قيم ومبادئ

متى يرجع زمن الطيبين؟!

20 نوفمبر 2025 10:00 م

هذا الوعي الزائف كيف يتم بناؤه بيننا اليوم؟ إن الإنسان ليعجب من حجم التلاعب في الذكاء الاصطناعي... حتى لا نرى الحقائق كما هي بل تصاغ العقول تبعاً للغة المصالح فقط... حينما تتحول الأدوات الثقافية ومحركات البحث السريع إلى أجهزة ضبط ورصد وإدارة الرأي العام لفئة الشباب من الجنسين ليبقى بعيداً عن أسباب النهوض الحقيقية وعن دائرة الحدث في قضايا الأمة المصيرية يدور في حلقة مفرغة وتُمنّيه بالأماني والأحلام الوردية، ويصور مقاطع فيديو لزمن الطيبين الذي يتمنى رجوعه ولكنها تهدم الثوابت حيث تُمجّد من لا يستحق وتُقصي المخلصين من أبناء الأمة والنتائج لهذا التأثير مُبهرة من كثرة المتابعين للتافهين والمتأثرين والناقلين (ريتويت) لأقوالهم ومواقفهم حتى تصبح (ترند) عالمياً بتحويل الحقائق إلى سرديات انتقائية وتروض العقول لتنسجم مع التوجهات الكبرى العالمية.

إنه في الحقيقة زمن (السيطرة الرمزية) فلم تعد المسألة فيمن يملك الحقيقة بقدر من يملك سردها للرأي العام وقطيع الجماهير اللاهثة وراء كل ناعق! وذلك لجهة إدارة الرأي العام في الشرق الأوسط وإشغاله بدوَّامات ثقافية وسلوكية وفكرية ما إن تنتهي دوَّامة لتشتغل أخرى في مكان آخر، وهكذا دواليك.

متى يرجع زمن الطيبين؟! هذا عنوان المقال، الكثير الكثير يتمنى عودة زمن الطيبين، وهو صادق في قوله، لكنه كاذب في فعله! فلا تطابق بين الأقوال والأحوال... فإذا كنت تحب زمن الطيبين فلابد أنك تحب أخلاق الطيبين وأفعالهم، ففي زمن الطيبين مثلاً كانوا ينامون مباشرة بعد صلاة العشاء، ويقومون قبل صلاة الفجر للتجهز للصلاة ثم الريوق ثم التوجه إلى ساحة الصفاة ينتظرون أرباب العمل يأخذونهم للعمل طوال النهار، وذلك بعد انتهاء موسم الغوص والسفر، أما اليوم فالناس تنام بالنهار وتسهر بالليل! ويتمنون زمان الطيبين!

زمن الطيبين كان الأغنياء يتظاهرون بالتواضع ويجالسون الناس في (قهوة بوناشي) أما اليوم فنجد الفقراء يتظاهرون بالثراء والكشخة بالماركات (المقلّدة) حتى كثرت قضايا الديون والضبط والإحضار للمتعثرين!

زمن الطيبين كانت المرأة الصمّاء والبكماء والعمياء أو العوراء أو الصلعاء إذا كانت ذات خُلُقٍ ودِين يخطبونها «على طول»، وتنجب ذرية طيبة، يصبحون رجال دولة، أما اليوم فيحطون من قدر المرأة ولو لم يكن بها شيء!

زمن الطيبين كان تجهيز المعرس باللباس دشداشة وغترة وعقالاً وبشتاً، وهي ملابس قد يكون بعضها مستعاراً من الجار... أما اليوم فتدخل أي صالون حلاقة فتجد على الجدار تجهيز معرس بـ200 دينار! بمعنى أنه كان يكلف قبل النفط 57.764.40 روبية وإذا سمع هذا أحد أهل الكويت قال: قامت القيامة!

زمن الطيبين الزواج سهل والطلاق صعب جداً، فمهما يحصل بين الزوجين نجد الأهل يقولون (المرأة ما لها إلا بيت زوجها) فترجع إلى عزّها وكرامتها عند زوجها وأولادها، أما اليوم فالطلاق سهل لأتفه الأسباب، والزواج أصعب من الصعب.

زمن الطيبين كان الواحد إذا أراد أن يشتري بيتاً يحرص على (سكه سَدّ) للستر والأمان، أما اليوم «ما يبون إلا بيت (رأس قوشه)».

زمن الطيبين كان الجار لا يعرف أن جاره عنده بنات، وذلك مبالغة في الستر والعفاف، مثلما حصل لوالدي حين خطب والدتي، رحمهما الله. أما اليوم «فيا كثرهم ويا قلة بركتهم» بالتشبه والخروج عن الذوق العام.

فإذا كان الحال كذلك! فمتى يرجع زمن الطيبين إذن؟!