بالقلم والمسطرة

عمدة يبحث عن كفيل!

10 نوفمبر 2025 10:00 م

بعد فوز زهران ممداني، بمنصب عمدة نيويورك في أميركا فإنه بهذا الحدث والذي كان له دوي عالمي قد بدأت مرحلة جديدة وتغيير جوهري في تلك المدينة الصاخبة، حيث إنه أول مسلم يتسلّم هذا المنصب والمتعلق بتصريف شؤون المدينة ورئاسة بلديتها ومصالحها المختلفة، فهو مهاجر ومن ذوي الأصول الهندية، فقد نشأ في أوغندا ثم انتقل مع أسرته إلى جنوب أفريقيا وبعدها في طفولته أيضاً مع عائلته إلى نيويورك وتخرج من كلية (بودوين) في تخصص الدراسات الأفريقية، فعاش بعمق في المجتمع الأميركي وهو ينتمي للحزب الديموقراطي.

وكل ما سبق لم يؤثر عليه أو يمنعه من ممارسه حقه في الطموح إلى الوصول لمنصب العمدة، فهذا ليس حكراً على طبقة مخملية أو سياسية دون أخرى وعندما رشح نفسه فإن برنامجه الانتخابي كان يركز على تكلفة المعيشة والإسكان الميسور وما يتعلق بالنقل العام وما يلامس وجدان ومتطلبات الطبقة الكادحة في مجتمعه، وهنا أريد التركيز فقط من زاوية ما حصل له من تحد للظروف والتمسك بالطموح مع تأكيدنا على رفض أي ظاهرة سلبية أيدها ممداني، في حملته الانتخابية، والتركيز في مقالتي كما قلت على أن المهم هو الكفاءة ومحاولة تحقيق طموح أو حلم معين والذي لا ينمو أو يزدهر إلا عندما يجد له المجال في البيئة المحفزة. والحق يقال هو موجود بأميركا والعالم الغربي والتي تتقبل صعود مثل ممداني وغيره مثل صادق خان، عمدة لندن ومناصب أخرى في المملكة المتحدة حصل عليها أشخاص مثل ظروف ممداني.

وكذلك أخيراً غزالة هاشمي، والتي فازت كأول مسلمة أيضاً بمنصب نائب حاكم ولاية فرجينيا الأميركية وفوز العديد من المسلمين في مناصب حكومية أميركية أخرى، وكل ذلك يؤكد على العدالة المجتمعية. وهنا أذكر كتاب

(نظرية في العدالة) لـ(جون رولز) صادر 1971، وهو من أهم الأعمال في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، والذي قدم فيه تصوراً لمجتمع عادل يقوم على مبادئ الحرية المتساوية للجميع والعدالة الاجتماعية، وكتاب آخر( السعي إلى المساواة في الغرب) لـ( ألدو سكيافوني) صادر 2022، عن دار نشر جامعة هارفارد، محاولاً تفسير كيف أصبح تحقيق العدالة الاجتماعية هدفاً مركزياً رغم استمرار الفوارق الاقتصادية والسياسية.

ومثل هذين الكتابين يؤكدان أن العمل الدؤوب هو المعيار للحصول على تلك المناصب والأماكن المرموقة بعيداً عن المعوقات التقليدية للأسف في عالمنا العربي إلا ما رحم ربي والأهم أن الشريعة الإسلامية الغراء هي التي تعلّم العالم أجمع عن المساواة والعدل.

وعودة إلى ممداني، فإن ثقته نتيجة النجاح وتحقيق حلمه انعكست بخطاب قوي محفز حوّل الحلم إلى حقيقة ودخوله لقاعة بلدية نيويورك وتحديه للرئيس الأميركي ترامب، كأول مسلم يقود المدينة التي لا تنام، ولو تخيلنا من باب الطرافة أنه عاش في دولة عربية ربما فقط يريد العيشة ويبحث عن كفيل لإقامته، ولكنه العالم الغربي الذي يقدر الكفاءات. وهنا نقطة أخرى بان اللوبي الصهيوني في نيويورك أضعف مما يتخيل البعض وفقط يحتاج إلى من يتحداه ويتم القياس على هذا الأمر لو اتفق العالم الإسلامي والعربي بقوته الاقتصادية والسياسية لتغلب بإذن الله تعالى على هذا اللوبي واستطاع مساندة أكثر وأسرع للحق الفلسطيني، وما يحصل في غزة والسودان. والله عز وجل المعين في كل الأحوال.

X@Alsadhankw