في تطور علمي مدهش قد يُعيد تشكيل فهمنا للعقل البشري، طرح باحثون وعلماء أعصاب نظرية جديدة تتحدى المفاهيم التقليدية، ومفادها أن الذاكرة البشرية لا تُخزن بالكامل داخل الدماغ، بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك في كيان الإنسان الكلي.
وتستند هذه النظرية الثورية إلى أدلة من علم الأعصاب وعلم الظواهر «الفينومينولوجيا»، وحتى من بعض التقاليد الفلسفية القديمة.
وأشارت نتائج وخلاصات أبحاث حديثة إلى أن عملية التذكر هي نشاط ديناميكي يشمل الجسم بأكمله وعلاقته بالبيئة المحيطة، وليس مجرد استرجاع لمعلومات من أرشيف دماغي ثابت. وقد دعمت هذه الفرضية تجارب عديدة أظهرت كيف أن الذكريات يمكن أن تتأثر بالحالة الجسدية والبيئة المحيطة.
ومن بين أبرز الأدلة العلمية الداعمة لهذه النظرية:
• الذاكرة الجسدية: كيف يتذكر الجسم الصدمات والمهارات الحركية.
• الذاكرة الموزعة: دور البيئة والسياق في استدعاء المعلومات.
• العلاقات بين الشخصية: تخزين الذكريات ضمن الشبكات الاجتماعية.
وأظهرت دراسات أجريت على أدمغة بشرية بتقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي أن استدعاء الذكريات لا ينشط مناطق دماغية معينة فحسب، بل ينشط شبكات عصبية متوزعة في جميع أنحاء الجسم.
كما تشير تجارب إعادة التأهيل إلى أن المرضى الذين يعانون من إصابات دماغية يمكنهم أحياناً استعادة بعض الذكريات من خلال المحفزات الحسية والحركية.
وهذا التحول الجذري في فهم الذاكرة البشرية قد يفتح آفاقاً جديدة في علاج اضطرابات ما بعد الصدمة، ومرض «ألزهايمر»، ويعيد تعريف طبيعة الهوية البشرية ذاتها.
وقد بدأت بعض المراكز الطبية المتخصصة بالفعل في تطبيق إستراتيجيات علاجية تعتمد على هذا النموذج والفهم الجديد.