أخاطب في هذا المقال سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وأتمنى أن يقرأه بقلب الإنسان، لا بعقل السياسي، لأن المسألة لا تحتمل التأني والدراسة، والحق فيها واضح كوضوح الشمس، لا لبس فيه ولا غموض.
سمو رئيس مجلس الوزارء... إن الدولة، مشكورة، حسب المادة الثالثة من قانون الجنسية تمنح الأطفال الذين تركهم أهلوهم أمام المساجد كامل اهتمامها في دور الحضانة العائلية، حيث توفر لهم المشرفين، وتعطيهم كل ما يحتاجون من رعاية وتوجيه، وتصرف عليهم، وتصدر لهم جميع الأوراق الرسمية التي تثبت هويتهم إن كانوا مجهولي الوالدين، وتمنحهم الجنسية الكويتية، حتى إذا كانت سحنتهم تدل دون أدنى شك على هوية أخرى.
كما إن الدولة، مشكورة أيضاً، تمنح أبناء الكويتية المتزوجة من غير الكويتي كثيراً من الحقوق التي للكويتي، مثل حق التعليم والعلاج وغيرها، وهذا من حق المرأة الكويتية على بلدها، ولا اعتراض لنا عليه.
القضية المخزية يا سمو الرئيس أن يكون هناك أبناء لأب كويتي من زواج شرعي، وعليه شهود، أصدرت المحاكم فيه حكمها باسم حضرة صاحب السمو أمير البلاد، ومع ذلك ترفض كثير من الدوائر الحكومية، غير مشكورة، تنفيذه، تخيل يا سمو الرئيس! تخيل أن أولئك الأبناء لا أسماء رسمية لهم ولا هوية، هم موجودون وفي الوقت نفسه غير موجودين.
يذهب الأب المكلوم يريد العلاج في المستوصف والمستشفى، فيقولون له لابد من بطاقة مدنية، يتوجه للبطاقة المدنية يقولون له لابد من شهادة ميلاد، ينطلق ليصدر شهادة ميلاد، فيبتسم الموظف في وجهه ويعتذر عن تلبية طلبه، ويتعذر بضرورة وجود عقد زواج، مع أن حكم المحكمة أقوى في إثبات الزواج، وقس على ذلك كل شيء.
لماذا نعاقب أبناء مواطن كويتي لأن أمهم (بدون)، لماذا يربطون بين اصدار شهادة الميلاد وبين أن تذهب الأم للجنة الجنسية وتقر بجنسيتها الأصلية؟! ما ذنب ابن الكويتي، أليس ذلك تعطيلا لقانون الجنسية الذي يقول في مادته الثانية «يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي»، (ركز على كلمة (كل) طال عمرك، أم أن المادة الثالثة من القانون ذاته أولى بالتطبيق؟
لك يا سمو الرئيس أن تتخيل حياة أب كويتي يرى أبناءه يكبرون دون هوية، فلا أسماء رسمية لهم، لا علاوات زوجية، لا علاوة أبناء، يعيش وكأنه أعزب، لا علاج أو تعليم مجانيا لهم، وهذا يناقض نصوص الدستور صراحة، مع أننا نعامل المقيمين بصورة فيها من الإنسانية أكبر بكثير مما نعامل فيها أبناء الكويتي أولئك، بل تمنح الدولة بعض الفئات من أبناء المقيمين التعليم المجاني، فأي تناقض هذا؟!
أناشدك يا سمو الرئيس تطبيق القانون بحذافيره لا أكثر، أناشدك العدالة التي تناستها جمعية حقوق الإنسان، وبعض منظمات المجتمع المدني التي تدعي الدفاع عن حقوق المواطن الكويتي، و(تصدد) عنها بعض نواب (العازة) الذين يقللون من أهمية تلك القضية، وكأنها لا تعنيهم، رغم أن أعدادهم تجاوزت الـ (2000) طفل.
مرة أخرى يا سمو رئيس مجلس الوزارء أناشد فيك قلب الإنسان، وأتمنى إبعاد هذه القضية عن دهاليز السياسة، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]