مع دعم إضافي من التخفيضات الضريبية واحتمال خفض الفائدة

«الوطني»: مرونة استثنائية للاقتصاد الأميركي 2026

4 ديسمبر 2025 10:00 م

- غموض السياسة النقدية نظراً لاختلاف وجهات النظر بشأن سوق العمل والتضخم
- تعيين رئيس جديد لـ«الفيدرالي» سيعزّز الميل التيسيري للسياسة النقدية
- إقناع الرئيس الجديد بقية الأعضاء بالتيسير النقدي أمر غير مضمون

أشار بنك الكويت الوطني إلى أن مواصلة النمو في الاقتصادات الكبرى خلال الفترة الأخيرة تجاوز التوقعات، دفع صندوق النقد الدولي إلى رفع توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 للمرة الثانية. أما بالنسبة لعام 2026، فباستثناء الصين، يُتوقع أن يكون النمو قريباً من مستويات عام 2025، رغم أن التقديرات الأخيرة تشير إلى تراجع طفيف. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن النمو 2025 حافظ على متانته رغم حالة عدم اليقين غير المسبوقة والمرتبطة بالتعريفات الجمركية، فمن الممكن أن يسجل النمو مفاجأة إيجابية في عام 2026 مدعومة بزيادة الإنفاق العام وانخفاض أسعار الفائدة.

أما في أوروبا، فيتوقع التقرير أن يكون نمو 2026 قريباً من مستويات 2025 مع إبقاء البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين يُرجح أن يقوم بنك إنكلترا بخفضها. وفي اليابان، يُتوقع أن يبقى النمو دون 1 %، بينما يُتوقع أن يتباطأ النمو الصيني بشكل ملحوظ في ظل غياب حوافز قوية، لكنه سيبقى فوق 4 %.

الولايات المتحدة

ورجح تقرير «الوطني» أن يحافظ الاقتصاد الأميركي على مرونته الاستثنائية في عام 2026، مع دعم إضافي من التخفيضات الضريبية واحتمال خفض أسعار الفائدة، رغم ضعف سوق العمل واستمرار التضخم عند مستويات مرتفعة. وتشير أحدث التقديرات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.8 % في 2026 (في حين يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً أقوى عند 2.1 %)، وهو أقل من مستويات تقارب 3 % التي تحققت في 2023-2024، نتيجة تأثير التعريفات الجمركية والقيود على الهجرة.

وذكر التقرير أن أحد العوامل الرئيسية وراء هذه المرونة هو أثر الثروة الناتج عن ارتفاعات قياسية في أسواق الأسهم وأسعار المنازل، ما ساعد في الحفاظ على مستويات إنفاق المستهلكين. إضافة إلى ذلك، فإن طفرة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تدعم الاستثمار في الأعمال وتعزز النمو. ومع ذلك، فإن أي تصحيح كبير ومستمر في سوق الأسهم، خصوصاً إذا ارتبط بمخاوف من فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، قد يؤدي إلى دوامة هبوطية.

كما أن إلغاء المحكمة العليا للتعريفات المتبادلة سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات الجمركية، ما يعيد المخاوف بشأن مسار الدين الفيدرالي، وقد يرفع عوائد سندات الخزانة الأميركية، وهو ما سينعكس سلباً على النمو.

أما الإغلاق الحكومي الأطول في التاريخ والذي انتهى أخيراً، فأدى إلى كبح النشاط الاقتصادي في الربع الرابع من العام الحالي وتسبب في تأجيل أو إلغاء نشر بيانات اقتصادية رئيسية.

ومع ذلك، لا تزال مؤشرات سوق العمل تظهر تراجعاً في التوظيف مع ضعف الطلب والعرض على العمالة، لكن حالات التسريح لا تزال منخفضة، مع زيادة معتدلة في البطالة بفضل استمرار النشاط الاقتصادي القوي.

وتوقع التقرير أن يبقى التضخم فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 % في 2026 نتيجة تأثير التعريفات الجمركية، رغم أن انخفاض تضخم الإيجارات وتراجع أسعار الطاقة سيخففان من حدة الضغوط.

مسار السياسة النقدية

وبالنظر إلى اختلاف وجهات النظر بين مسؤولي الفيدرالي بشأن سوق العمل والتضخم، يبقى مسار السياسة النقدية غير واضح.

وتشير التوقعات الحالية في الأسواق إلى ثلاث أو أربع تخفيضات في أسعار الفائدة بحلول نهاية 2026، وهو ما يبدو مبالغاً فيه بالنظر إلى المعطيات الاقتصادية التي تتضمن تضخماً مرتفعاً ومستقراً فوق المستوى المستهدف، نمواً اقتصادياً جيداً، وتحسناً محتملاً في الطلب على العمالة.

