حروف نيرة

الحذر من المتلونين

9 ديسمبر 2025 10:00 م

في كل مجتمع، هناك أشخاص يعيشون بطريقتين متناقضتين: وجه يظهر للآخرين، ووجه آخر يخفيه عن الأنظار. هؤلاء المتلونون يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية، وغالباً ما يخفي سلوكهم دوافع خَفية تهدد الثقة والراحة النفسية. فيظهرون ودّاً أمام الناس، بينما يخططون في الخفاء مكائد وخداعاً لتحقيق أهدافهم.

الضحايا الأكثر تأثراً هم أصحاب المبادئ المستقلة الذين لا يرضخون لمحاولات السيطرة، وقد يواجهون ضغطاً نفسياً مستمراً نتيجة تصرفات هؤلاء الأشخاص. كالصديق الذي يبدو مخلصاً قد ينقل كلامك للآخرين، أو موظّف يظهر أمام مديره كشخص متعاون وهادئ، يوافق على كل القرارات، لكن بين الزملاء ينتقد المدير بشدّة ويحرّض الآخرين ضد قراراته.

هذه الأمثلة توضح أن الحكم على الأشخاص يجب أن يكون مبنياً على الأفعال وليس الأقوال فقط، ومراقبة التفاصيل الصغيرة تمنح قدرة على فهم الجوهر المخفي وراء المظاهر.

تأثير هؤلاء الأشخاص يمتد إلى الحياة الاجتماعية والمهنية، ما يخلق حالة من الريبة والحيطة، ويجعل الآخرين غير مرتاحين في إبداء آرائهم.

وجودهم قد يولد ضغطاً نفسياً دائماً، ويشوه القيم حين يصبح الالتزام بالمظاهر مجرد واجهة تخفي النفاق والاستغلال. لذلك، يصبح الوعي بكيفية التعامل معهم أمراً ضرورياً للحفاظ على الاعتدال النفسي والاجتماعي.

لمواجهة هؤلاء، من الضروري مراقبة الأفعال أكثر من الأقوال، اختيار الحدود، والتعامل التدريجي مع الآخرين، مع التمسك بالقيم الحقيقية بعيداً عن الزيف والنفاق.

الحذر لا يعني فقدان الثقة بالآخرين، بل هو جمع بين حسن الظن واليقظة، يحمي النفس من التأثيرات السلبية، ويضمن علاقات أكثر مصداقية واستقراراً.

مع هذا الوعي، يصبح الإنسان قادراً على حماية نفسه وفهم الدوافع الحقيقية للآخرين، وبناء علاقات طيبة قائمة على الصدق والاحترام، بعيداً عن المظاهر الزائفة والخداع المستتر.

aaalsenan @