أكد محللون في الصحف الإسرائيلية أن عملية إطلاق النار في مدينة سيدني الأسترالية التي قُتل خلالها 15 شخصاً، الأحد، كانت متوقعة، إثر تزايد أحداث معاداة السامية والعداء لإسرائيل، إلى جانب السياسية النقدية جداً للحكومة الأسترالية ضد تل أبيب بسبب حرب الإبادة على قطاع غزة.
وحسب المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، فإن «يهود العالم، وكذلك الإسرائيليون في الشتات، يواجهون حالياً خطراً غير مسبوق، وربما الأكبر منذ المحرقة. والانتقادات المتصاعدة تجاه إسرائيل في دول كثيرة أدت إلى معاداة سامية واسعة، وارتفاع أحداث عنف جسدي وكلامي موجه ضد يهود وإسرائيليين».
جاليات يهودية
وأضاف أنه «في المستوى المحلي يستوجب ذلك استعداداً واستنفاراً من جانب الجاليات اليهودية ومن جانب الشرطة المحلية. وأحداث معروفة مسبقاً، وأماكن مثل مدارس وكُنس، معرضة للخطر بشكل خاص. لكن هذه الدائرة الأخيرة التي يمكن دائما أن تقع أحداث فيها، وقبلها هناك دوائر استخباراتية، تستوجب متابعة ومراقبة وثيقة لمسببي الخطر».
وتابع أن «الدول الديمقراطية ترتدع عن ذلك عادة، بسبب الحفاظ على حقوق الإنسان، لكن يبدو أن لا خيار أمامها الآن، فمثلما طولبت الدول الغربية بملاءمة التعقب الاستخباراتي في ذروة إرهاب (تنظيم) داعش في العقد الماضي، فإنها مطالبة أن تعمل بهذا الشكل الآن من أجل حماية المواطنين اليهود».
مهمة معقدة
وأشار ليمور إلى أن «على إسرائيل أيضاً المشاركة في هذا المجهود. وكونها الدولة القومية للشعب اليهودي لديها التزام عميق وحقيقي تجاه جميع يهود العالم. ومن واجبها العمل من أجل الدفاع عنهم، مثلما تدافع عن إسرائيليين في إسرائيل. وهذه مهمة معقدة، لكن بإمكان إسرائيل تنفيذها، والخطوة الأبرز هي التعاون الاستخباراتي بين الموساد والشاباك ونظرائهما من أجل اعتقال مطلوبين وإحباط عمليات».
واعتبر أن «ما كان ملائماً طوال عشرات السنين مقابل تهديد موضعي، وخصوصاً من جانب دول وجهات إرهابية منظمة، يتضاءل مقابل حجم التهديد الحالي. ويبدو أنه يتعين على إسرائيل أن تفكر من جديد كيف ستضع حلاً للتحدي الكبير الماثل أمامها. وهذه المهمة أكبر من مقاس وحدة بيتسور (تحصين) في جهاز الموساد المسؤولة عن هذا الموضوع، وهي تمر من خلال وزارات وأجهزة أمنية إسرائيلية، وتستوجب مواجهة قومية كجبهة حقيقية، جبهة ثامنة، استمراراً لسبع جبهات الحرب النشطة التي تخوضها إسرائيل في المنطقة».
نتنياهو يتجاهل هجوم بوندي
وأضاف ليمور أنه «على هذه الخلفية، مستهجن أن الحكومة الإسرائيلية استمرت في عملها الاعتيادي بعد هجوم شاطئ بوندي، كأن شيئاً لم يحدث، وحقيقة أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حضر كما هو مخطط إلى افتتاح حيّ على اسم شقيقه، يوني، دلّت على انعزاله عن قوة الحدث في سيدني وقوة الخطر الماثل على جميع يهود العالم، بينما انشغل وزير القضاء، ياريف ليفين، ووزراء آخرون في موضوع كأنه أهم بكثير وهو قرار المحكمة العليا إلغاء إقالة المستشارة القضائية للحكومة، ثم الإعلان عن قرار الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق مدنية في إخفاق 7 أكتوبر» 2023.
وحسب المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإنه سبق عملية إطلاق النار في سيدني «تحذيرات استخباراتية كثيرة من إسرائيل إلى الحكومة المحلية. ومنذ المجزرة في غلاف غزة في 7 أكتوبر، والحرب بين إسرائيل وحماس، برز في أنحاء أستراليا ارتفاع كبير في حجم الحوادث العنيفة ومعاداة السامية والعداء لإسرائيل. ورغم أن السلطات اتخذت خطوات أمان وحذر مختلفة، لكن الانطباع في إسرائيل كان أن هذه الخطوات تنفذ بشكل محدود، وذلك أيضا من أجل عدم الدخول في مواجهة مع الجالية المسلمة الكبيرة في الدولة».
