كشف الباحثان في معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي كوبي ميخائيل وعوفر غوترمان، في تحليلٍ إستراتيجيٍ مطول، النقاب عن رؤيةٍ لإعادة ضبط البوصلة الإسرائيلية في ظل ما يُعرف بـ «خطة ترامب» للشرق الأوسط، معتبرين أن إنشاء مساحة حكم فلسطينية بديلة لحركة «حماس» في الأراضي الخاضعة حالياً لسيطرة الجيش الإسرائيلي يمكن أن يكون «الحجر الأساس المهم» لتعزيز رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبنية إقليمية جديدة.
وأكد التقرير، الذي حمل عنوان «خطة ترامب - المخاطر والفرص»، أن هذه الخطة، رغم تداولها على نطاق واسع، «لاتزال مجرد خطة محتملة تنتظر التنفيذ»، باستثناء التقدم الملموس في المرحلة الأولى المتعلقة بتبادل الأسرى وإعادة الانتشار الإسرائيلي.
ورأى الكاتبان أنه في حال تطبيق الخطة بالكامل، فيمكن اعتبارها «إنجازاً مهماً لإسرائيل»، وتحقيقاً لأهداف الحرب التي حددتها الحكومة، لاسيما عبر تحقيق «عائد إستراتيجي» يتمثل في توسيع كبير لاتفاقيات إبراهيم كأساس لهيكلية إقليمية جديدة تُعدّ إسرائيل عنصراً محورياً فيها.
لكنهما حذرا في المقابل من أن «حماس»، التي اتهماها بانتهاك الاتفاق منذ إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي، «لا تنوي الاختفاء من الخريطة السياسية، ناهيك عن نزع سلاحها». وأوضحا أن الحركة، ومن خلال بيان «معقد الصياغة»، رفضت الخطة عملياً من حيث نزع السلاح وتشكيل هيئة حكم تكنوقراطية، مبدية استعدادها للتخلي عن السيطرة المدنية، وليس عن نفوذها الفعلي فعناصرها مؤثرون وذوو قدرة وكفاءة ونفوذ قوي.
الإطار المفاهيمي... واللعبة الكبرى
وشدد ميخائيل وغوترمان على أن استخدام مصطلح «خطة» هو «مضلل»، موضحين أن إطار ترامب هو في جوهره «مجموعة من المبادئ المصممة لتحقيق هدف إستراتيجي يتجاوز نطاقه وجوهره قطاع غزة ويمتد للمنطقة برمتها».
وأشارا إلى نجاح ترامب في حشد قادة دول عربية رئيسية ودول كبرى لدعم الإطار، وإقامة قمة احتفالية في شرم الشيخ لإعلان «فجر جديد» في الشرق الأوسط، ما رسّخ في الأوساط الدولية فكرة انتهاء الحرب في غزة.
وأضافا «من خلال هذه الخطوة، رسّخ الرئيس ترامب انتهاء الحرب في غزة، فارضاً قبول الخطة على كل من إسرائيل، وعبر قطر وتركيا ومصر، على حماس». إلا أنهما لفتا إلى أن هذا القبول كان «مشروطاً وشكلياً إلى حد كبير» من الجانبين.
البديل الآمن
وفي قلب رؤيتهما لتحويل الأزمة إلى فرصة، اقترح الباحثان أن تبدأ إسرائيل الآن في تهيئة الظروف لتنفيذ البندين 16 و17 من الإطار، المتعلقين بإنشاء حكومة تكنوقراط فلسطينية ونشر قوة استقرار دولية. وأوضحا أن المنطقة الأنسب لذلك هي المنطقة الواقعة بين خان يونس ورفح (شرق غزة)، والتي يمكن توسيعها لتصبح «منطقة آمنة».
وقالا إن الهدف هو إطلاق عملية إعادة إعمار وشيء أكثر عمقاً: «تهيئة عملية تعافي اجتماعي-مدني». وأضافا أن هذه المنطقة يجب أن تتطور لتصبح «نقيضاً للمنطقة الخاضعة لسيطرة حماس - تتميز بالبناء والتنمية والأمن والحرية وإعادة التأهيل، بدلاً من الدمار وانعدام الأمن والقمع والفقر؛ النور مقابل الظلام، الأمل مقابل اليأس».
وأكد التقرير أن هذه المساحة الجديدة يجب أن تقدم نفسها «كبديل واضح - الخيار المفضل والمستنير لسكان غزة، وأساساً لمستقبل القطاع بأكمله»، معتبراً أنه مع انتقال السكان إلى هذه المنطقة، «ستفقد حماس أحد أهم مصادر قوتها، بالإضافة إلى درعها البشرية. والأهم من ذلك، أن حماس ستُضعف أيديولوجياً بفعل البديل الذي ينمو على أعتابها ويحل محلها».
وخلص التقرير إلى أن التحدي الذي يواجه إسرائيل الآن هو ضمان الدعم الأميركي والشرعية الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها في قطاع غزة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية إذا رفضت حماس نزع سلاحها، مع الحفاظ في الوقت ذاته على المشاركة النشطة لترامب وتجنب أي مظهر لعرقلة تنفيذ الإطار الذي قدّمته إدارته.