دور جديد لـ «كيميائي السعادة» خارج الدماغ

صلة غير متوقعة بين السرطان... وهورمون السيروتونين

15 نوفمبر 2025 10:00 م

لطالما ارتبط السيروتونين، المعروف باسم «هورمون السعادة»، بدوره المحوري في تنظيم المزاج والوظائف العصبية في الدماغ.

إلا أن أبحاثاً حديثة كشفت عن وجه آخر لهذا الناقل العصبي، كاشفة عن دور له غير متوقع ومثير للقلق في نشوء وتطور السرطان، وهو دور لا يتعلق بتأثيره على الدماغ، بل بآلية مختلفة تماماً في أجزاء أخرى من الجسم.

ويكمن المفتاح في أن الغالبية العظمى من السيروتونين في الجسم - حوالي 95 في المئة - يتم إنتاجها في الأمعاء، ومن هناك ينتقل عبر مجرى الدم ليؤثر على مجموعة واسعة من الأعضاء والأنسجة، بما في ذلك الكبد والبنكرياس والعظام والأنسجة الدهنية.

ويساعد سيروتونين الأمعاء في تنظيم وظائف حيوية متعددة، مثل مستويات السكر في الدم، ودرجة حرارة الجسم، وصحة العظام، وتحفيز الشهية وحركة الأمعاء. لكن الاكتشاف الأكثر أهمية هو قدرة السيروتونين على دخول الخلايا والتفاعل مباشرة مع الحمض النووي (DNA). فقد وجد العلماء أنه يرتبط

بـ «مفاتيح» جزيئية تتحكم في نشاط الجينات، ويمكن لهذا الارتباط أن يشغل الجينات المتورطة في نمو السرطان.

وقد لوحظت هذه الآلية في سرطانات الدماغ والكبد والبنكرياس، ما يشير إلى احتمال وجود دور له في أنواع أخرى عديدة من الأورام.

ويفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة لابتكار وتطوير علاجات مستهدفة تُعرف باسم العلاجات «فوق الجينية»، وهي العلاجات التي تهدف إلى إعادة برمجة الخلايا السرطانية عن طريق تعديل نشاط جيناتها مباشرة، ما يسمح بإيقاف تشغيل الجينات الضارة وتشغيل الجينات المفيدة من دون تغيير تسلسل الحمض النووي نفسه.

ويرى الباحثون أن تحديد المواقع المحددة التي يرتبط فيها السيروتونين بالجينات المرتبطة بالسرطان يمكن أن يدعم تطوير هذه العلاجات بدقة أكبر من الطرق التقليدية مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي. كما يتم استكشاف طرق للتحكم في مستويات السيروتونين التي تصل إلى الخلايا السرطانية.

وإحدى هذه الطرق هي استخدام مضادات الاكتئاب المعروفة باسم مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs). وتعمل هذه الأدوية عن طريق منع قنوات النقل التي تسمح للسيروتونين بالدخول إلى الخلايا، وبالتالي الحد من وصوله إلى الحمض النووي والتسبب في آثاره المعززة للسرطان.

ويؤكد الخبراء المختصون أن هذا النهج يمكن أن يكون علاجاً تكميلياً فعالاً، مع التأكيد على أن السيروتونين الذي يؤثر على المزاج في الدماغ يعمل بشكل مستقل عن السيروتونين المنتج في الأمعاء، ما يعني أن مستخدمي مثبطات (SSRIs) لا داعي للقلق من أن أدويتهم قد تزيد من خطر إصابتهم بالسرطان.