حين تتلاقى المقاصد في حب الوطن، لا يتأخر الصدى، ولا يحتاج الصوت إلى وقتٍ ليبلغ مداه. وإذا كان توارد الخواطر بين «صاحبة الجلالة» وأصحاب القرار يجمعه الإخلاص والتجرد، تأتي النتائج بما يسُر الخاطر.
هكذا كان المشهد بين افتتاحية «الراي» التي طرحت تساؤلاً جوهرياً: «إرثنا الجميل... مَنْ يحفظه؟»، وبين التفاعل العملي السريع من وزارة التربية، تأكيداً من وزير التربية سيد جلال الطبطبائي، بأن المناهج الدراسية الجديدة جاءت بثوب مختلف، يوثق الماضي، ويؤرخ له، ويفتح نوافذ المستقبل، ويعزز الثقة بتاريخٍ وطنيٍ مشرق.
وبينما كانت افتتاحية «الراي» قد أشارت إلى إرث الكويت في النباتات والأسماك ونوعيات الطيور، والأحوال المناخية التي كانت وما زالت تعبر مدار الكويت ولها تسميات متفردة عن سائر الدول، جاءت المناهج الجديدة متوافقة مع تلك الرؤية الداعية للحفاظ على هذا الإرث، بما يعكس توجهاً مقدّراً وخطوة تُحسب لوزارة التربية للحفاظ على هذا الإرث وتعزيزه، وسط آمال بأن يتحول هذا النهج إلى سياسة تعليمية مستدامة تُرسّخ الوعي بالهوية البيئية والثقافية الوطنية.
وفي كتاب «دولة الكويت والعالم» المقرر لطلبة الصف التاسع، اطلعت «الراي» عليه ضمن مجموعة من نماذج الكتب يبرز استعراض شيق للحيوانات والنباتات والأشجار في البيئة المحلية، مثل الجمل والضب والجربوع والنخيل ونبات العرفج.
أما كتاب «الكويت والعالم الإسلامي» لطلبة الصف الثامن، فيتوقف عند محطات مضيئة من تاريخ الكويت، من «كويت الطيب» إلى بزوغ نور التعليم بافتتاح أول مدرسة نظامية في الكويت عام 1911 وهي مدرسة المباركية التي باتت رمزاً للفكر التقدمي ودليلاً على أن أهل الكويت حين يجتمعون على هدف نبيل يصنعون مجداً يبقى أثره لأجيال قادمة.
وفي كتاب «دولة الكويت والوطن العربي» للصف السابع، يقدم المنهج تعريفاً مبسطاً لتضاريس البلاد، مثل جال الزور وهضبة الأحمدي، مع إبراز الأهمية الجغرافية للكويت كنقطة وصل بين أجزاء الوطن العربي والعالم. بينما يرسم كتاب «دولة الكويت ودول الخليج العربية» للصف السادس خريطة معرفية دقيقة للنباتات المعمرة مثل العرفج والخبيزة والثندا والهرم، والنباتات الحولية مثل الحويذان والرمث والعنصيل، ويستعرض الإرث الحضاري لجزيرة فيلكا وآثارها عبر العصور المختلفة.
أما منهج العلوم، فقد جاء مكملاً لهذه الرؤية، مستعرضاً تنوع الكائنات الحية وسبل تكيفها مع البيئات المختلفة، مثل الحيوانات آكلة اللحوم والحيوانات آكلة العشب وأنواع الطيور سواء تلك التي تطير وتلك التي لا تطير. كما يتطرق للوسائل التي تشجع الكائنات الحية على التكيف في العيش في الصحراء، وأنواع الثعالب المختلفة التي تعيش في بيئات متنوعة مثل المنطقة القطبية أو البيئة الصحراوية.
ولم تقتصر رؤية المناهج التربوية على تسليط الضوء على التراث والإرث الوطني، بل نجدها تفتح آفاق التفكير والتساؤلات استناداً إلى قواعد علمية رصينة، فنجد أن منهج العلوم بعدما يستعرض مستويات التصنيف للحصان العربي كونه من مملكة الحيوانات، وشعبة الفقاريات، وطائفة الثدييات، وعائلة الخيليات، وجنس الحصان يطلب من الطالب أن يحدد نسب الحصان العربي وفقا لنظام التصنيف الذي درسه.
ويحرص منهج العلوم كذلك على التفرقة بين الاسم العلمي والاسم الشائع في الكويت والخليج العربي، كما هو الحال مع الجربوع الذي يحمل الاسم العلمي: Jaculus.