كشف فريق بحثي من جامعة كانساس عن قدرة ميكروبات التربة على الاحتفاظ بـ «ذاكرة» الجفاف، والتي تؤثر بشكل مباشر على نمو النباتات وبقائها في بيئات متفاوتة الرطوبة. وأظهرت الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر مايكروبيولوجي» أن النباتات الأصلية في كانساس، مثل العشب المحلي «غاماغراس»، تستجيب بشكل أقوى لهذه الذاكرة الميكروبية مقارنة بمحاصيل زراعية مثل الذرة، ما يشير إلى علاقة تطورية مشتركة بين هذه النباتات والميكروبات المحلية عبر الزمن.
وأجرى الباحثون تحليلاً جينياً كشف عن دور جين رئيسي يسمى «نيكوتيانامين سينثاز» مرتبط بتحمل الجفاف، حيث يُنتج هذا الجين جزيئاً يُساعد النباتات على امتصاص الحديد من التربة، بالإضافة إلى مساهمته في تعزيز صمود النباتات تحت ظروف الجفاف.
وقد لوحظ في الدراسة أن التعبير عن هذا الجين يزداد لدى النباتات التي تنمو في تربة تحوي ميكروبات تحمل ذاكرة الجفاف، ما يعكس تفاعلاً معقداً بين النبات والميكروبات الحاضنة.
وشملت الدراسة جمع عينات التربة من ستة مواقع في كانساس، تمتد من المناطق الرطبة الشرقية إلى هضاب الغرب الجافة، والتي تتأثر بانخفاض الأمطار بسبب ظل الأمطار لجبل الروكي. واحتُجزت المجتمعات الميكروبية في ظروف مياه وفيرة أو شحيحة لمدة خمسة أشهر لتعزيز تأثيرات تاريخ الرطوبة المختلفة. وأكدت النتائج أن ذاكرة الجفاف لدى الميكروبات ظلت واضحة حتى بعد آلاف الأجيال البكتيرية، مع تأثير أقوى على النباتات الأصلية مقارنة بالمزروعات المستوردة.
ومن أهم ما توصل إليه البحث:
• العلاقة التطورية بين النباتات الأصلية والميكروبات المحلية تعزز استجابة أفضل للجفاف.
• تحديد جين «نيكوتيانامين سينثاز» كمفتاح لفهم وتحسين تحمل النباتات للجفاف.
• إمكانات تطبيقية في الزراعة الحيوية لتعزيز مقاومة المحاصيل من خلال استغلال الميكروبات الحاملة لذاكرة الجفاف.
• دراسة التربة عبر تنوع بيئي من الرطوبة لتقييم تأثيرات الميكروبات على النباتات.
وتُعد هذه النتائج خطوة بارزة في ربط علم البيئة، علم الوراثة، والزراعة، وتفتح آفاقاً جديدة لشركات التكنولوجيا الحيوية لتحسين مقاومة المحاصيل الحيوية للجفاف عبر استخدام ميكروبات محلية تحمل ذاكرة بيئية مفيدة، ما يعزز الأمن الغذائي ويخفف آثار تغير المناخ على الإنتاج الزراعي مستقبلاً.