كنّا قد بدأنا سابقاً الحديث عن اكتشاف الغاز الحُر في الكويت من خلال ثلاثة حقول مختلفة بالقرب من جزيرة فيلكا، وهذه الحقول هي: جزّه، النوخذة، والجليعة. وهي حقول بحرية، لكنها منتجة للغاز، ومعها ندخل عالم الدول المنتجة للغاز الحُر غير المصاحب للنفط. ولعلّ الله سبحانه وتعالى يمنّ علينا بمصدر مالي جديد يُضاف إلى النفط، خصوصاً إذا كانت الكميات المكتشفة كافية للاستهلاك المحلي، مما قد يوفّر على الدولة ما بين 3 إلى 3.5 مليارات دولار سنوياً قيمة استيراد الغاز لصالح وزارة الكهرباء والماء لاستخدامه وقوداً لمحطات توليد الكهرباء والماء. وبهذا قد نستغني عن النفط ومشتقاته عبر الاعتماد على الغاز النظيف الصديق للبيئة.
ويتوقع أن تبلغ الطاقة أو الكميات الاحتياطية المكتشفة حدود تريليون قدم مكعب، مع وجود احتمالات لاكتشاف احتياطيات أكبر مع التعمّق في الدراسة والبحث، ومع مرور الوقت وتعلّم كيفية التعامل مع هذا المجال الجديد الذي لا نملك فيه خبرات سابقة كافية.
ولا نعلم حتى الآن كيف ستتعامل شركة نفط الكويت مع هذا الاكتشاف، وهل ستعمل منفردة أم ستطلب الدعم والتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة في الغاز، بهدف إنتاجه في وقت أسرع والحفاظ على هذه الثروة المكتشفة.
والكويت في حاجة ماسّة إلى الوقود النظيف، كغيرها من دول العالم، حفاظاً على البيئة وحمايةً للأجيال القادمة. فخفض نسبة الكبريت في النفط ومشتقاته أصبح ضرورة، ومع اكتشاف الغاز يمكن أن نكون قد حققنا خطوة مهمة نحو تحسين الصحة العامة وتقليل الانبعاثات الضارة التي تؤثر على البيئة المحلية وقد تمتد إلى الدول المجاورة. لكن الأهم اليوم هو الإسراع في إنتاج الغاز بأقصر وقت ممكن، والتقليل من اعتمادنا المحلي على النفط ومن استيراد الغاز من الخارج، وتوفير الأموال اللازمة لتطوير الحقول والمحافظة عليها. وقد يكون لنا مستقبلاً، وإن كان بعيداً، القدرة على التصدير الخارجي، وبذلك نحقق مصدر دخل إضافياً، أو بعبارة أخرى نوفّر البديل المطلوب.
وليس من المستبعد أن تتوافر لدينا كميات الغاز اللازمة، خاصةً أننا محاطون بدول كبرى منتجة ومصدّرة للغاز.
والأهم في المرحلة الحالية هو إيجاد شركاء خارجيين لدعمنا في تطوير حقول الغاز باستخدام أحدث التقنيات، ثم الاستفادة منه محلياً، مع إمكانية التطلّع إلى تصديره مستقبلاً ليكون منفذاً اقتصادياً آخر إلى جانب النفط.
لقد اكتشفنا الغاز في أراضينا، وعلينا تطويره خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، لنصبح عضواً في نادي الدول المنتجة للغاز مثل جيراننا في الخليج العربي، ولننطلق نحو صناعة جديدة علينا، تؤمن لنا مدخولاً مالياً وتوقف كلفة استيراد الغاز التي قد تتجاوز مستقبلًا 4 مليارات دولار سنوياً، ما يوفر مصدراً إضافياً لخزينة دولة الكويت.
كاتب ومحلل نفطي مستقل