تسود خلافات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية بشأن آلية تشكيل القوة الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بموجب خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية (كان 11)، أن تل أبيب تعارض أن يتم إنشاء القوة بقرار من مجلس الأمن أو أن تشارك فيها قوات تركية مسلحة.
وأشارت في تقرير إلى أن الولايات المتحدة «تسعى إلى تسريع عملية تشكيل القوة متعددة الجنسية في غزة»، غير أن ذلك «يثير احتكاكات متزايدة» مع حكومة بنيامين نتنياهو، التي تبدي تحفظات على أن تكون للأمم المتحدة صلاحيات مباشرة في الإشراف على القوة، على غرار قوات «اليونيفيل» في لبنان و«أوندوف» في الجولان السوري المحتل.
ونقلت القناة عن مصادر في الأجهزة الأمنية، أن حركة «حماس يمكنها أن تعيد مزيداً من الأسرى القتلى وفقاً للتقديرات الاستخبارية، لكنها لا تبذل ما يكفي من الجهد لذلك، ولن نسمح بدخول معدات ثقيلة لغزة أو فتح المعابر قبل معرفة طبيعة وصلاحيات القوات التي ستدخل القطاع... الكلمة الأخيرة ستبقى للجيش الإسرائيلي».
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن واشنطن تقود مباحثات متقدمة لإقامة «قوة استقرار دولية» تضم وحدات من دول عربية وإسلامية فقط، من دون مشاركة غربية مباشرة، على أن يكون مقر قيادتها في «مركز التنسيق المدني العسكري الأميركي» في مستوطنة كريات غات على حدود القطاع المنكوب.
في المقابل، تتمسك إسرائيل بأن تكون السيطرة الميدانية والقرار الأمني في القطاع بيدها، رافضة أي نموذج أممي مشابه لقوات حفظ السلام.
يأتي ذلك فيما يزور وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، واشنطن الأسبوع الجاري، لإجراء مباحثات حول مسودة القرار الأممي بشأن تشكيل القوة الدولية.
وتشير التقارير إلى أن زيارة ديرمر ستتركز حول «بلورة الصيغة النهائية لمسودة قرار دولي يتيح تشكيل القوة»، بمشاركة مبعوثي الرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
وبحسب التقارير، فإن «الاختلاف مع واشنطن لا يتعلق فقط بالجهة المخولة بتشكيل القوة، بل أيضاً بطبيعة صلاحياتها»، في حين تصر غالبية الدول المرشحة للمشاركة على «صدور قرار رسمي من مجلس الأمن قبل الانتشار».
وقال مراقبون في جامعة تل أبيب أن «التحول الأميركي من دور الشريك الإستراتيجي إلى لاعب مباشر في صناعة الواقع الفلسطيني يمثل نقطة تحول تاريخية تستدعي مراجعة عميقة للسياسات الإسرائيلية».
وبحسب مصادر عسكرية، فإن «القوات الإسرائيلية تواصل انتشارها في مناطق محددة من غزة، لكن ضمن قيود لم تعهدها سابقاً»، مؤكدة أن «كل تحرك عسكري يحتاج الآن إلى موافقة مسبقة من الجانب الأميركي».
وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» في تقرير أنه «حسب الخطة الأميركية، فإن القوة متعددة الجنسية ستنتشر على طول الخط الأصفر».
وأضافت أن «هذه القوة ستمثل قوة فصل يفترض أن تمنع الحوادث على طول الخط» بين الجيش الإسرائيلي و«حماس»، موضحة أن «الأميركيين يرسمون منذ الآن خرائط منطقة الفصل بشكل يترك في يد إسرائيل سيطرة على نقاط أساسية، لكن المعنى هو انسحاب إسرائيلي آخر في قسم من قطاع غزة».
وعن التفاصيل التنفيذية، أوردت الصحيفة أن «القوة متعددة الجنسية ستنشر أيضاً في المجالات الإنسانية الآخذة في الإنشاء في مناطق عدة بالقطاع».
وبحسب الخطة، فإن «هذه المجالات ستضم مباني للمدارس وعيادات وشبكات مواصلات وكهرباء وماء ومجاري»، وسيمكث فيها الغزيون الذين فقدوا بيوتهم «على مدى فترة الإعمار، أي بضع سنوات».
مفاوضات مع العشائر والميليشيات
وكشف تقرير «إسرائيل هيوم»، عن أن «الأميركيين يجرون منذ الآن محادثات مع رؤساء العشائر والميليشيات التي شكلتها وسلحتها إسرائيل لتنسيق الدخول وأخذ المسؤولية عن المجال»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تساعد في هذه المحادثات والنية هي الوصول إلى تنسيق وتعاون».
وحسب ما نقلته الصحيفة، فإن «المشكلة كانت ولاتزال وجود حماس كجسم مسلح مقاتل ومسيطر يواصل استخدام السلاح تجاه الجيش الإسرائيلي»، مؤكدة أن «باستثناء القوة الفلسطينية المدربة في مصر، لا توجد في هذه المرحلة قوات أخرى مستعدة للدخول».
وأضاف التقرير أن «الأميركيين يبذلون جهداً لإقناع بضع دول بالانضمام إلى الخطة الانتقالية»، مشيراً إلى أن العديد من الدول «تتبنّى موقفاً متحفظاً وتريد تفويضاً من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفق البند السابع».
من جانبه، قال مصدر أميركي عن مسألة مشاركة قوات تركية، إن «لإسرائيل حق النقض على هوية الجنود الذين يفترض أن يشاركوا في القوة».
وتابع «الأتراك يتحدثون فقط عن مهندسين ومهنيين من الجيش للمساعدة في الإعمار، لكن إسرائيل تعارض هذا أيضاً».
في السياق، قال الباحث ميخائيل ميلشتاين إن «إسرائيل علقت في هذا الواقع، كثير التقديرات، بفضل إصرارها على عدم البحث في اليوم التالي»، محذراً من أن «التمسك بالأوهام والاستخفاف بالعلاقات مع العالم يمنع تحقيق الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل».
وتؤكد التطورات الأخيرة أن «الواقع الجديد يفرض على تل أبيب التعامل مع معادلات مختلفة، حيث أصبحت واشنطن هي صاحبة القرار الرئيسي في تحديد ملامح المرحلة المقبلة في غزة»، ما يستدعي - حسب التحليلات - «مراجعة إسرائيلية شاملة لإستراتيجيتها وسياساتها».