الذكاء الاصطناعي يكشف أسراراً جديدة في الدماغ البشري

10 نوفمبر 2025 10:00 م

بات العلم الحديث يقف على أعتاب ثورة غير مسبوقة في فهم أعقد عضو في جسم الإنسان، ألا وهو الدماغ، وذلك بفضل القوة التحليلية الهائلة والمتطورة للذكاء الاصطناعي.

فلقد تمكّن باحثون وعلماء متعددو الجنسيات من تطوير خوارزميات متطورة قادرة على تحليل كميات هائلة وغير مسبوقة من بيانات المسح الدماغي، كتلك الصادرة عن تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) وتخطيط الدماغ (EEG)، للكشف عن أنماط وروابط وعلاقات كانت غير مرئية سابقاً للعين البشرية أو لطرق التحليل التقليدية. هذا التقدم النوعي يفتح آفاقاً غير مسبوقة في تشخيص وعلاج الاضطرابات العصبية والنفسية.

ويتمثل أحد أبرز التطبيقات المذهلة في القدرة على «قراءة» الإشارات الدماغية وفك شفرتها وتحويلها إلى لغة. ففي تجارب رائدة، استطاعت نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة إعادة بناء الصور التي كان يشاهدها الأشخاص أو حتى تخمين الأفكار العامة والجمل التي يدورونها في أذهانهم بناءً على نشاطهم العصبي وحده.

وهذا لا يقودنا نحو مفهوم «قراءة الأفكار» بالمعنى الخيالي، بل يدفعنا بقوة نحو تطوير واجهات بين الدماغ والحاسوب فائقة الدقة يمكنها مساعدة المصابين بالشلل الكلي أو مرض التصلب الجانبي الضموري على التواصل مع العالم الخارجي بشكل فعال.

وفي الآتي أبرز التطبيقات:

• التشخيص المبكر والدقيق: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتشف العلامات الدقيقة والبسيطة المبكرة لأمراض مثل «ألزهايمر» و«باركنسون» و«الفصام» و«الاكتئاب» من خلال صور المسح الدماغي، وذلك قبل سنوات من ظهور الأعراض الواضحة والإكلينيكية، ما يسمح بالتدخل المبكر والعلاج الوقائي الأكثر فعالية.

• فهم البنية الدماغية المعقدة: يساعد الذكاء الاصطناعي في رسم خرائط أكثر تفصيلاً ودقة لشبكات الاتصال العصبية (Connectome)، ما يسلط الضوء على كيفية تدفق المعلومات وتكاملها في الدماغ السليم والمريض، ويكشف عن أساسات بيولوجية للسلوك والذاكرة والعواطف.

• تطوير علاجات شخصية: بفهم التركيب العصبي الفريد لكل شخص، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تطوير خطط علاجية دوائية وسلوكية مخصصة ومفصلة لكل مريض على حدة، ما يزيد من فرص الشفاء ويقلل الآثار الجانبية.

• التحديات الأخلاقية والاجتماعية الجسيمة: هذا التقدم الهائل يأتي مصحوباً بتحديات أخلاقية وقانونية واجتماعية جسيمة حول مفهوم الخصوصية العقلية، وإمكانية إساءة استخدام هذه التكنولوجيا للتأثير على الإرادة أو التجسس على الأفكار، والحاجة الملحة إلى تشريعات وقوانين صارمة وجديدة تحمي حريات الأفراد وكرامتهم.