دراسة عالمية تكشف الأنشطة الأفضل بعد التقاعد

شباب الدماغ مرتبط بالهوايات الإبداعية

7 ديسمبر 2025 10:00 م

خلصت دراسة بحثية دولية واسعة النطاق شملت أكثر من 1400 شخص بالغ من جميع الأعمار حول العالم إلى أن الأنشطة والهوايات الإبداعية، مثل الموسيقى والرقص والرسم وحتى بعض ألعاب الفيديو الإستراتيجية، قد تُساعد في الحفاظ على الدماغ «أصغر بيولوجياً» من عمره الحقيقي.

وكشف البحث أن الأشخاص الذين يُمارسون هوايات إبداعية بانتظام يُبدون أنماطاً دماغية تبدو أصغر من أعمارهم الفعلية، بل إن فترات قصيرة من النشاط الإبداعي مثل بضعة أسابيع من ممارسة ألعاب الفيديو الإستراتيجية، أظهرت فوائد ملحوظة.

وجمع الباحثون بيانات دماغية من أشخاص ذوي خبرة متقدّمة في رقص التانغو والموسيقى والفنون البصرية وألعاب الإستراتيجية، لكنهم جنّدوا أيضاً غير خبراء للمقارنة.

بالإضافة إلى ذلك، خضعت مجموعة ثالثة من المبتدئين لتدريب قصير الأمد على لعبة «ستار كرافت 2» الإستراتيجية، حتى يتمكّن الباحثون من رؤية كيف يؤثّر تعلّم مهارة إبداعية جديدة على الدماغ خلال بضعة أسابيع فقط.

وخضع جميع المشاركين لفحوصات دماغية باستخدام تقنيات تخطيط الدماغ الكهربائي وتخطيط الدماغ المغناطيسي، والتي تمّ إدخالها في نماذج تعلّم آلي تُسمّى «ساعات الدماغ» أو نماذج عمر الدماغ، وهي تُقدّر عمر الدماغ البيولوجي مقابل العمر الزمني، ثم استخدم الباحثون نماذج حاسوبية متقدّمة لاستكشاف سبب حماية الإبداع للدماغ، ووجدوا أن الهوايات تُساعد في تقوية الشبكات المسؤولة عن التنسيق والانتباه والحركة وحلّ المشكلات، والتي يُمكن أن تضعف مع التقدّم في السنّ.

وأظهر الأشخاص الذين مارسوا الأنشطة الإبداعية لسنوات أقوى انخفاضات في عمر الدماغ، لكن حتى المبتدئين شهدوا تحسّنات، حيث عزّزت الألعاب الإستراتيجية مؤشّرات عمر الدماغ بعد نحو 30 ساعة من التدريب.

وأكّد الدكتور كارلوس كورونيل، الباحث في معهد الصحة الدماغية العالمي بكلية «ترينيتي» في «دبلن» وجامعة «أدولفو إيبانيز»، أن أحد الاستنتاجات الرئيسية هو أنك لست بحاجة لأن تكون خبيراً للاستفادة من الإبداع، إذ وجدوا أن المتعلّمين استفادوا من جلسات تدريب موجزة على ألعاب الفيديو.

ويُعتبر هذا أول دليل واسع النطاق يربط بشكل مباشر بين مجالات إبداعية متعدّدة وتباطؤ شيخوخة الدماغ، رغم أن الأبحاث السابقة ربطت الإبداع بتحسين المزاج والرفاهية.

وقال الدكتور أغوستين إيبانيز، المؤلف الرئيسي من كلية «ترينيتي» في «دبلن»، إن الإبداع يظهر كمحدّد قوي لصحة الدماغ، يُمكن مقارنته بالتمارين الرياضية أو النظام الغذائي، وإن نتائجهم تفتح آفاقاً جديدة للتدخّلات القائمة على الإبداع لحماية الدماغ من الشيخوخة والأمراض.

وأضافت الدكتورة أنيتا بجيزيتسكا من جامعة «SWPS» أن النتائج تُشير إلى أن الأنشطة الإبداعية يجب دمجها في البرامج التعليمية والرعاية الصحية كأدوات لدعم صحة الدماغ.

كما أظهرت الدراسة أن ساعات الدماغ، وهي أداة جديدة نسبياً تكتسب زخماً في علم الأعصاب، يُمكن استخدامها لمراقبة التدخّلات الهادفة إلى تحسين صحة الدماغ.

ومع ذلك، حذّر الباحثون من أن النتائج مبكّرة وتأتي مع تحفّظات، بما في ذلك أن معظم المشاركين كانوا بالغين أصحّاء، وكانت العديد من المجموعات الفرعية صغيرة، ولم تتتبّع الدراسة الأشخاص على المدى الطويل لمعرفة ما إذا كانت الأدمغة ذات المظهر الأصغر تُؤدّي فعلاً إلى انخفاض خطر الإصابة بالخرف أو أداء يومي أفضل. كما أشار الباحثون إلى أن الأشخاص المبدعين غالباً ما يتمتّعون بمزايا أخرى، مثل التعليم الأعلى والحياة الاجتماعية القوية والوصول الأفضل إلى الفنون والأنشطة، ولم تستطع الدراسة فصل تلك العوامل تماماً عن تأثيرات الإبداع نفسها.

ونُشرت هذه الدراسة الرائدة في مجلة «Nature Communications» وأشرف عليها باحثون من 13 دولة بما في ذلك فرق من كلية «ترينيتي» في «دبلن» بإيرلندا وجامعة «SWPS» في «بولندا».