أسفر عن أغرب حضارة متولّدة بالذكاء الاصطناعي

السماح لـ1000 «إنسان آلي» ببناء أول قرية روبوتية شبه مستقلة!

20 ديسمبر 2025 10:00 م

كان مجتمع جديد يتشكّل في المناظر الطبيعية المربعة للعبة الفيديو «Minecraft»، إذ بنى سكانه مزارع وأسواقاً، وتبادلوا الموارد باستخدام الزمرد كعملة، بل طوروا أشكالاً من الحوكمة، وتولى البعض أدواراً كقادة، وآخرون ككهنة، والقليل أصبحوا فاسدين، يرشون أقرانهم لكسب النفوذ. وشعر أفراد هذا المجتمع بالقلق في شأن الأعضاء المفقودين، وتعاون لإضاءة الطرق للعودة إلى الوطن، بل أقنع مزارعاً قلقاً بمواصلة إطعام المجموعة بدلاً من الهرب في مغامرات، وبالنسبة لأي مراقب، ربما بدا هذا مثل مجموعة بشرية غريبة منظمة ذاتياً.

لكن هذه لم تكن مجموعة حقيقية، والأشخاص الذين يلعبون لم يكونوا بشراً أو حتى أحياء، بل كان السكان 1000 «إنسان آلي»، أطلقتهم شركة تُدعى «FRL» المعروفة بـ«Altera AI». وكان الهدف من هذه التجربة الكبرى هو إطلاق عقول رقمية في عالم افتراضي ومعرفة ما سيحدث، والأهم كان معرفة ما إذا كان مثل هؤلاء المواطنين الافتراضيين يمكن أن يصبحوا في النهاية عمالاً مطيعين للبشر الحقيقيين. وبعبارة أخرى، أرادوا معرفة ما إذا كان بإمكاننا جميعاً أن نصبح قريباً الرئيس التنفيذي لمرؤوسينا من الذكاء الاصطناعي، والسؤال هو هل ستقبل الوظيفة؟

وصُمم مشروع «Sid» التابع لشركة «FRL» لدفع الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من الأوامر لمرة واحدة والوكلاء الفرديين، وبدلاً من ذلك، أراد الفريق بقيادة عالم الأعصاب الذي تحوّل إلى رائد أعمال الدكتور روبرت يانغ، استكشاف ما يحدث عندما يتعين على مئات أو حتى آلاف الوكلاء المستقلين التعايش والتواصل والتعاون.

وكانت «Minecraft» صندوق الرمل المثالي، وهو مكان يمكن فيه للوكلاء جمع الموارد والتجارة والبناء والدردشة.

وكان ما ظهر مفاجئاً، إذ وُزع الوكلاء عبر مجتمعات حضرية وريفية، كل منها بثقافتها وهويتها المميزة.

وقسموا العمل، مع تخصص البعض في الزراعة والآخرين في البناء أو التجارة.

وظهرت الأعراف الاجتماعية والتسلسلات الهرمية، إلى جانب سلوكيات أكثر تعقيداً ومناقشات حول أي شيء من الرقص إلى الوعي البيئي.

وفي بعض الأحيان، تعثر المجتمع عندما علقت مجموعات من الوكلاء في حلقات لا نهاية لها من مطاردة أهداف غير قابلة للتحقيق. ولإبقاء الأمور على المسار الصحيح، اضطرت «FRL» إلى حقن آليات لكسر هذه الدورات، تماماً مثل الحكام الذين يعدلون اقتصاداً حقيقياً لتجنب الانهيار.

ولم يكن مشروع «Sid» منتجاً كبيراً، فعندما مُنح الجمهور الوصول إلى الخوادم، وجد المستخدمون أن الوكلاء مستقلون بشكل محبط، إذ لم يتبعوا الطلبات دائماً، مفضلين متابعة أجندتهم الخاصة طويلة الأجل.

وتذكر يانغ أن الوكيل كان يقول فقط إنه يريد القيام بشيئه الخاص ويهرب، مضيفاً أن لديهم أفكارهم الخاصة حول ما يريدون فعله، ويتضح أن ذلك ليس منتجاً جيداً يريده الناس.

ومع ذلك، كممارسة بحثية، قدم مشروع «Sid» دروساً قيّمة، وهي كيفية تنسيق مجموعات كبيرة من الذكاء الاصطناعي ومنع الركود وتشجيع التعاون المجدي. باختصار، كانت لمحة عن كيفية عمل المجتمعات الاصطناعية والمزالق التي يجب تجنبها.

وبالنسبة للشركة، فإن الصلة بين مجتمع اللعبة والإنتاجية في مكان العمل واضحة، إذ إن تحديات التنسيق والتخطيط طويل الأجل التي ظهرت في «Minecraft» محورية لجعل وكلاء الذكاء الاصطناعي مفيدين حقاً.

وإذا كان بإمكان «إنسان آلي» واحد أداء مهمة لمدة 10 دقائق، تخيل ما يمكن أن يفعله مئة أو ألف إذا عملوا معاً بفعالية، إذ كان مجتمع «Minecraft» بمثابة تنبؤ بمستقبل حيث قد يوجه كل منا فريقاً كاملاً من متخصصي الذكاء الاصطناعي.

ووجهت تلك الرؤية محورشركة «FRL» من تجارب الألعاب إلى أدوات الإنتاجية، وبدلاً من محاولة بناء إنسان رقمي واحد متعدد الأغراض مباشرة، اختاروا تطوير وكلاء متخصصين، كل منهم مصمم للتفوق في مهمة معينة، ثم توسيع نطاقهم إلى فرق قوية.