دراسة جديدة تكشف آلية الانحياز للتبسيط

العقل البشري يُفضِّل التفسيرات البسيطة على الحقائق المعقدة

3 نوفمبر 2025 10:00 م

كشفت أبحاث جديدة في مجال علم النفس عن ميل فطري لدى العقل البشري إلى تفضيل التفسيرات البسيطة على التفسيرات التي تعتمد على حقائق أكثر تعقيداً، حتى عندما تكون التفسيرات المعقدة هي الأكثر دقة.

وتُظهر نتائج دراسة نُشرت في مجلة «الذاكرة والإدراك» (Memory & Cognition)، أن الأفراد يركزون بشكل أساسي على الأسباب الظاهرة أو المعروفة، بينما يتجاهلون العوامل الخفية أو الغائبة، ما يقود إلى استنتاجات مفرطة في التبسيط. ورغم أن هذا الانحياز للتبسيط قد يكون فعالاً في بعض الأحيان، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى أخطاء جسيمة في الحكم والتقدير في مجالات حيوية مثل الطب والاقتصاد والسلوك البشري.

وحصلت الدكتورة ثاليا فانتسيديس، الأستاذ المساعد في جامعة ولاية ميسيسيبي، على جائزة أفضل مقال لعام 2025 من جمعية العلوم النفسية (Psychonomic Society) عن ورقتها البحثية التي تستكشف هذه الظاهرة.

وتوضح فانتسيديس أن الناس يميلون إلى التركيز على الأسباب «الموجودة» وتجاهل الأسباب «الغائبة» التي قد تكون ذات صلة ولكنها غير قابلة للملاحظة المباشرة، ما يؤدي إلى المبالغة في تقدير قيمة التفسيرات البسيطة.

فعلى سبيل المثال، عند تقييم أعراض مريض، يفضل المشاركون في الدراسة التفسير القائم على سبب واحد (مرض واحد) حتى عندما يكون التفسير الأكثر دقة هو وجود سببين أو مرضين.

وتُسلط النتائج الضوء على الآلية الكامنة وراء «شفرة أوكام» (Ockham's razor) في التفكير البشري، وهي المبدأ الذي ينص على أن أبسط تفسير هو الأرجح. ورغم أن هذا المبدأ مفيد، إلا أن الدراسة تحذر من تطبيقه بشكل أعمى.

كما تُشير إلى أن التفسيرات البسيطة قد تكون مُرضية ومريحة للعقل، لكنها قد تكون مضللة في الواقع.

وتؤكد الدكتورة فانتسيديس أن الاعتراف بالعوامل غير المرئية والتساؤل عن البساطة الظاهرة يمكن أن يُحسن من جودة الاستدلال ويجنّب الوقوع في فخ الاستنتاجات المضللة.

ويُمكن للأفراد التغلب على هذا الانحياز من خلال التفكير المتعمد في الأسباب المتعددة أو الخفية ومقاومة جاذبية التفسيرات السهلة والمُرتّبة.

وتُعدّ هذه الدراسة دعوة للتفكير النقدي والتعمق في الأسباب الجذرية للظواهر، بدلاً من الاكتفاء بالسطحيات، ما يساهم في اتخاذ قرارات أكثر استنارة في الحياة اليومية والمهنية.