رأي قلمي

تضيء بعض الوجوه...!

27 ديسمبر 2025 10:00 م

قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في تفسير قوله سبحانه: «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»

الحاقة، 12: أذن سامعة حافظة، ونحن في هذا الزمان، بحاجة إلى الوعي بأنفسنا ومحيطنا وزماننا، لا تقل عن حاجتنا إلى الطعام والشراب، إذا أردنا أن نحيا الحياة التي تليق بنا. والمراد بالوعي هو التفهم والغوص في عمق المعنى. وجاء في كتب علم النفس وعلم الاجتماع أن الوعي هو: «إدراك الفرد لنفسه والبيئة المحيطة».

إنّ الناس يدركون بدرجات متفاوتة ما لديهم من نقاط قوة وضعف على صعيد وجودهم المادي والمعنوي، لكن! قبل أن نحاول فهم المحيط، وفهم العالم والعصر الذي نعيش فيه، علينا امتلاك قدر حسن من الوعي بذواتنا، لأن ذلك يساعدنا على التصرف على نحو صحيح في جميع مجالات الحياة.

والوعي بالذات يعني القدرة على تفحّص الذات من خلال الفهم للمشاعر الخاصة، ودوافع السلوك الشخصي، ومن خلال معرفة طرق التفكير، والمعايير التي يستخدمها المرء في استحسان سلوكيات الآخرين واستقباحها، كما أن الوعي بالذات يعني فهم العادات الإيجابية والسلبية، إلى جانب فهم أسباب الأخطاء المتكررة التي يقع فيها.

إنّ ردود أفعال الآخرين على سلوكياتنا وتصرفاتنا ومواقفنا تشكّل مصدراً مهماً للوعي بالذات، لأنها تضيء بعض وجوه الجانب الاجتماعي. والوعي الجيد بالذات شرط أساسي لتمكّن المرء من تجاوز ذاته، أي تجديدها عن طريق تحسين العلاقة بالله تعالى، وتحسين مستواها الأخلاقي والمهاري والاجتماعي، ومن خلال اكتساب المزيد من اللياقة الفكرية والنفسية، واكتساب المزيد من السلوك الرشيد الناضج.

الوعي بالذات واجب على كل إنسان، حتى لا ينهمك في صرف وقته وجهده في أمور صغيرة على حساب الأمور الكبيرة والمهمة، ومن أجل عدم الاستسلام للمعطيات الأولية التي يوفرها في أي مجال من المجالات. يُسأل العبد يوم القيامة عن أشياء وهي: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟. لذا وجب على كل إنسان الوعي بذاته حتى يستطيع الإجابة عما سيُسألُ عنه.

[email protected]

mona_alwohaib@