التلوث البلاستيكي ليس مجرد مشكلة مظهرية أو قمامة

«بقعة عملاقة» في المحيط الهادئ... موئل لمئات الأنواع البحرية

4 ديسمبر 2025 10:00 م

كشفت دراسة علمية حديثة نشرت في دورية «نيتشر إيكولوجي أند إيفوليوشن» أن بقعة القمامة العملاقة في المحيط الهادئ أصبحت كبيرة لدرجة أن عشرات الأنواع من الكائنات البحرية بدأت تتخذها موطناً دائماً لها.

وأشار الباحثون إلى أن هذه الظاهرة تمثل تحولاً بيئياً غير مسبوق، حيث إن التلوث البلاستيكي خلق نوعاً جديداً من الموائل في عرض المحيط المفتوح.

وتوجد بقعة القمامة في نظام الدوران شبه الاستوائي بشمال المحيط الهادئ بين كاليفورنيا وهاواي، حيث تميل التيارات الدائرية الضخمة إلى حبس الأجسام الطافية بدلاً من السماح لها بالانجراف بعيداً.

وأوضح العلماء أن هذه المنطقة تحتوي الآن على عشرات الآلاف من الأطنان من قطع البلاستيك القوية بما يكفي للتحرك في المحيط لسنوات لفترة طويلة، وعامل علماء الأحياء المياه الساحلية والمحيط المفتوح كحيين منفصلين، حيث كان من المتوقع أن تبقى الأنواع الساحلية على الصخور والأرصفة والشواطئ، بينما تنتمي الأنواع البحرية للبحار المفتوحة.

وجاء دليل رئيسي على عدم صحة هذا المفهوم بعد زلزال وتسونامي شرق اليابان الكبير في العام 2011.

وأوضح الباحثون أن الأمواج الضخمة اقتلعت أرصفة وقوارب وأجساماً بلاستيكية عديدة وأرسلتها تنجرف في المحيط الهادئ، وعلى مدى سنوات بعد ذلك، وصلت قطع من تلك الحطام إلى شواطئ أميركا الشمالية وهاواي، وعندما فحص العلماء تلك الأجسام، وجدوا أن العديد من الأنواع الساحلية اليابانية بقيت حية عليها لمدة ست سنوات على الأقل أثناء عبورها المحيط.

وقاد ذلك الاكتشاف إلى سؤال جديد: هل كانت هذه الأنواع الساحلية تمر فقط عبر المحيط المفتوح، أم أنها بدأت في تشكيل مجتمعات دائمة هناك؟ لاستكشاف ذلك، انضم العلماء إلى رحلات بحثية إلى الجانب الشرقي من الدوران، حيث جمع الطاقم 105 قطع من البلاستيك الطافي يبلغ طولها 15 سنتيمتراً على الأقل، بما في ذلك زجاجات وعوامات وصناديق وشباك وحبال ودلاء.

وكشف التحليل المخبري عن مجموعة متنوعة من الكائنات اللافقارية مثل البرنقيل والسرطان والمفصليات الصغيرة والحيوانات الطحلبية والهيدرات وشقائق النعمان البحرية. وفي المجمل، حدد الباحثون 46 نوعاً مختلفاً من اللافقاريات من ست مجموعات حيوانية رئيسية، منها 37 نوعاً ساحلياً، و9 أنواع بحرية، أي نحو 80 في المئة من التنوع على الحطام جاء من كائنات ساحلية.

وكانت اللافقاريات موجودة على 98 في المئة من الأجسام، وظهرت الأنواع البحرية على أكثر من 94 في المئة من القطع، بينما وُجدت الأنواع الساحلية على أكثر من 70 في المئة.

ومن الأسئلة الكبرى كانت ما إذا كانت الكائنات الساحلية مجرد ركاب موقتين أم يمكنها إكمال دورة حياتها بالكامل هناك.

ووجد الفريق أدلة على التكاثر والنمو، بما في ذلك إناث تحمل بيضاً أو صغاراً، وبنى تكاثرية على الهيدرات، وأفراداً صغيرة ومتوسطة الحجم وبالغة من النوع تعيش معاً، ما يشير إلى أن أجيالاً جديدة كانت تنمو على هذه الطوافات.

وخلص الباحثون إلى أن هذه النتائج تشير إلى ظهور مجتمع «بحري جديد» في المحيط المفتوح، يضم الأنواع البحرية المعتادة والأنواع الساحلية التي أصبحت قادرة على البقاء بعيداً عن الأرض بسبب البلاستيك الذي يعمل كموطن دائم.

كما أكد الخبراء أن التلوث البلاستيكي ليس مجرد مشكلة مظهرية أو قمامة، بل يغير أيضاً المكان الذي يمكن للحياة البحرية أن تعيش فيه، ويسمح للكائنات الساحلية بالبقاء والتكاثر والانتشار عبر مسافات هائلة، ما قد يعيد تشكيل النظم البيئية البحرية ونطاقات الأنواع حول العالم.