تجدر الإشارة إلى أن تعيين رئيس جديد للفيدرالي في مايو 2026، مع انتهاء ولاية جيروم باول، سيعزز الميل التيسيري للسياسة النقدية للبنك، لكن الرئيس الجديد سيحتاج لإقناع بقية أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بالسير في هذا الاتجاه، وهو أمر غير مضمون.

منطقة اليورو

لاحظ التقرير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو، أداءً أفضل من المتوقع، إذ بلغ 0.2 %، على أساس ربع سنوي، في الربع الثالث، فيما أكدت مؤشرات مديري المشتريات لشهري أكتوبر ونوفمبر على توسع أقوى في الربع الرابع.

وتدخل منطقة اليورو عام 2026 بآفاق نمو متواضعة وتضخم قريب من المستوى المستهدف، لكن التحديات الهيكلية وحالة عدم اليقين العالمية ستبقى تؤثر في مسار النمو. ويبقى السؤال الرئيسي: هل يمكن للمنطقة الانتقال من مرحلة المرونة إلى مرحلة القوة؟

وتبقى المخاطر الأخرى – خاصة ضعف التجارة العالمية والتوترات الجيوسياسية – عوامل ضغط على اقتصادات المنطقة المعتمدة على التصدير في 2026، كما أن الوضع السياسي في فرنسا، لا سيما في ما يتعلق بإقرار موازنة عام 2026، يمثل عقبة أمام ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة.

وتشير التوقعات إلى تراجع نمو منطقة اليورو قليلاً إلى 1.1% في 2026 من 1.4% في 2025. وفي ظل غياب إجراءات أكثر قوة من صناع السياسات، فقد تواجه المنطقة مزيداً من الركود النسبي، ما يضع البنك المركزي الأوروبي أمام مسار ضيق بين دعم النمو والحفاظ على استقرار الأسعار.

وتنحو التوقعات الحالية إلى إبقاء البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة عند 2 % حتى نهاية 2026، ولن يتغير هذا الموقف إلا في حال حدوث انخفاض كبير في التضخم أو تباطؤ حاد في النمو، وكلاهما غير مرجح حالياً.

المملكة المتحدة: ثبات التوقعات

لا يزال الاقتصاد البريطاني يواجه تحديات هيكلية ناجمة عن ضعف نمو الإنتاجية، وتراجع الاستثمارات، وهشاشة وضع المالية العامة. ورغم أن ميزانية نوفمبر حظيت بترحيب الأسواق بفضل زيادة هامش الإنفاق المتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أنها لم تعالج هذه العقبات الهيكلية.

اليابان: نمو أقل من 1 %

شهد الاقتصاد الياباني تراجعاً في الربع الثالث، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي 0.4 % على أساس ربعي، وهو أول انخفاض منذ الربع الأول من عام 2024.

أما بالنسبة للتوقعات، فيُرجح أن يبقى النمو في السنة المالية 2026 (المنتهية في مارس 2027) ضعيفاً عند 0.7 % وفق تقديرات الإجماع وبنك اليابان، مقارنة بنحو 1 % في السنة الحالية.

الصين: النمو يتباطأ

استمر الاقتصاد الصيني في فقدان زخمه مع استمرار التحديات الهيكلية، ما يمهد لعام صعب في 2026. ورغم تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.8 % على أساس سنوي في الربع الثالث (مقابل 5.2 % في الربع الثاني)، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى مزيد من التراجع؛ إذ انخفض نمو الإنتاج الصناعي إلى 4.9 % في أكتوبر، وتباطأت مبيعات التجزئة إلى 2.9 %، وهو أضعف أداء منذ أكثر من عام.

لكن الأهم هو الحفاظ على هذا الزخم في 2026 في ظل إبقاء الحكومة الصينية للنمو المستهدف قريباً من 5 %، وهو أمر يصعب تحقيقه دون زيادة التحفيز المالي.

وتشير توقعات صندوق النقد الدولي والإجماع إلى نمو بين 4.2 % و4.3 % في 2026، وهو تباطؤ ملحوظ لكنه متوقع في ظل التحديات.

وعلى الجانب الإيجابي، يوفر الاتفاق التجاري الأخير مع الولايات المتحدة متنفساً قصير الأجل، ويخفف الضغوط التي سادت معظم عام 2025، ويساعد في بناء الثقة بين الجانبين نحو اتفاق أكثر استدامة في المستقبل.