تحت القرارات اليومية تكمن مهارة «ما وراء المعرفة»

كيف تجعل عقلك يعمل بذكاء أكبر؟

29 نوفمبر 2025 10:00 م

في خضم انشغالنا اليومي بالتفكير وحل المشكلات واتخاذ الخيارات، نادراً ما نتوقف لفحص كيفية تفكيرنا.

وتحت قراراتنا اليومية، تكمن مهارة هادئة تشكل كل شيء، بدءاً من مدى جودة تعلمنا وصولاً إلى مدى ثقتنا في مواجهة التحديات. هذه المهارة هي «ما وراء المعرفة» (Metacognition)، والتي أظهر الباحثون في السنوات الأخيرة أن تعزيزها يمكن أن يحسن بشكل ملموس النتائج في العالم الحقيقي.

فما المقصود بمهارة «ما وراء المعرفة»؟ تتلخص الإجابة في الآتي: «هي التفكير في التفكير الخاص بالفرد». إنها مجموعة المهارات والعمليات التي تسمح للشخص بالمراقبة والتقييم والتحكم في نشاطه المعرفي. وعلى سبيل المثال، قراءة فقرة وملاحظة أننا لا نفهمها، ثم اتخاذ قرار بإعادة قراءتها، والتحقق لاحقاً مما إذا كنا نتذكرها.

وعلى الرغم من أن مهارة «ما وراء المعرفة» قد تبدو مجردة، إلا أن فوائدها للدماغ والحياة اليومية موثقة على نطاق واسع في البحث العلمي. وتظهر الدراسات باستمرار أن الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات أقوى في «ما وراء المعرفة» يتعلمون بشكل أفضل، ويتخذون قرارات أكثر حكمة، وينظمون العواطف بفعالية أكبر، ويتكيفون بشكل أسرع مع المواقف المعقدة.

* كيفية تحسين مهارة «ما وراء المعرفة»

1 - تحسين التعلم والذاكرة: تساعد هذه المهارة الدماغ على التعلم بكفاءة. ووجدت دراسة أن الطلب الذين أجروا بانتظام «أحكاماً على التعلم» (التوقف للتنبؤ بمدى فهمهم لشيء ما) تذكروا المادة بشكل أفضل بعد أسبوع. كما يظهر البحث أن الاختبار الذاتي، وهو إستراتيجية لـ «ما وراء المعرفة»، لا يعزز الاستدعاء فحسب، بل يحسن دقة ثقتنا في ما نعرفه.

2 - تعزيز حل المشكلات واتخاذ القرار: تساعد «ما وراء المعرفة» الدماغ على تقييم نهجه الخاص واختيار إستراتيجيات أفضل. وتظهر دراسات العلوم العصبية أن المراقبة لـ «ما وراء المعرفة» تنشط «قشرة الفص الجبهي»، وهي المنطقة المسؤولة عن التخطيط والتفكير والتحكم التنفيذي. ووجد تحليل بارز أن دقة «ما وراء المعرفة» تعتمد على مناطق محددة في الفص الجبهي، منفصلة عن الإدراك الأساسي أو الذاكرة.

3 - تقوية التنظيم العاطفي والصحة العقلية: تشير الدراسات إلى أن «ما وراء المعرفة» تلعب دوراً قوياً في تنظيم الأفكار والعواطف. ووجدت مراجعة منهجية واسعة أن المعتقدات السلبية لـ «ما وراء المعرفة»، مثل «لا يمكنني التحكم في قلقي»، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقلق والاكتئاب.

* كيفية تعزيز «ما وراء المعرفة» في الحياة اليومية:

على الرغم من أن «ما وراء المعرفة» قد تبدو مهارة تقنية، إلا أنها قابلة للتدريب بشكل مدهش. ويظهر البحث أن العادات الصغيرة والمتسقة يمكن أن تعيد تشكيل كيفية مراقبة الدماغ وتوجيه تفكيره.

ويقول «بريندان كونواي سميث»، مرشح الدكتوراه الذي يبحث في كيفية فهم «ما وراء المعرفة» وتطبيق فوائدها، إن «التدريب العقلي يشبه إلى حد كبير التدريب البدني»، مضيفاً أن «ما وراء المعرفة» هي مهارة يمكننا جميعاً تحسينها، بل ونصبح خبراء فيها.

* 3 طرق لتقوية مهارات «ما وراء المعرفة»:

1 - استخدم التساؤل الذاتي للتحقق من فهمك: وجد تحليل في «مراجعة علم النفس التربوي» أن التساؤل الذاتي يحسن بشكل كبير الفهم والاحتفاظ طويل الأمد لأنه يجبر الدماغ على تقييم عملية تفكيره الخاصة. اسأل نفسك أسئلة مثل: «هل أفهم هذا حقاً؟»، «ما هي الإستراتيجية التي أستخدمها؟»، «هل هذا النهج يعمل؟».

2 - جرب «أحكام التعلم»: تظهر الأبحاث أن «أحكام التعلم» تحسن دقة التعلم وتقلل من الثقة المفرطة، وهي واحدة من أكثر الأخطاء المعرفية شيوعاً أثناء الدراسة. بعد القراءة أو الدراسة، توقف وتوقع مدى احتمالية تذكرك للمعلومات لاحقاً.

3 - مارس الاسترجاع بدلاً من إعادة القراءة: تعني ممارسة الاسترجاع تذكر المعلومات من دون النظر إليها. ووجدت مراجعة أجريت في العام 2021 أن الاسترجاع لا يقوي الذاكرة فحسب، بل يحسن المراقبة الذاتية، ما يساعد الأشخاص على تحديد ما يعرفونه حقاً.