أي مشاكل أمنية، فما خطر مزدوجي الجنسية وهل تتحمل الدولة مسؤولية تفشي هذه الظاهرة؟
1 - ان الحكومة في نظري هي السبب في تفشي ظاهرة ازدواج الجنسية، مثلما هي المسؤولة عن عدم حل مشكلة البدون وترك الأمور معلقة إلى أن تتفاقم وتتعقد، ومن ثم يجب أن تتحمل الدولة مسؤولية حلها خصوصاً وأنها كانت على علم تام بمزدوجي الجنسية، فعلى سبيل المثال وفي الثمانينات كانوا يدخلون البلاد بسيارات تحمل أرقاما خليجية، وأغلبها أرقام سعودية وقطرية، ويتوجهون مباشرة إلى الإدارة العامة للجوازات لتجديد جوازات سفرهم الكويتية ليعودوا أدراجهم مجدداً إلى بلادهم ولم يكن بعضهم يحمل حتى عملات نقدية كويتية لذلك كانوا يطلبون من بعض المراجعين استبدال الريالات بالدينار حتى يتمكنوا من دفع الرسوم لانهاء معاملاتهم، ولم يكن جهاز إدارة الجنسية والجوازات يبالي أو يحقق في هذا الأمر. والآن نجدهم يدخلون البلاد عبر المنافذ البرية ويتوجهون مباشرة إلى إدارة دعم العمالة هم ونساؤهم للحصول على دعم مالي بمساعدة بعض الجمعيات التعاونية والشركات الوهمية ثم يعودون أدراجهم إلى بلادهم ثانية حتى أن بعضهم قال لإحدى الموظفات في دعم العمالة: «لو سمحت خلصينا بسرعة لأن ورانا درب». أي أنه سيعود مجدداً إلى البلد الذي أتى منه فور انهاء المعاملة. وقد حددت (المادة 14 من القانون رقم 19 لسنة2000) عقوبات غير صارمة قد لا تتجاوز إعادة المبلغ والغرامة، لذلك كان من المفترض أن تصدر الدولة عقوبات صارمة على الشركات والجمعيات التعاونية التي تقدم الدعم لهؤلاء، ومن ثم فالدولة في نظري مقصرة ومسؤولة عن ظاهرة تفشي ازدواج الجنسية، بل وتشجيع هذه الظاهرة، ولم يتجرأ أحد من المسؤولين على إثارتها إلا وزير الداخلية الحالي الشيخ جابر الخالد.
2 - شعر الكثير من مزدوجي الجنسية طوال أربعين عاماً أن الدولة في سبات عميق فأخذ بعضهم يدخل البلاد بجواز سعودي ويخرج بجواز قطري ثم يدخل مجدداً بجواز كويتي وكأن لديه هواية جمع الجوازات، وهذه الازدواجية سببت الكثير من المشاكل الأمنية القانونية للبلاد فإحدى السيدات التي رفعت ضد مطلقها دعوى نفقة تقول انه أصابها بالاحباط فهي وكلما وضعت عليه منع سفر بالجواز الكويتي وجدته قد خرج بجواز آخر، وإن طاردته بالجواز الثاني وباسم مختلف دخل وخرج بجواز ثالث.
3 - في أول طعن انتخابي تقدم به النائب خالد العدوة أمام المحكمة الدستورية، وبعد فرز الأسماء تبين أن بعض الناخبين صوتوا في الدائرة ولم يكونوا في البلاد أثناء فترة التصويت وهذا يعني أنهم خرجوا بجوازات كويتية ودخلوا بجوازات غير كويتية أثناء الانتخابات، وعندما سألت المحكمة عن كيفية تصويتهم بالانتخابات وهم خارج البلاد جاءت الإجابة المبكية المضحكة أنهم رعاة ابل ودخلوا عن طريق البر، فكيف يخرج مواطن كويتي بجواز كويتي عبر المنافذ ويدخل البلاد بطريقة غير مشروعة عبر السير مشياً على الأقدام لساعات طويلة مع الابل، ثم يترك الابل ويتوجه إلى صناديق الاقتراع للادلاء بصوته ثم يعود أدراجه مع الابل إلى خارج الكويت، ورغم أن هذه الرواية نشرت في الصحف إلا أن وزارة الداخلية التي لم تكن في عهد الشيخ جابر الخالد لم تحرك ساكناً.
4 - مزدوجو الجنسية ثلاثة أنواع في نظري. النوع الأول هو من يعيش في الكويت لكنه ذهب برجليه وحصل على التابعية السعودية وأخفاها، أو أنه كان يحمل الجنسية الثانية قبل الحصول على الكويتية لكنه درس وعمل وعاش في الكويت وان توفي فعلى أولاده المبادرة بالابلاغ عن جنسيته الثانية أو اختيار احداهما وهؤلاء لا نتهمهم جميعاً بعدم الولاء للوطن، لأن الدولة لم تطالبهم بصورة جادة طوال الأعوام الماضية بتقديم جنسيتهم الثانية.
والنوع الثاني من المزدوجين وهو الأخطر لأن ولاءه ليس للكويت لأنه لم يعش بها أو يعرفها، فقط هو جاء بدعوة إلى الكويت في الستينات، أو السبعينات وبنفوذ قبلي حصل على الجنسية الكويتية ثم عاد أدراجه إلى بلده الأصلي ويحصل على امتيازات المواطنة دون وجه حق، لذلك نجد أن بعض البيوت الحكومية المؤجرة أصحابها يعيشون خارج الكويت، وهذا النوع من المزدوجين كما ذكرنا هو الأكثر خطراً على أمن الكويت، وكذلك على أمن الدولة التي يعيش بها كذلك خصوصاً إذا كان يحمل اسماً مختلفاً، ثم ونحن نسأل هل بادرت هيئة الإسكان باحصاء البيوت المستأجرة، وكذلك نسأل وزارة التربية هل بادرت باحصاء أبناء المواطنين الذين بلغوا السادسة من العمر ولم يسجلوا بالمدارس، وأين هم، وفي أي بلد؟
أما النوع الثالث من مزدوجي الجنسية فهم الذين ولدوا في أميركا واوروبا، أي في الدول التي تمنح الجنسية بالولادة ومن ثم فهم يمنحنون الجنسية تلقائياً دون أي رغبة منهم ومن ثم فهم مطالبون بتسليم الجوازات الأجنبية إلى الجهات الرسمية فور دخولهم البلاد وعدم تجديد أي من هذه المستندات لدى السفارات المعنية إلا بموافقة الحكومة.
ملحوظة
مسؤولية حل هذه الظاهرة ليست ملقاة على وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد فقط بل على جميع أجهزة الدولة ويجب انشاء لجنة حكومية مشتركة بين الداخلية والتربية والإسكان والتخطيط وجهات أخرى للحد من هذه الظاهرة إن لم يكن في الإمكان القضاء عليها، وكنت من المؤيدين للتجنيد الإجباري لأنه ينمي المواطنة ويكشف ازدواج الجنسية.
فوزية سالم الصباح
محامية وكاتبة
[email protected]