معاداة السامية
وفيما حمّل وزراء إسرائيليون الحكومة الأسترالية المسؤولية عن عملية إطلاق النار، لفت هرئيل إلى أنه «لا يمكن عدم استغراب السهولة التي تتهم فيها الحكومة الإسرائيلية دول أخرى بالمسؤولية عن الإرهاب، في الوقت الذي فيه تتنكر منذ سنتين وثلاثة أشهر لأي مسؤولية عن المجزرة في 7 أكتوبر».
وأضاف أنه «تم الشعور بارتفاع أحداث معاداة السامية في أستراليا بعد فترة قصيرة من بدء الحرب في غزة، وتحليل الاستخبارات الإسرائيلية أشار إلى اتجاهين بارزين. الاتجاه الأول يتعلق بضلوع ناشطين مؤيدين للفلسطينيين، وبعضهم مهاجرون مسلمون وبعضهم الآخر يساريون أستراليون، وتم بتشجيع منظمات إرهابية مختلفة، مثل داعش والقاعدة، والاتجاه الثاني مرتبط بتوجيه من الخارج بواسطة فيلق القدس، في الحرس الثوري الإيراني».
وأشار إلى أن «الحرب في غزة، والادعاءات حول جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، حررا موجة معاداة لإسرائيل هائلة في أنحاء العالم، وفي حالات كثيرة كانت موجة معاداة للسامية، وأفول الحرب في القطاع بعد وقف إطلاق النار الذي فرضه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في منتصف أكتوبر، لم يؤد إلى هدنة مشابهة في المعاداة لإسرائيل».
وأضاف أنه «في جهاز الأمن الإسرائيلي يتوقعون أن أماكن متماهية مع إسرائيل واليهودية في أنحاء العالم، وبينها كُنس ومراكز لحركة حباد ومدارس، ستبقى كأهداف، ويقدم الموساد والشاباك المشورة للجاليات اليهودية في أنحاء العالم في قضايا الأمن وتحليل توجهات وتحذيرات استخباراتية، لكن في إسرائيل يعتقدون أن ثمة حاجة إلى تعاون وثيق أكثر من جانب الحكومات كي تحاول مواجهة المشكلة، التي يتوقع أن تتعمق وتتسع».
وفي غزة، أعلن جهاز الدفاع المدني، الاثنين، بدء عمليات انتشال جثامين أكثر من 100 شهيد من تحت أنقاض منازل مدمرة جراء الحرب التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر.
تقصير جلسة الاستماع
أوقف القضاة جلسة محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الاثنين، بعد ساعة من بدء شهادته أمامهم، بسبب وصول رئيس برلمان باراغواي، راؤول لاتوري، إلى قاعة المحكمة المركزية في تل أبيب.
ويبدو أن حضور لاتوري إلى المحكمة في تل أبيب يأتي إطار محاولات نتنياهو التهرب من المحاكمة، حيث كان قد طلب الخميس الماضي، إلغاء جلسة محاكمته وقرر القضاة تقصير الجلسة لساعتين ونصف الساعة.
ووصل لاتوري إلى المحكمة برفقة رئيس الكنيست، أمير أوحانا، حيث قال لنتنياهو «نحن هنا من أجل التعبير عن دعمنا الكامل. وأنا أحد المعجبين بك وأعتقد أنك أحد الزعماء المهمين في العالم الحر. وأبلغني أخي هنا (في إشارة إلى أوحانا) مدى عدم نزاهة هذه المحاكمة».
وادعى نتنياهو أمام القضاة قبيل وصول لاتوري إلى قاعة المحكمة أنه «يحدث شيئاً كبيراً في أميركا الجنوبية. ومهم جداً ومحرج ألا أتمكن من لقائه لربع ساعة».
وألمح إلى أن لاتوري في طريقه إلى قاعة المحكمة، وقال إنه إذا حضر فسيجتمع معه «لدقائق».
وقبل قرار القضاة بوقف الجلسة، طلب نتنياهو تقصير الجلسة بساعة أخرى من أجل الاستعداد للقائه المتوقع مع المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، وكرر تذمره من قرار القضاة بأن يحضر جلسات محاكمته ثلاثة أيام أسبوعياً وادعى أنه يبذل جهداً كبيراً من أجل الاستجابة لقرار القضاة، وأنه «مطالب ببذل جهد مضاد كي يعنى بشؤون الدولة».