في رسالة تحدٍ قبل عام واحد من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، اكتسح الديمقراطيون ثلاثة سباقات في أول انتخابات أميركية رئيسية، كما صوّتوا بغالبية ساحقة بالموافقة على إعادة رسم الخريطة الانتخابية لولاية كاليفورنيا، مما وجه ضربة لولاية الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الثانية، الذي برر النكسة الجمهورية، بعدم وجود اسمه على ورقة الاقتراع، إضافة إلى الإغلاق الحكومي، ومشيراً إلى إن التصويت في كاليفورنيا تم تزويره، من دون تقديم دليل.
ففي مدينة نيويورك، انتخب زهران ممداني (34 عاماً)، الممثل الشاب للجناح اليساري في الحزب الديمقراطي والمعارض الشرس لترامب، رئيساً للبلدية في انتخابات كانت الاختبار الانتخابي الأول لسيد البيت الأبيض، متوجاً صعوداً مذهلاً من نائب غير معروف في الولاية إلى أحد أكثر الديمقراطيين شهرة.
وسيصبح أول رئيس بلدية مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة عندما يتسلم منصبه رسمياً في الأول من يناير المقبل، بعدما سجل تقدماً كبيراً أمام حاكم الولاية السابق الوسطي أندرو كومو والجمهوري كورتيس سليوا.
وبذل ترامب جهوداً لثني سكان نيويورك عن التصويت لممداني. لكن يبدو أنها لم تكن كافية، كما لم يكن كذلك النداء الذي وجّهه إلى الناخبين اليهود لمنع وصول المرشح المسلم إلى منصب رئيس بلدية المدينة.
وكان ممداني دائماً هدفاً للهجمات بسبب مواقفه من إسرائيل والحرب في غزة، لكنه لم يتراجع عنها، مؤكداً في الوقت نفسه خلال حملته رفضه القاطع لمعاداة السامية وسعيه لطمأنة المجتمع اليهودي.
وجعل ممداني المولود في أوغندا لعائلة من المثقفين من أصل هندي، من النضال ضد ارتفاع تكاليف المعيشة محور حملته.
ورغم أن ترامب وصفه بأنه «شيوعي»، فإن طروح ممداني تتوافق أكثر مع المبادئ الديمقراطية الاشتراكية.
وفي مؤشر إلى أن حملة ممداني أثارت حماسة العديد من الناخبين، أفاد مجلس الانتخابات بأنه تم الإدلاء بأكثر من مليوني صوت بما يشمل التصويت المبكر في أنحاء المدينة، وهو أكبر عدد من الأصوات في سباق على منصب رئيس البلدية منذ عام 1969 على الأقل.
ويدعو ممداني إلى فرض ضرائب على الشركات والأثرياء لدفع تكاليف السياسات اليسارية الطموح مثل تجميد الإيجارات ورعاية الأطفال المجانية والحافلات المجانية. وعبر مديرون تنفيذيون في وول ستريت عن قلقهم من وضع اشتراكي ديمقراطي على رأس العاصمة المالية للعالم.
وأعلن ممداني أن فوزه الحاسم يظهر الطريق لهزم ترامب ويمثل انتصار «الأمل على الطغيان»، مؤكداً أن «نيويورك ستكون النور في هذا الوقت من الظلام السياسي».
ووصف ترامب بـ«المستبد»، مندداً بسياسة الرئيس المعادية للهجرة والتي شهدت حملات توقيف اتسمت أحياناً بالعنف.
وأكد متوجهاً مباشرة إلى ترامب أن «نيويورك ستبقى مدينة مهاجرين».
من جهته، رحّب زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز بفوز ممداني، وقال «لقد عاد الحزب الديمقراطي».
وفي نيوجرسي، الولاية المجاورة لنيويورك، اختار الناخبون الديمقراطية ميكي شيريل لتكون حاكمتها الجديدة.
وكانت الولاية تُعد معقلاً للديمقراطيين خلال العقد الماضي. لكن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قلّص ترامب الفارق بشكل ملحوظ.
كذلك انتخبت ولاية فرجينيا الديمقراطية أبيغيل سبانبرغر، العميلة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية، بعد تقدمها على الجمهورية وينسوم إيرل-سيرز، وهي مجندة سابقة في مشاة البحرية.
لبنانيان وهندية
وأصبحت غزالة هاشمي، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية، أول مسلمة تتولى منصب نائبة حاكم ولاية فرجينيا.
ولدت هاشمي في مدينة حيدر آباد الهندية، ونشأت في ولاية جورجيا، ومثّلت مقاطعة تشيسترفيلد في مجلس شيوخ فرجينيا.
كما فاز الشاب الأميركي - اللبناني مو بيضون من بلدة بنت جبيل، برئاسة بلدية ديربورن هايتس، ليحل محل العمدة السابق بيل بزي، أول عمدة مسلم للمدينة، والذي يشغل الآن منصب السفير الأميركي في تونس.
وجدد الناخبون في مدينة ديربورن - ولاية ميتشيغن، انتخابهم للأميركي - اللبناني عبدالله حسين حمود، عمدة للمدينة.
وأصبح حمود في 2021، أول عربي ومسلم يتولى رئاسة بلدية المدينة.
ورغم ان السباقات الثلاثة جرت في مناطق ذات ميول ديمقراطية لم تدعم ترامب في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، فإنها تعد بمثابة مقياس لرد فعل الناخبين على فترة الأشهر التسعة التي قضاها الرئيس الجمهوري في البيت الأبيض.
كاليفورنيا
وفي ولاية كاليفورنيا، وافق الناخبون على منح المشرعين الديمقراطيين سلطة إعادة رسم خريطة الولاية في الكونغرس، رداً على مبادرة مماثلة لترامب في ولاية تكساس، ما يوسع نطاق معركة على المستوى الوطني حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية التي يمكن أن تحدد الحزب الذي سيسيطر على مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
وتُعدّ هذه النتيجة انتصاراً كبيراً للحاكم غافين نيوسوم الذي يعزز مكانته كزعيم للحزب الديمقراطي من خلال استعداده لمواجهة ترامب.
ممداني يشكر زوجته السورية
خطفت راما دوجي السورية الأصل، عقيلة عمدة نيويورك المنتخب حديثاً زهران ممداني، الأضواء خلال ظهورها أثناء إلقاء زوجها خطاب النصر بعد فوزه برئاسة بلدية المدينة.
وأثناء إلقائه خطاب النصر، مساء الثلاثاء، أشار ممداني بشكل خاص إلى زوجته، قائلاً «ولزوجتي الرائعة راما... لا يوجد أحد أود أن يكون بجانبي في هذه اللحظة وفي كل لحظة أكثر منها».
وهتف الجمهور بحماس عند ذكر ممداني لزوجته، ما يعكس الدور المهم الذي لعبته في حملته الانتخابية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
ولدت راما (28 سنة)، في هيوستن، وتنحدر من أصل سوري، وانتقلت إلى دبي عندما كانت في التاسعة من عمرها.